ينطلق قطار تم تحويله إلى مستشفى باتجاه لفيف في غرب أوكرانيا، ناقلا جرحى لإجلائهم بعيدًا عن المعارك العنيفة في شرقي البلاد.
فيما القطار يبتعد، يشعر الكهربائي إيفين بيريبليتسيا (30 سنة) بالامتنان لأنه سيتمكن من رؤية أطفاله مجددًا بعدما كاد يفقد حياته. يقول الرجل: "نأمل أن يكون قد انتهى الأسوأ، وأنه بعد كلّ ما مررت به سيكون الوضع أفضل".
وكان بيريبليتسيا ضمن 48 جريحا ومريضا من المسنّين تمّ إجلاؤهم من شرق أوكرانيا في نهاية الأسبوع الماضي، ووصل إلى مدينة لفيف، مساء الأحد، في عملية الإجلاء الأولى من شرق أوكرانيا منذ أن أودى قصف روسي بـ52 شخصًا في محطة قطار كراماتورسك، الجمعة، ورابع عملية تنظمها منظمة "أطباء بلا حدود" منذ بداية الغزو الروسي.
ويروي بيريبليتسيا كيف خسر رجله بسبب القصف في بلدته هيرسكي في منطقة لوغانسك الشرقية. كان يقف خارجًا بعد أن ناقش مع زوجته فكرة ترك منزلهما للانضمام إلى أولادهما في لوغانسك. "قمت بخطوة إلى الأمام، وعندما قمت بالثانية، وَقَعْت. تبيّن أن القصف كان قريبا جدا مني، أصاب نصبًا تذكاريًا، ومزّقت شظية منه رجلي".
وتقول زوجته يوليا (29 سنة) إنها كانت مرعوبة من فكرة أن تفقده، وتوضح: "فقد الوعي مرّتين في وحدة العناية المركزة. لم نستطع إنقاذ رجله، لكننا أنقذنا حياته". وتلفت إلى أن لديهما ثلاثة أطفال ينتظرونهما في لفيف مع جدّتهما.
وحمل المسعفون العاجزين عن المشي على نقالات في سيارات الإسعاف، وساعدوا الآخرين بالمشي، أو على الكراسي المتحركة للصعود إلى الحافلات.
في إحدى الحافلات، جلست براسكوفيا (77 سنة) مع ضمادة بيضاء كبيرة على عينها، وشبكة فوق رأسها لإبقاء الضمادة ثابتة، وقالت العجوز الآتية من قرية نوفودريزيسك في لوغانسك: "عيناي تؤلمانني. لكن الأطباء في القطار كانوا رائعين".
أمامها، يجلس ايفان (67 سنة)، والذي يقول إنه أجبر على البقاء يومين في قبو بعد لإطلاق النار عليه على الطريق، ووضع الجيران في بلدة بوباسنا في لوغانسك، ضمادات له قبل أن تصل فرق الإسعاف.
ويلفت منسق العمليات في القطار المستشفى التابع لـ"أطباء بلا حدود"، جان كليمان كابرول، إلى أن القطار نقل 48 شخصًا إلى برّ الأمان بنجاح، لكن لا يزال كثيرون آخرون بحاجة لمساعدة. وقال إن قطارا آخر سينطلق قريبًا لمواصلة الإجلاء طالما كان ذلك ممكنًا.
وفي وقت سابق من الحرب، اتّجه القطار إلى زابوريجيا لنقل ثلاث عائلات أصيبت بجروح أثناء محاولتها الفرار من مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة.
وبعد ذلك، ساهمت عمليتا إجلاء بإنقاذ عشرات المرضى، معظمهم من كبار السن، من كراماتورسك، وغادروا قبل أيام فقط من الهجوم الروسي على محطة القطار.
وأعلنت الأمم المتحدة مقتل 1793 مدنيًا على الأقل، وإصابة 2439 بجروح منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، إلّا أن الحصيلة الفعلية أكبر. وأُرغم أكثر من عشرة ملايين شخص على الفرار من منازلهم.
وطالبت السلطات الأوكرانية جميع سكان شرقي البلاد في الأيام الأخيرة بالفرار غربًا خوفًا من أن تعبئ موسكو جميع قواتها العسكرية في الشرق بعد أن تراجعت من محيط العاصمة كييف.
(فرانس برس)