فيضانات الصومال تشرد أكثر من 200 ألف.. بعد الجفاف

19 مايو 2023
أدّت الفيضانات الأخيرة في الصومال إلى نزوح أكثر من 200 ألف شخص (الأناضول)
+ الخط -

 

هطلت الأمطار الموسمية بغزارة في أقاليم جنوب ووسط الصومال، في وقت كان يواجه فيه ثلث الصوماليين موجة جفاف قاسية "قضت على الأخضر واليابس"، وقد تسبّب ذلك في سيول جارفة.

وفي الأيام الأخيرة، فاجأت فيضانات نهر شبيلي سكان مدينة بلدوين بإقليم هيران في ولاية هرشبيلي المحلية، لتغمر مساحة تزيد عن 20 كيلومتراً مربّعاً، الأمر الذي أدّى إلى نزوح أكثر من 200 ألف شخص، بحسب تقديرات محلية ودولية. وإلى جانب مدينة بلدوين، اجتاحت الفيضانات مدناً وقرى وبلدات جنوبي ووسط البلاد.

وتشير أحدث التقديرات الأولية لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أنّ فيضانات الناجمة عن الأمطار والأنهر في الصومال قد أثّرت على ما لا يقلّ عن 460 ألف شخص، من بينهم نحو 219 ألف شخص شُرّدوا من منازلهم، إلى جانب مقتل 22 شخصاً حتى اليوم الجمعة.

وقد غمرت فيضانات نهر شبيلي الأحياء الأربعة التي تتألّف منها مدينة بلدوين إلى جانب 25 قرية وبلدة في محيط النهر، فأُجبِر السكان في تلك المناطق على النزوح من منازلهم، بحسب وزارة إدارة الكوارث والشؤون الإنسانية في ولاية هيرشبيلي المحلية.

مريمة نور من المواطنين الذين نزحوا من منازلهم، تخبر وكالة الأناضول أنّ "مياه الفيضانات تسرّبت إلى أجزاء من منزلي وسط الليل، فهربت مع أطفالي إلى المناطق المرتفعة خوفاً على حياتنا". تضيف مريمة أنّها هربت مع أطفالها الثلاثة "ونحن لا نملك طعاماً ولا ملبساً، لذا نطالب الجهات العمومية بتقديم مساعدات عاجلة".

من جهته، يقول وهل حس ميو لوكالة الأناضول إنّ "مياه الفيضانات أجبرتنا على النزوح من منازلنا ودمّرت كلّ ممتلكاتنا"، مشيراً إلى أنّ "المنطقة التي لجأنا إليها تفتقر إلى أدنى مقوّمات الحياة، الأمر الذي يؤثّر سلباً على حياة أسرتي".

الصورة
فيضانات في الصومال 2 (الأناضول)
أغرقت السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة المنطقة برمّتها (الأناضول)

وفي هذا الإطار، يشرح مدير عام وزارة إدارة الكوارث والشؤون الإنسانية في ولاية هيرشبيلي المحلية عبد الفتاح محمد، لوكالة الأناضول، أنّ "ارتفاع منسوب مياه نهر شبيلي نتيجة الأمطار الموسمية أدّى إلى فيضان النهر ليغمر نحو 70 في المائة تقريباً من مساحة المدينة".

واستخدمت إدارة المدينة قوارب مطاطية وجرّافات للتنقّل في المدينة وإنقاذ العالقين في المناطق التي حاصرتها مياه الفيضانات، علماً أنّ الوزارة سجّلت مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ من جرّاء الفيضانات. وبحسب تقديرات الوزارة، فإنّ الفيضانات تسبّبت حتى الآن في نزوح 50 في المائة من سكان المدينة، أي نحو 200 ألف شخص، فيما تضرّرت آلاف الهكتارات من المحاصيل الزراعية.

مضت خمسة أيام منذ بدء موجة الفيضانات في أحياء مدينة البلدوين التي يُقدَّر عدد سكانها بنحو 500 ألف نسمة، ولم تصل المساعدات الإنسانية بعد إلى المتضرّرين من الفيضانات الذين يعيشون اليوم في العراء.

وبهدف تخفيف معاناة هؤلاء المنكوبين الذين لجأوا إلى المناطق المرتفعة هرباً من مياه الفيضانات، أطلقت ولاية هيرشبيلي المحلية نداءً عاجلاً للهيئات الإنسانية المحلية والدولية من أجل تقديم معونات عاجلة لهم. وقد لبّت هيئة إدارة الكوارث والشؤون الإنسانية الوطنية النداء الذي أطلقه رئيس ولاية هيرشبيلي علي حسين جودلاوي، علماً أنّ رئيسها محمود معلم قد زار المدينة لمعاينة آثار أزمة الفيضانات التي ضربتها.

وفي تصريح إعلامي، قال معلم إنّ مياه الفيضانات حوّلت المدينة إلى ما يشبه البحر، إذ صارت المياه تقابلك من كلّ الجهات. وإذ أشار إلى أنّ الوضع ليس سهلاً، شدّد على أنّه يتطلّب تدخلاً سريعاً لإنقاذ النازحين من جرّاء الفيضانات. أضاف معلم أنّ ثمّة "مساعدات في طريقها إلى المدينة عن طريق البرّ، وسوف نعمل على توجيه مساعدات أخرى للتخفيف من وطأة معاناة المتضرّرين".

وفي الإطار نفسه، يقول مدير عام وزارة التخطيط والاستثمار لولاية هيرشبيلى المحلية حسن عبدي سومني، لوكالة الأناضول، إنّ "احتياجات النازحين تفوق إمكانات الإدارة المحلية، وهو ما يعقّد الوضع الإنساني في المدينة. وحتى الآن، لا مساعدات إنسانية خارجية لتخفيف معاناة المتضرّرين". ويشدّد سومني على أنّ "آلاف النازحين في حاجة ماسة إلى مأوى ومياه نظيفة وخدمات صحية".

الصورة
فيضانات في الصومال 3 (الأناضول)
الفيضانات أجبرت الصوماليين على الخروج من منازلهم ودمّرت ممتلكاتهم (الأناضول)

ولا تخفي الإدارة المحلية في هيرشبيلي مخاوفها من الأمراض التي تنتشر نتيجة الفيضانات. ويوضح مدير عام وزارة الصحة في ولاية هيرشبيلي عبد الرشيد محمد، لوكالة الأناضول، أنّ "الوزارة بالتعاون مع الهيئات الإنسانية تعمل على إنشاء مراكز صحية في المناطق التي تجمّع فيها المهجرّون من جرّاء الفيضانات، وتوفير مياه نظيفة لمنع انتشار الأمراض المعدية".

يضيف محمد أنّ "الحالة الصحية في المدينة شبه متدهورة بسبب رقعة المناطق التي أغرقتها مياه الفيضانات".

وقد حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بيان من تأثير استمرار هطول الأمطار الغزيرة في الصومال، وفي المرتفعات الإثيوبية، سلباً على حياة ما يصل إلى 1.6 مليون شخص، وسط احتمال تهجير 600 ألف شخص في المناطق المعرّضة للفيضانات على طول نهرَي جوبا وشبيلي.

وتأتي هذه الأمطار في وقت يشهد الصومال كغيره من دول المنطقة أقل مواسم الامطار منذ 70 عاما، نتيجة ظاهرة التغير المناخي، ما تسبب في حاجة 7 ملايين صومالي إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينهم مليونان من أطفال وحوامل يعانون من سوء التغذية، بحسب المصدر نفسه.

(الأناضول)

المساهمون