قرار يمنح أبناء الليبيات المتزوجات من أجانب حقوق المواطنين

31 أكتوبر 2022
عدد أبناء الليبيات المتزوجات من أجانب بالآلاف (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

نص قرار أعلنته حكومة الوحدة الوطنية، أخيراً، على تقرير أحكام خاصة بأبناء الليبيات المتزوجات من أجانب، ومنها أن "يتمتع أولادهن بكافة الحقوق التي يتمتع بها المواطن الليبي، من مجانية العلاج والتعليم في الداخل، والقبول في المدارس الليبية في الخارج".
ويعفي القرار المنشور على الصفحة الرسمية للحكومة على موقع "فيسبوك" أبناء الليبيات المتزوجات من أجانب "من شرط الحصول على تأشيرة لدخول الأراضي الليبية، وحصول أزواجهن على تأشيرة الدخول عند الوصول، والتزام السفارات والقنصليات الليبية في الخارج بتقديم الخدمة لهم أسوة بالمواطنين الليبيين".
ويأتي ذلك بعد قرار سابق في يونيو/حزيران الماضي، أقرت فيه الحكومة منح الجنسية الليبية لـ130 من أبناء الليبيات، من بين 289 طلباً قدّمتها مصلحة الجوازات والجنسية وشؤون الأجانب، وأشار إلى تحفظ الحكومة على منح 159 آخرين الجنسية بسبب شكوك في أوراقهم الثبوتية.
وتُعَدّ قضية أبناء الليبيات المتزوجات من أجانب واحدة من القضايا التي لطالما أزعجت الرأي العام، وتأثّرت بشكل كبير بعدم الاستقرار الذي عاشته البلاد طيلة السنوات الماضية، على الرغم من حقّهم في الحصول على الجنسية كونهم ولدوا في البلاد.
وقاد نشطاء هذه القضية طيلة السنوات الماضية حملة لإثارتها أمام الرأي العام المحلي والدولي، كما نظم أبناء الليبيات المتزوجات من أجانب أنفسهم في مؤسسة مجتمعية حملت اسم "مؤسسة غريب في وطن أمي"، بالإضافة إلى عدد من المؤسسات المدنية التي انخرطت فيها ليبيات متزوجات من أجانب، ومنهن أبرار الشايب، التي لا تبدو متفائلة بقرار الحكومة.
تشير الشايب إلى أن "الوضع السياسي القائم في البلاد سيتجه بقضية أولادنا إلى ساحة المناكفات والعراك بين القادة"، وتضيف خلال حديثها مع "العربي الجديد"، أن "قرار الحكومة السابق بشأن منح الجنسية لـ130 من أبناء الليبيات المتزوجات من أجانب تم استغلاله في الصراع السياسي، وكلنا شاهدنا مجلس النواب يطرح القضية للنقاش في جلسة رسمية، ويصدر قراراً بمنع الحكومة من منح الجنسية الليبية للأجانب، وحتى الآن تماطل مصلحة الجوازات في إنهاء أوراق الجنسية لمن أعلنت الحكومة أسمائهم. حتى لو تم منحهم الجنسية، فسيعيشون حياة قلقة على الدوام، وهناك من سيطعن في جنسياتهم، ويقول إن هذه الحكومة انتهت شرعيتها، وبالتالي فإن قراراتها باطلة".

الجنسية حق لأبناء الليبيات المتزوجات من أجانب (عبد الله دومة/فرانس برس)
الجنسية حق لأبناء الليبيات المتزوجات بأجانب(عبد الله دومة/فرانس برس)

في المقابل، يرى الناشط الحقوقي المهتم بالقضية، المبروك أبوشحمة، أنّ "القرار حجة، وفي أسوأ الأحوال يكفي أنه أبرز القضية أمام الرأي العام، ولن تتمكن الجهات التشريعية بعد اليوم من إبقاء القضية على الهامش، أو استغلالها في المتاجرة السياسية، إذ أصبح لدينا قرار يمكن أن نخاصم به في المحاكم لإبطال أي تشريع لاحق".
وأوضح أبوشحمة لـ"العربي الجديد"، أن "ما صدر من تصريحات بشأن رفض قرار منح الجنسية لـ130 شخصا، صدر من نواب على المستوى الفردي، وليس على المستوى الرسمي لمجلس النواب، والآن قرار الحكومة مر من دون أن نسمع أي اعتراض، ولا أعتقد أن هناك من سيعترض على قضية وطنية طال الجدل حولها وانتظار الحلول لها".
ووفقاً لمعلومات جلال الجرار، عضو مؤسسة "غريب في وطن أمي"، فإن "عدد الليبيات المتزوجات من أجانب حتى عام 2013، بلغ 8600، وبحلول نهاية 2021، بلغ العدد 15 ألف ليبية، وبكل تأكيد هناك أعداد أخرى لم تدخل في منظومة مصلحة الأحوال المدنية لعدم امتلاكهن أرقاماً وطنية، وفي كلّ الأحوال، فإنّ زواج الليبيات من أجانب بات ظاهرة تفرض نفسها، وعلى السلطات التعامل معها".

وقال الجرار لـ"العربي الجديد": "أمي ليبية، ووالدي فلسطيني، ولم تكن لدينا مشكلة في المدارس والجامعات، وكنت أعامل كمواطن ليبي، حتى لحظة تقديمي لأوراقي للحصول على جواز سفر، عندها بدأت المشاكل بعد إنشاء منظومة الرقم الوطني التي منعت من الدخول فيها رغم امتلاكي لكافة الأوراق، وفي إحدى محطات أزمتنا، أعلمنا المسؤولين بإمكانية قبول أوراق الأشخاص من أم ليبية شرط أن يكون الوالد متوفياً، ثم علمنا أنّ هذا الشرط له علاقة بجهاز الأمن".
ويعبر الجرار عن تفاؤله بقرار الحكومة الجديد بشأن منحهم لحق الجنسية وكافة حقوق المواطنة، لكنه يستدرك: "المشكلة حالياً في الليبيات اللاتي لا يمتلكن أرقاماً وطنية، ولديهن أطفال صغار، وهذه الشريحة ستعاني لأن عليها تجاوز عراقيل منظومة الرقم الوطني، ولهذا فالقرار لا يزال يعتريه القصور، ويحتاج إلى التطوير، أو ستعود المشكلة للتجدد عند اقتراب دخول أطفال هؤلاء الأمهات إلى المدارس، أو حاجتهن إلى جوازات السفر".

المساهمون