غوتيريس: الإسراع بمقاومة التغير المناخي ضرورة ملحة للنجاة من كارثة

04 ابريل 2022
تتعالى التحذيرات من كارثة مناخية بلا جدوى (بافلو غونشار/Getty)
+ الخط -

حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، من استمرار حكومات العالم بتقديم تعهدات جوفاء حول مقاومة التغير المناخي من دون اتخاذ خطوات حاسمة وضرورية لتفادي الكارثة.

وقال غوتيريس، الإثنين، بالتزامن مع صدور التقرير الثالث للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، إن التقرير عبارة عن "سرد طويل لوعود لم يتم الالتزام بها، وهو سجل يبعث على الشعور بالعار، ويُفهرس التعهدات الجوفاء التي تزجّ بنا حتما نحو عالم تنتفي فيه مقومات الحياة".

ووجه الأمين العام للأمم المتحدة أصابع الاتهام إلى القادة السياسيين وعدد من مسؤولي الشركات الكبرى، من دون أن يسمي أيا منهم، لأنهم "لا يطبقون ما يعدون به"، وقال: "نسير بسرعة مروعة نحو كارثة مناخية. مدن كبرى ستصبح مغمورة تحت الماء، وموجات حرارة لم يسبق لها مثيل، وعواصف مُرعبة، ونقص في المياه على نطاق واسع، وانقراض نحو مليون نوع من النباتات والحيوانات".

ولفت إلى أن العالم في طريقه إلى احترار عالمي يتجاوز ضعف الحد المتفق عليه في "اتفاق باريس"، وهو 1.5 درجة مئوية، و"أقوال بعض قادة الحكومات ورجال الأعمال تصبّ في اتجاه، بينما تصبّ أفعالهم في اتجاه معاكس. إنهم بكل بساطة يكذبون، وعواقب ذلك ستكون كارثية. نحن في حالة طوارئ مناخية. العالم أوشك على بلوغ نقاط تحوّل يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات مناخية متتالية لا سبيل لتداركها".

حرائق الغابات المتزايدة أحد مظاهر التغير المناخي الخطرة (Getty)

وأوضح أن "الحكومات والشركات المسؤولة عن أعلى نسب الانبعاثات لا تتورّع عن تضييق الخناق على كوكبنا حسبما تُمليه مصالحها واستثماراتها في الوقود الأحفوري، في حين توجد بدائل أقل تكلفة، وتساهم في توفير فرص العمل المراعية للبيئة، ومزيد من استقرار الأسعار".

تقرير أممي: القرارات المناخية المطلوبة قد تضمن مستقبلا قابلا للعيش

وحذر التقرير من أنه من دون تعزيز للسياسات الحالية، يتجه العالم نحو ارتفاع الحرارة 3.2 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، وحتى مع الالتزامات التي تعهدت بها الحكومات خلال مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب 26) العام الماضي، سترتفع الحرارة 2.8 درجة مئوية، فيما يتسبب كل عُشر درجة إضافية في نصيبه من الكوارث المناخية الجديدة.
ومن أجل تجنب هذا المستقبل القاتم، يجب أن تبلغ الانبعاثات ذروتها قبل عام 2025، في غضون ثلاث سنوات فقط، وتنخفض بمقدار النصف تقريبا بحلول عام 2030 مقارنة بالعام 2019، وفقا للتقرير.
وأكد رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، هوسونغ لي: "نحن عند منعطف. القرارات التي تتخذ اليوم قد تضمن مستقبلا قابلا للعيش".

وأكدت الهيئة على ضرورة تقليل استخدام الوقود الأحفوري بشكل كبير بحلول عام 2050، من أجل الوصول إلى الهدف الرئيسي لاتفاق باريس للمناخ المتمثل في حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية. فمن دون احتجاز الكربون، يجب أن يتم التخلص من استخدام الفحم تماما، وتقليل استخدام النفط والغاز بنسبة 60 إلى 70  في المائة بحلول العام 2050، ويجب أن تنتج الكهرباء من مصادر منخفضة، أو منعدمة الكربون.

غوتيريس: استمرار إنتاج الوقود الأحفوري ضربٌ من الجنون الأخلاقي والاقتصادي

وقال أنطونيو غوتيريس إن الوعود التي قطعت في المؤتمر السادس والعشرين لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ المعقود في غلاسكو، تعد نوعا من "التفاؤل الساذج المعتمد على وعود، والمشكلة الرئيسية تتمثل في حجم الانبعاثات الهائلة المتزايدة، والتي يتم تجاهلها تماما. كي نتمكن من حصر الاحترار في حدود 1.5 درجة مئوية يتعين علينا خفض الانبعاثات بنسبة 45 في المائة خلال هذا العقد، لكن التعهدات الحالية ستؤدي إلى زيادة الانبعاثات بنسبة 14 في المائة".

شهد العالم في السنوات الأخيرة فيضانات غير مسبوقة (Getty)

واستنكر غوتيريس وصف نشطاء المناخ بـ"المتطرفين الخطرين"، في حين أن "البلدان التي تزيد من إنتاج الوقود الأحفوري هي المتطرفة الخطرة. الاستثمار في البنية التحتية الجديدة للوقود الأحفوري هو ضربٌ من الجنون الأخلاقي والاقتصادي، وسرعان ما ستتحول هذه الاستثمارات إلى أصول مهجورة، ومجرد وصمة عار في المشهد العالمي".

ومضى قائلاً: "يركز التقرير الصادر اليوم، على استراتيجية الحد من الانبعاثات، ويحدد خيارات قابلة للتطبيق، كفيلة بأن نتمكن من حصر الاحترار عند 1.5 درجة مئوية، وينبغي أن نسرّع من وتيرة التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة بمقدار ثلاثة أضعاف، وهذا يعني نقل الاستثمارات من قطاع الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة، وتوقف الحكومات عن تمويل قطاع الفحم".

وأشار غوتيريس إلى خطوات إضافية ينص عليها التقرير، من بينها تكوين تحالفات مناخية تتألف من البلدان المتقدمة، ومصارف التنمية متعددة الأطراف، والمؤسسات المالية الخاصة، والشركات، لدعم الاقتصادات الناشئة الكبرى في إحداث هذا التحول، فضلا عن حماية الغابات، والنظم الإيكولوجية بوصفها حلولا مناخية فعالة، وإحراز تقدم سريع في مجال الحد من انبعاثات غاز الميثان، وتنفيذ التعهدات التي قُطعت في باريس وفي غلاسكو".

وأضاف أن التقرير يصدر في توقيت زادت فيه الاضطرابات، كما بلغت أوجه عدم المساواة مستويات غير مسبوقة، وثمة تفاوت صارخ في درجات التعافي من جائحة كورونا، مع التضخم الآخذ في الارتفاع، وبسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا، تشهد أسعار المواد الغذائية والطاقة ارتفاعا حادا، وزيادة إنتاج الوقود الأحفوري لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأمور.

واعتبر خبراء المناخ في الأمم المتحدة في تقريرهم، أن التحرك على صعيد الطلب على الطاقة، واستهلاك السلع والخدمات قد يسمح بخفض انبعاثات غازات الدفيئة المسؤولة الرئيسية عن التغير المناخي بنسبة بين 40 إلى 70 في المائة بحلول عام 2050.
وشدد بريادارشي شوكلا، أحد رؤساء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، على أن "اعتماد السياسات العامة، وتوفير البنى التحية، والتكنولوجيا لجعل التغير في نمط حياتنا وسلوكنا ممكنا، يوفر قدرة كبيرة غير مستغلة لخفض الانبعاثات".

المساهمون