استمع إلى الملخص
- الحاج عبد الغني يعبر عن معاناته بسبب الاستيلاء على أراضيه ويشير إلى تهويد القرية منذ الانتفاضة الثانية، مع تصاعد إنشاء بؤر استيطانية جديدة.
- سكان جالود يقاومون يومياً للحفاظ على أراضيهم وهويتهم رغم الخطر المتزايد من المستوطنين المسلحين والإجراءات الإسرائيلية، مع تجاهل الاحتلال والمستوطنين للقرارات القضائية التي تؤكد حقوق الفلسطينيين.
خلال الأشهر الماضية، استولى المستوطنون على مساحات كبيرة من أراضي قرية جالود الفلسطينية، وعزلوها عن البلدات والقرى المجاورة لها، مثل قريوت وتلفيت وغيرها، ما ينذر بتعرض الأهالي لهجمات دموية، من دون أن يهرع أحد لإنقاذهم.
لم يعد يستطيع الحاج الفلسطيني عبد الغني حاج محمد (72 عاماً) الوصول إلى أراضيه المزروعة بالزيتون وكروم العنب بعدما أحاط بها المستوطنون من كل الجهات ونصبوا سياجاً حديدياً حولها وحول عشرات من الأراضي الزراعية الأخرى التابعة للمواطنين الفلسطينيين الذين يسكنون في قرية جالود التي تقع جنوب شرق مدينة نابلس شماليّ الضفة الغربية المحتلة، ما يعني أن القرية كلها تحوّلت إلى جزيرة صغيرة في بحر استيطاني كبير.
يقول حاج محمد لـ"العربي الجديد": "ضاعت قرية جالود. إذا استمر المستوطنون على هذا النهج، لن تبقى قرية بهذا الاسم. أنا لا أبالغ، فقريتنا تتعرض منذ الانتفاضة الثانية التي اندلعت نهاية عام 2000 لعملية تهويد ممنهجة من المستوطنين الذين سرقوا عشرات آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية والسهول، وأنشأوا بين كل بؤرة استيطانية وأخرى بؤرة جديدة، وربطوا بينها بطرق التفافية".
كاميرات مراقبة
يضيف: "زرعوا الخوف في قلوبنا. ومن يحاول أن يصل إلى أرضه قد يدفع حياته ثمناً. الكاميرات الموصولة في غرف المراقبة داخل معسكرات جيش الاحتلال والمستوطنات تنقل لهم كل تحركاتنا. إذا اقترب أحدنا يجد حارس المستوطنة المسلح قد سبقه، وأشهر السلاح في وجهه واعتدى عليه وأجبره على العودة".
يتابع: "بتنا نحتاج إلى الحصول على إذن من ضابط الإدارة المدنية الإسرائيلية أو من مسؤول في مجلس المستوطنات كي ندخل أراضينا. هذا ظلم كبير، فالمستوطنون يسرقون أرضنا ويحرقون الأشجار والمحاصيل ويمنعون السيارات من الوصول، ولا أحد يحرك ساكناً".
"مناطق الأفضلية القومية"
قبل عقد من الزمن، صدّقت حكومة الاحتلال على إضافة مستوطنة "شفوت راحيل" المشيّدة على أراضي قرية جالود إلى "مناطق الأفضلية القومية" بهدف تعزيز الاستيطان جنوبي محافظة نابلس، والتمهيد لتشريع البؤر الاستيطانية التي تقع شرقها، وبالتالي لإنشاء تجمّع استيطاني كبير في المنطقة، وهو ما حصل.
ويعلّق الناشط في مقاومة الاستيطان بقرى جنوب شرقي نابلس، بشار معمر، بالقول لـ"العربي الجديد": "تضاعف عدد المستوطنين في المنطقة بشكل ملحوظ، واليوم يشارك 50 مستوطناً على الأقل، وكثير منهم مسلحون في أي هجوم يتعرض له ريفنا. وفي جالود يشارك عدد أكبر بكثير من المستوطنين في أي اعتداء، ما يدل على تزايد إقبال المستوطنين على الإقامة في المستوطنات المشيّدة على أراضينا. وهم يخططون لشنّ اعتداءات علينا في محاولة يائسة لإجبارنا على الرحيل".
ويلفت معمر إلى أن "بؤراً استيطانية كثيرة تحاصر جالود، مثل آيش كودش وإحيا وكيدا التي شهدت أخيراً عمليات توسيع عبر السيطرة على الأراضي المجاورة لها، فالمستوطنون يستغلون عدم قدرة المزارعين الفلسطينيين على الوصول إلى الأراضي الزراعية في محيطها لتوسيع البؤر العشوائية".
وسيطر المستوطنون أخيراً على حيّ الشيخ بشر المقام على تلة من بين 7 تلال احتلوها، تتوزع فوق جبال جالود وقرى مجاورة، وتعرف باسم "الرؤوس الطوال".
مواجهة يومية في جالود
ويقول رئيس المجلس القروي في جالود، رائد حاج، لـ"العربي الجديد": "يعيش نحو ألف شخص فقط في القرية التي تبعد نحو 27 كيلومتراً عن نابلس، وهم يقاومون للبقاء، ويتواجهون يومياً مع سكان 10 مستوطنات وبؤر استيطانية ومعسكرات للجيش. تفشى سرطان الاستيطان في جالود، وابتلع أكثر من 85 في المائة من أراضيها التي تتجاوز مساحتها 20 ألف دونم".
يتابع: "الخطير في الأمر أننا نلاحظ وجود معدات زراعية وبيوت متنقلة وخزانات مياه في أراضٍ صادرها جيش الاحتلال وحوّلها إلى مناطق عسكرية مغلقة، ما يدل على أنه ينسّق مع المستوطنين لتسريب هذه التجهيزات إليهم تدريجياً".
وتمتاز أراضي جالود بأنها مسجلة وموثقة بأسماء أصحابها في السجلات الرسمية (الطابو) خلال الحكمين العثماني والإنكليزي، ما يدحض افتراءات الاحتلال بأنه يقيم مستوطنات ومعسكرات على مشاعات أو تلك التي تُعَدّ "ملكاً للدولة". وسبق أن لجأ الأهالي إلى المحكمة العليا الإسرائيلية التي أقرّت حقهم في أراضيهم، لكن جيش الاحتلال والمستوطنين رفضوا التعامل مع هذه القرارات.