قانون مرور "شكلي" على طرقات ليبيا

24 مارس 2022
يتخلف شرطيو المرور في ليبيا عن تأدية واجباتهم على الطرق (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

يتمركز شرطيو المرور عند مفارق طرقات مناطق المدن الكبرى في ليبيا، ويتولون تسيير حركة مرور السيارات، لكن من دون أن يسجّل أي منهم مخالفات قد تحدث. أما عند مداخل المدن ومخارجها وعلى طول الطرقات التي تصل بينها، فلا ينتشر شرطيو المرور، بحسب ما يقول مصطفى الصيد الذي يسكن في العاصمة طرابلس لـ"العربي الجديد".
يعلّق الصيد على تزايد أخبار قتلى الحوادث على الطرقات بالقول: "ينتج ذلك من غياب قانون ردع السائقين المخالفين، علماً أن مشاهد القيادة بسرعات جنونية باتت عادية، ويتعامل المارة والسائقون معها باعتبارها واقعاً".
ولا تتوقف وسائل الإعلام الليبية عن نقل الأنباء عن حوادث السير وضحاياها من قتلى وجرحى، والتي لا تستند مصادرها إلى تقارير السلطات الأمنية لوزارة الداخلية التي توقفت فعلياً منذ أكثر من عام عن نشر الإحصاءات السنوية لقتلى حوادث المرور.

قضايا وناس
التحديثات الحية

يوم الأحد الماضي، أعلنت قيادة المنطقة العسكرية الغربية التابعة لوزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية، وفاة خمسة أشخاص وجرح اثنين في حادث على طريق عام بمنطقة مزدة جنوب غربي طرابلس. وأوضحت أن "شاحنة صهريج نقلت وقوداً مهرّباً اصطدمت بسيارة نقلت ركاباً مدنيين قتل خمسة منهم. وقد توجه عناصرنا إلى مكان الحادث فور تلقينا بلاغاً عن الحادث من مواطن، وعملوا على إسعاف الجرحى، فيما فرّ سائق الشاحنة".
ولاحقاً، أفاد بيان أصدرته قيادة المنطقة العسكرية الغربية بأن "ضحايا الحادث هم سائق سيارة الركاب الليبي وأفراد من عائلة سودانية تقيم في البلاد، ما يعني أنهم من أسرة واحدة بينهم طفل جرى إسعافه في الموقع، ونقل إلى المستشفى حيث شخصت حالته الصحية بأنها حرجة".
وسبق ذلك مقتل شخص في منطقة عين زارة بالعاصمة طرابلس، إثر دهس سيارة له لدى عبوره طريقاً فرعياً للوصول إلى مسجد في المنطقة، في حين اعتقل شخص في مدينة مصراته شرقي طرابلس، بتهمة دهس شخص ما أدى إلى مقتله.
وفي فبراير/ شباط الماضي، تداولت وسائل إعلام خبر وفاة رجل سبعيني دهسته سيارة عبرت بسرعة زائدة منطقة الأحياء البرية بالعاصمة طرابلس.
ولم يسلم شرطيو المرور نفسهم من حوادث السير الناتجة من القيادة بسرعة زائدة. وأعلنت مديرية أمن طرابلس أن سيارة مسرعة صدمت دراجة نارية قادها شرطي مرور على طريق سريع لدى تأديته عمله، ما أصابه بكسور وجروح متفاوتة.

الصورة
شرطيون أيضاً على قوائم قتلى الحوادث أيضاً (محمود تركية/ فرانس برس)
شرطيون أيضاً على قوائم قتلى الحوادث (محمود تركية/ فرانس برس)

واللافت أن الإحصاء الأخير لعدد وفيات حوادث السير الذي نشرته السلطات الليبية يعود إلى عام 2020، حين حدد الرقم بـ1761. ويقر شرطي المرور عامر العبدلي بوجود تقصير في تطبيق القانون، ويقول لـ"العربي الجديد": "يشمل الحديث عن تطبيق القانون غالبية نواحي الحياة، وليس حركة المرور فقط، علماً أن الجهات الصحية مسؤولة أيضاً عن إصدار الإحصاءات الخاصة بتوثيق الوفيات". 
ويلفت إلى أن "الإحصاءات التي أعلنت سابقاً اعتمدت وصفاً بديلاً لوسائل النقل المستخدمة من السيارات إلى المركبات، علماً أن الدراجات النارية التي انتشر استعمالها في شكل واسع خلال السنوات الماضية، باتت نوعاً جديداً من المركبات التي تشكل خطراً على حياة المواطنين، فالشباب الذين يقودونها بسرعات جنونية على سبيل المتعة لا يعرفون أن سرعاتها تخضع لقيود في قانون المرور".
ويقرّ العبدلي بأن وجود شرطة المرور في ليبيا "مجرد إجراء شكلي، علماً أن الإحصاءات الحكومية السابقة لم تتطرق إلى مخالفات المرور التي حررها الشرطيون، ما يشكل اعترافاً ضمنياً من وزارة الداخلية بأن شرطيي المرور لا يسجلون مخالفات، وأنه لم يُطلب منهم ذلك بسبب عدم قدرة الوزارة على تحمّل مسؤولية هذا الأمر، أو بسبب تراجع سلطتها في مواجهة سلطة المسلحين". يضيف أن "دخول ليبيا في فوضى أمنية خلال السنوات السابقة جعل التشكيلات المسلحة تتولى تسيير البوابات الرئيسية عند مداخل المدن وعلى طول الطرقات التي تربط بينها. وهذه التشكيلات لا تلعب غالباً دور شرطة المرور في معاقبة السائقين المتهورين".
ويوافق الصيد على أن مسؤولية حوادث السير تقع أيضاً على عاتق المواطنين، لكنه يستدرك بأن "غياب القانون يتسبب في شكل رئيسي بارتفاع حالات الدهس، إلى جانب الحالة المزرية للطرقات التي تؤدي إلى موت أشخاص كُثر، فغالبية الطرقات الرئيسية التي تربط بين المدن تتضمن حفرات كبيرة وأرصفة متضررة وغير صالحة للمشي، كما يعبر مسافرون مئات الكيلومترات أحياناً في طريق فردية غير مقسمة خطوطها بين الذهاب والإياب، خصوصاً في مناطق تقع بجنوب البلاد، علماً أن الرمال تغطي الطريق أحياناً".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويطالب الصيد بتوفير وسائل نقل أكثر أمناً مثل القطارات، ويقول: "تمتد المساحة بين طرابلس وبنغازي آلاف الكيلومترات، ما يجعل السفر على متن قطار أكثر أمناً للمواطنين. ولأن غالبية الطرقات الحالية متهالكة يجب الإسراع في إعادة تخطيط شبكات طرق جديدة أو صيانة تلك القديمة كي تصبح صالحة للتنقل في حال لم تتوفر مشاريع للقطارات أو حافلات للنقل السريع".