استمع إلى الملخص
- أكدت سميرة موحيا، رئيسة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، أن غياب النساء يتناقض مع التوجهات الاستراتيجية للمملكة ويخرق المادتين 16 و89 من النظام الداخلي للمجلس، مما يعكس عدم الالتزام بمبدأ المناصفة.
- رغم مرور 13 عاماً على إقرار مبدأ المناصفة، لا تزال التحديات قائمة، وتطالب منظمات حقوق النساء بتعديل التشريعات لتعزيز تمثيل النساء وضمان المساواة الكاملة.
خلّف غياب المستشارات عن هياكل مجلس الغرفة الثانية في البرلمان المغربي غضباً كبيراً في صفوف الحركة النسائية التي اعتبرت هذا الغياب ضرباً لمبدأ التمثيل النسائي. وبدا لافتاً حجم الغضب بعدما خلت التشكيلة الجديدة إلا من منصب واحد لامرأة شغلته نائلة التازي التي انتخبت رئيسة للجنة الخارجية والحدود والدفاع الوطني والمناطق المغربية المحتلة.
وتقول رئيسة "فيدرالية رابطة حقوق النساء" غير حكومية، سميرة موحيا، لـ"العربي الجديد"، إن "غياب المستشارات البرلمانيات عن مكتب مجلس المستشارين ورئاسة اللجان الدائمة ومختلف أجهزته عند تجديد هياكله، أمر غير معقول وغير مقبول من مؤسسة يفترض أن تعمل لتطوير المساواة والمناصفة، وتدفع بهما كي يصبحا ممارسة وسلوكاً سياسياً، وأن تحرص على خلق الإطار القانوني والعملي لتفعيل المقتضيات الحقوقية والدستورية في المناصفة وتكافؤ الفرص، وتدفع نحو تغيير العقليات والصور النمطية".
وتعتبر موحيا أن تغييب مجلس المستشارين تمثيل النساء في أجهزته يناقض التوجهات العامة والاختيارات الإستراتيجية للمملكة ومكتسبات الحقوق الإنسانية للنساء. وتضيف: "كان يفترض أن يطوّر مجلس المستشارين التمثيل النسائي في أجهزته ويفرض المساواة ويغيّر العقول سواء من خلال التشريعات أو مراقبة الحكومة. ومن خلال عدم تفعيله مبدأ المناصفة، وهو حق دستوري من شأنه ضمان تمثيل النساء في مختلف أجهزته، يخرق مجلس المستشارين في شكل واضح المادتين 16 و89 من النظام الداخلي الذي ينص على ترشيح الفرق البرلمانية نساءً لتحمل المسؤولية داخل البرلمان".
ينص الدستور المغربي لعام 2011 على المساواة بين الرجل والمرأة
وينص دستور عام 2011 على أن الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. كما تدعو الاتفاقات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب إلى تنفيذ الأمر ذاته. وقد استحدثت الدولة لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز.
وتقول رئيسة جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة"، بشرى عبده، لـ"العربي الجديد"، إن "التصويت الذي حصل في مجلس المستشارين يمثل سلوكاً شارداً ومرفوضاً مقارنة بالتقدم الذي تحقق في بلدنا على مستوى المشاركة السياسية للمرأة المغربية، والمكتسبات التي نتجت من نضالات الحركات النسائية، وكرّسها الدستور. لم يحترم مجلس المستشارين قاعدة التمثيل النسائي في مختلف هياكله وفق ما أوردت النصوص الدستورية والمادة 16 في النظام الداخلي للمجلس".
وتوضح أن "أكثر من 90% ممن حصلوا على تزكيات من أحزابهم في مجلس المستشارين كانوا من الذكور، ما يعني أن حضور المرأة في المؤسسة الدستورية الغرفة الثانية والمؤسسة الرابعة على مستوى الهرم المؤسساتي الوطني هو 10% فقط. والبحث بعمق في هذا السلوك يظهر أن القانون التنظيمي لمجلس المستشارين لا يسمح بتمثيل يجسد مبدأ المناصفة، فكيف الحال بالنسبة إلى المساواة الكاملة التي ينص عليها الدستور؟ يجب أن تتجه الأنظار إلى تعديل هذا التشريع المجحف في حق المرأة المغربية، وتحسين حضورها السياسي في مواقع القرار".
وترى عبده أن "المسار طويل لتحقيق التغيير نحو المناصفة، ويجب أن ينطلق من قوانين وتشريعات تجسّد المناصفة، وتسمح بتولي المرأة مناصب القرار العمومي، والعمل يومياً لتغيير عقلية ذكورية سائدة داخل المجتمع. ينادي سياسيون بتنفيذ المبادئ الكبرى للدستور، لكنهم يفشلون في كل امتحان يهدف إلى تجسيد هذه المبادئ".
وتؤكد على "ضرورة التفعيل الدائم والسليم والإلزامي للمبدأ الدستوري الخاص بالمناصفة في مجلس المستشارين، وفي علاقته بكل مكوناته. عدم ترشيح الفرق البرلمانية مستشارات لمناصب أجهزة المجلس وصمة عار في جبين المجلس، وبات هناك ضرورة لاعتماد نصوص صريحة وواضحة وملزمة للتمثيل السياسي للنساء، وتعزيز وجودهن في مواقع القرار مناصفة مع الرجال، وفي رئاسة ونيابة الغرف، ورئاسة اللجان، وإعطاء الأولوية اللازمة للتشريعات، ومراقبة تطبيق الحقوق الإنسانية للنساء".
ورغم نص الفصل الـ19 من دستور عام 2011 على المساواة، إلا أنه بعد نحو 13 سنة من إقرار المناصفة، ورغم كل الزخم الذي حققه تمثيل المرأة في مؤسسات وهيئات التداول واتخاذ القرار، لا تزال مجموعة من التحديات تعترض تطبيق هذا المبدأ.
وتشتكي منظمات حقوق النساء من تأخر تشكيل هيئة "المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز" تنفيذاً للدستور، والذي يكلفها تنفيذ مهمات مراقبة احترام الحقوق والحريات، ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس، والحرص على تحقيق المناصفة بين الرجل والمرأة. رغم أن القانون المنظم لعمل هذه الهيئة صدر في عام 2017.