فيضانات المغرب: تواصل البحث عن مفقودين ومطالب بتدخّل الحكومة

10 سبتمبر 2024
سيول في زاكورة، 7 سبتمبر 2024 (إسماعيل آيت حماد/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **عمليات البحث والإنقاذ والتضامن المجتمعي:** تواصلت عمليات البحث عن المفقودين في فيضانات المغرب بمشاركة القوات المسلحة والمتطوعين، مع تضامن السكان لمساعدة المنكوبين.

- **الأحوال الجوية والتداعيات البيئية:** شهدت مناطق جنوب المغرب أمطاراً غزيرة غير معتادة بسبب موجات مدارية رطبة وارتفاع الحرارة، مما أدى إلى فيضانات وسيول خطيرة.

- **المطالبات الحكومية والإجراءات المستقبلية:** طالبت كتلة حزب التقدم والاشتراكية الحكومة بتطبيق برنامج مستعجل لمعالجة تداعيات الفيضانات، وإنشاء أنظمة يقظة وإنذار، وإعادة بناء المساكن المتضررة.

تواصلت، اليوم الثلاثاء، عمليات البحث عن المفقودين في فيضانات المغرب التي اجتاحت 17 إقليماً منذ الجمعة الماضي. وترافق ذلك مع مطالبة المعارضة الحكومة بتنفيذ برنامج مستعجل لمعالجة التداعيات ومساعدة المنكوبين. وأبلغت مصادر محلية "العربي الجديد" بأن السلطات استعانت بأفراد من القوات المسلحة الملكية ورجال الدرك وعناصر الوقاية المدنية في عمليات البحث عن المفقودين، وأن متطوعين وناشطين مدنيين شاركوا فيها.

وشملت العمليات مناطق متضررة في دواوير وقرى أوكرضا وإكمير بسموكن بجماعة تمنارت في إقليم طاطا الأكثر تضرراً، وشهدت مهمات لإزالة أنقاض باستخدام كل الوسائل اللوجستية المتاحة، لكن تحركات وجهود فرق البحث اصطدمت بالتضاريس الوعرة، وواقع جرف السيول عدداً كبيراً من المنازل.

وقال الناشط المدني عبد الله الجعفري لـ"العربي الجديد": "لا تزال مظاهر الحزن والصدمة تخيّم على دوار أوكرضا اسموكن التابع لجماعة تمنارت بإقليم طاطا، واضطر بعض المتضررين من السيول إلى مغادرة الدوار بعدما انهارت منازلهم، وانتقلوا للإقامة لدى أقاربهم في دواوير قريبة". وتابع: "تضامن السكان والفاعلون المدنيون لمساعدة المنكوبين والتخفيف عنهم عبر استقبالهم في بيوتهم وتوفير مواد استهلاكية ومياه لهم".

وليل أمس الاثنين، أعلنت وزارة الداخلية أن عدد المتوفين ارتفع إلى 18، منهم أجنبيان أحدهما كندي والثاني من البيرو. وأسفر تساقط الأمطار أيضاً عن فقدان أربعة أشخاص في طاطا، والذين يستمر البحث عنهم. وشهدت مناطق في جنوب المغرب وجنوبها الشرقي منذ ليل الجمعة الماضي حتى الأحد هطول أمطار غزيرة في مناطق شبه جافة في العادة، وفق ما أفادت المديرية العامة للأرصاد الجوية. 

وبحسب الخبير البيئي مصطفى بنرامل الذي يرأس جمعية "المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ"، شهد سبتمبر/ أيلول الحالي اضطرابات جوية شديدة وأمطاراً رعدية غزيرة على مساحات واسعة. وأوضحت خرائط جوية أن الأحوال الجوية غير المستقرة اشتدت على دول المغرب العربي خلال الأيام الـ15 الأولى من الشهر الحالي، وشملت أجزاء من المغرب وتونس وغرب ليبيا.

وقال بنرامل لـ"العربي الجديد": "بحسب خرائط التتبع الجوية لحالة الطقس في المنطقة، يتوقع أن تستمر الاضطرابات الجوية على دول المغرب العربي حتى نهاية الأسبوع الحالي، وتترافق مع سحب رعدية خصوصاً في أجزاء من وسط المغرب ومناطق في الجنوب الشرقي والصحراء المغربية. ويُتوقع أن تشمل الأمطار الرعدية أيضا أجزاء من تونس وغرب ليبيا".

وعزا بنرامل سبب السيول والفيضانات في أقاليم المغرب إلى وصول موجات مدارية رطبة إلى أفريقيا بالتزامن مع ارتفاع الحرارة، ما أثرّ على مناطق واسعة من وسط وشمال أفريقيا، بينها في الصحراء الكبرى الأفريقية، والتي عانت من موجات من الرطوبة المدارية، ومن تمدد فاصل التقارب المداري حيث اندفعت كميات ضخمة من بخار الماء الاستوائي عبر مختلف طبقات الغلاف الجوي".

ولفت إلى أن "ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض وتصاعد نشاط التيارات الهوائية الصاعدة وتوافر طاقة مرتفعة للحمل الحراري أنتجت سحباً ارتفعت إلى مستويات شاهقة في الغلاف الجوي، علماً أن الهطول الكثيف للأمطار يزيد من الظروف الجوية المناخية الصعبة التي تشهدها العديد من الدول في قارة أفريقيا، وأيضاً مخاطر حدوث الفيضانات، خاصة في ظل طبيعة التربة الصحراوية التي لا تمتص مياه الأمطار بسهولة وتشبعها".

وطالبت كتلة حزب التقدم والاشتراكية (معارض) في مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) بتطبيق برنامج مستعجل لمعالجة تداعيات الفيضانات التي سببتها الأمطار الرعدية في عدد من أقاليم الجنوب الشرقي خلال الأيام الماضية، ودعت، في كتاب وجهته إلى حكومة عزيز أخنوش اليوم الثلاثاء، القطاعات الحكومية المعنية إلى "إنشاء أنظمة فعّالة لليقظة والإنذار الاستباقي من أجل مساعدة الفلاحين على تدارك الأضرار التي لحقت بهم وبمحاصيلهم الزراعية، والمساعدة في إعادة بناء المساكن المتضررة ومنشآت أخرى مثل سدود تلية وتحويلية، للحماية من الفيضانات، وإعادة تشغيل شبكات الاتصال والماء والكهرباء". 

وسألت الكتلة أخنوش عن التدابير التي سيتخذها من أجل إيفاد لجان في القطاعات أو أخرى وزارية إلى المناطق المتضررة من الفيضانات من أجل رصد الخسائر والتدقيق فيها، وتحديد جبر الضرر، وبلورة وتفعيل برنامج فوري يتضمن عمليات ضمن محور الاستباق وعمليات أخرى ضمن محور معالجة التداعيات السلبية للسيول والفيضانات.

رجال إنقاذ في إقليم طاطا، 8 سبتمبر 2024 (مهند أوباركا/ فرانس برس)
رجال إنقاذ في إقليم طاطا، 8 سبتمبر 2024 (مهند أوباركا/ فرانس برس)

الفيضانات الأكثر فتكاً بالأرواح بالمغرب 

وعلى امتداد الأعوام الـ40 الماضية، تعرّضت مناطق في المغرب لـ16 كارثة طبيعية، أكثرها فيضانات وحالات جفاف، بحسب أرقام كشفها موقع ريليف ويب عام 2018. ومن الفيضانات الأكثر فتكاً بالأرواح في تاريخ البلاد:

  • فيضان أوريكا جنوب مدينة مراكش في أغسطس/ آب 1995، الذي أودى بحياة 240 شخصاً من سياح وسكان فاجأتهم السيول.
  • في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2008، تسببت الأمطار الغزيرة في مصرع 28 شخصاً وتشريد آلاف في مدن طنجة وتطوان والفنيدق.
  • في نوفمبر/ تشرين الثاني 2010، أدت أمطار غزيرة انهمرت على المغرب إلى مقتل 27 شخصاً من بينهم 24 في حادث تعرضت له حافلة بمنطقة بوزنيقة جنوب الرباط.
  • في نوفمبر 2014، لقي 36 شخصاً على الأقل حتفهم بعدما جرفتهم السيول إثر سقوط أمطار استثنائية تجاوزت 400 ملليلتر في جبال الأطلس. وبعد أسبوع لقي سبعة أشخاص مصرعهم نتيجة سوء الأحوال الجوية.
  • في يوليو/ تموز 2019، لقي 15 شخصاً حتفهم بحادث انهيار تربة نتج من فيضانات في جنوب مراكش.
  • في 29 أغسطس/ آب 2019، قتل 8 أشخاص بسبب سيول غمرت ملعباً لكرة القدم في قرية تيزرت قرب مدينة تارودانت (جنوب) أثناء مباراة جمعت فريقين محليين من الهواة.
  • تكررت مشاهد الموت والدمار في فبراير/ شباط 2021، حين تسببت الأمطار الغزيرة التي غمرت معملاً سرياً للنسيج بمدينة طنجة في مصرع 24 شخصاً.

وكان تقرير حول التحوّلات المناخية أصدره معهد الملكي للدراسات الاستراتيجية (رسمي) عام 2016 صنّف الفيضانات بأنها الخطر الرئيسي في المغرب على صعيد عدد الضحايا. ودعا التقرير إلى "إعادة النظر في المعايير المعتمدة سواء في ما يتعلق بتصاميم مشاريع البناء أو البنى التحتية القائمة".

المساهمون