غياب الأمن الشخصي مع تفاقم العنف المجتمعي في إسرائيل

03 يناير 2023
تفاقمت معدلات العنف المجتمعي (مصطفى الخروف/الأناضول)
+ الخط -

تعاني غالبية مدن إسرائيل من مظاهر عنف مجتمعي متجذرة باتت تؤثر على نسق الحياة اليومية فيها بشكل كبير، ويرى مراقبون ومحللون أنها أحد أسباب البروز الكبير لليمين الديني المتطرف الذي بات شريكاً رئيسياً في الحكومة الجديدة، بعد أن كان سبباً في فوز بنيامين نتنياهو بالانتخابات الأخيرة.
وأورد تقرير نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، وهي أوسع الصحف المحلية انتشاراً، أن الاحتكام إلى الأسلحة النارية، أو السكاكين والهراوات، بات وسيلة معتادة يلجأ إليها كثيرون لإنهاء خلافاتهم بغض النظر عن خلفيات تلك الخلافات.
وجاء في التقرير الذي نُشر الجمعة: "لا يمكن تجميل الأوضاع، أو إظهارها على غير حقيقتها. المجتمع الإسرائيلي عنيف، واستخدام القوة بأشكالها المختلفة تحول إلى مسار يسلكه الأشخاص بشكل متكرر، سواء على صعيد العنف اللفظي أو الجسدي"، وحسب معطيات حصلت عليها الصحيفة من تقارير الشرطة، فإن عام 2022، شهد 129 جريمة قتل، وفتح 45138 ملف تحقيق في حوادث سطو، فضلاً عن 56416 ملف تحقيق في اعتداءات جسدية، و1533 ملف تحقيق في عمليات ابتزاز.

نحو 36 في المائة من الإسرائيليين لا يشعرون بالأمن الشخصي

ونقلت الصحيفة عن نتائج دراسة لم تنشر بعد، أجراها "مركز أبحاث الأمن القومي"، أن "تفاقم ظاهرة العنف المجتمعي أدى إلى تأكيد نحو 36 في المائة من الإسرائيليين أنهم لا يشعرون بالأمن الشخصي، في حين أن مستوى القلق من تدهور الأوضاع الداخلية، وما يرافقه من عنف، يفوق ثلاثة أضعاف قلقهم من التدهور الأمني الناجم عن عوامل خارجية".

ويقول رئيس دائرة دراسة الأوضاع الداخلية في "مركز أبحاث الأمن القومي"، الجنرال مئير إلران، لصحيفة يسرائيل هيوم، إنّ "تعاظم مستويات العنف المجتمعي ساهم إلى حد كبير في صعود قوى اليمين الديني المتطرف، ومنها حركة منعة اليهودية بقيادة إيتمار بن غفير، والذي تولى منصب وزير الأمن الوطني".
ويشير التقرير إلى أن الشوارع باتت ساحة للعنف المجتمعي، وأن الكثير من الشجارات باتت تنشب لأسباب تافهة، أو أثناء انتظار الإشارات الضوئية. "ومع تعاظم مستويات العنف في الشوارع وخطوط المواصلات، شكلت شعبة المواصلات في الشرطة دائرة تهدف إلى توقيف سائقي السيارات المسؤولين عن ممارسة العنف ضد الآخرين".

تشهد الشوارع جرائم شبه يومية (جعفر اشتيه/فرانس برس)
تشهد الشوارع جرائم شبه يومية (جعفر اشتيه/فرانس برس)

وتحوّلت المؤسسات التعليمية أيضاً إلى ساحات يمارس فيها العنف على نطاق واسع، فقبل أسبوعين، فوجئت إدارة إحدى المدارس الثانوية في مدينة "ريشون لتسيون"، الواقعة جنوب شرق تل أبيب، بتسلل شاب من خارج المدرسة إلى فنائها، وطعنه أحد الطلاب قبل أن يلوذ بالفرار، من دون أن يتمكن الأمن من توقيفه.
وأشارت إذاعة "كان" التابعة لسلطة البث الإسرائيلية، إلى أن التحقيقات الأولية تفيد بأن الاعتداء جاء كعمل انتقامي على خلفية شجار سابق نشب بين والد الطالب وأشخاص آخرين، مؤكدة أنّ المدينة التي تعد رابع أكبر مدن إسرائيل، تشهد خلال الآونة الأخيرة الكثير من الاعتداءات الجنائية التي تطاول أشخاصاً على خلفية خلافات شخصية أو عائلية.
ولا تعد هذه الحادثة استثناء، إذ تزخر تغطيات الصحافيين الإسرائيليين بالكثير من الشواهد على تعاظم مظاهر العنف داخل المدارس، وعرض موقع صحيفة "معاريف" في الرابع من سبتمبر/أيلول الماضي، فيديو يظهر فيه والد طالبة تدرس في إحدى المدارس الثانوية بمدينة كريات أونو، الواقعة جنوب تل أبيب، والذي اقتحم المدرسة، ثم اعتدى على عدد من الطالبات بزعم أنهن اعتدين على ابنته. كما أشار الموقع إلى حادثة أخرى اعتدى فيها طالب على مدرِّسته، وصفعها أمام بقية الطلاب. 

كما تعاظمت حوادث الاعتداء على الطواقم الطبية في المستشفيات الإسرائيلية، ولعلّ أبرز الحوادث التي أثارت اهتمام الرأي العام، كانت تعدي أحد المرضى بمطرقة حديدية على طبيبة بمستشفى "سوروكا" في بئر السبع، خامس أكبر مدينة إسرائيلية من حيث تعداد السكان، مما أدى إلى إصابتها بجروح بالغة.
وفي 16 يونيو/حزيران الماضي، أعلنت نقابة الأطباء في إسرائيل الإضراب الشامل في المستشفيات احتجاجاً على تزايد وتيرة الاعتداءات التي تطاول الطواقم الطبية من قبل المراجعين.

المساهمون