أثار المرسوم الرئاسي بشأن جواز التلقيح ضد فيروس كورونا، جدلاً في تونس، خاصة في الشقّ المتعلق بربط إجبارية التلقيح بمواصلة العمل في القطاعين الحكومي والخاص.
وتباينت المواقف بشأن هذا البند، الذي اعتبره البعض اعتداء على الحقوق الشخصية للمواطنين، فيما رأى فيه آخرون حفاظاً على الصحة العامة في البلاد، وتحصيناً ضدّ الموجات الجديدة التي بدأت تظهر في عدد من البلدان.
وأصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد، أمس الجمعة، مرسوما يتعلّق بجواز التلقيح الخاص بفيروس كورونا، والذي يخوّل لصاحبه الدخول إلى الفضاءات العمومية والخاصة ويعرّض من لا يحمله إلى عقوبات، من ذلك تعليق مباشرة العمل بالنسبة إلى أعوان الدولة والجماعات المحلية والهيئات والمنشآت والمؤسسات العمومية، وتعليق عقد الشغل بالنسبة لأجراء القطاع الخاص، إلى حين الإدلاء بالجواز، وتكون فترة تعليق مباشرة العمل أو عقد الشغل غير مدفوعة الأجر.
واعتبر المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، البند الخاص بإجبارية الاستظهار بالجواز كشرط للعمل في القطاعين الحكومي والخاص، تهديدا بقطع الأرزاق بسبب التلقيح.
وعلّق سامي الطاهري، في تدوينة نشرها على حسابه في "فيسبوك"، قائلا "الفصل عدد 6 من المرسوم 1 لسنة 2021 حول التلقيح أو فقدان مواطن الشغل يحوّلنا إلى ربوتات وقطع غيار لآلات إنتاج تحتاج إلى صيانتها، حتى تتمكن من مواصلة العمل لا غير"، وأضاف "التهديد بقطع الأرزاق بسبب التلقيح لم نره عند الامتناع عن سداد الأجور أو التهرب من خلاص الواجب الضريبي والاجتماعي".
في المقابل، قال الحقوقي سامي بن سلامة، إن إصدار المرسوم المتعلّق بجواز التلقيح لا يمسّ بالحريات، بل يندرج في إطار الحفاظ على الأمن الصحي للبلاد، بعد تصاعد موجات وبائية جديدة ناتجة عن متحورات.
وكتب بن سلامة على صفحته "بالمنطق وليس بالعاطفة، هناك قرارات لا علاقة لها بالحقوق والحريات، لأنها تتعلق بمصلحة عامة وبأمن صحي".
بدورها، قالت عضو هيئة الأطباء لمياء القلال، إن "المرسوم الرئاسي المتعلق بجواز التلقيح يأتي في الوقت المناسب، رغم دخوله حيز النفاذ في غضون شهرين"، معتبرة أن تونس التي بدأت في اعتماد الجرعة الثالثة للتحصين ضد كورونا ستنضم قريبا إلى الدول ذات الحصانة العالية ضد الفيروس.
وأفادت القلال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن موطنين لا يزالون يرفضون التلقيح أو يتخلفون عن تلقّي الجرعة الثانية، ما يجعل اعتماد الجواز الصحي أمرا مهما لزيادة نسب التحصين العامة.
فيما يتساءل تونسيون عن قانونية فرض "جواز التلقيح" في وقت يسمح الدستور بحرية التجول والتنقل، كما لا يجيز قانون التلقيح في تونس الذي جرى إقراره عام 1976 إجبارية التلقيح.
واعتبر أصحاب هذا الرأي، أن إجبارية الحصول على جواز التلقيح من أجل الدخول إلى الأماكن العامة، يتناقض مع مبدأ التطعيم الذي يبقى اختياريا، وفق ما أعلنت عنه السلطات الصحية ونصّ عليه القانون المتعلّق بضبط أحكام استثنائية خاصة بالمسؤولية المدنية الناتجة عن استخدام اللقاحات والأدوية المضادة لفيروس "سارس كوف -2 وجبر الأضرار الناجمة عنه".
ولا تزال السلطات الصحية تسجّل نسباً مترفعة في عدد المتخلفين عن اللقاح يفوق الـ50 بالمائة، ما يسبب تأخرا في بلوغ الأهداف المرسومة بتطعيم 50 بالمائة من المواطنين قبل نهاية أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
وبلغ عدد المطعمين بجرعتين من اللقاح، بحسب أحدث بيانات لوزارة الصحة، 4,3 ملايين تونسي من مجموع 6,5 ملايين مسجّل على منصة التلقيح الإلكترونية.