غزيون يفتقدون بيوتهم المهدمة في رمضان

06 ابريل 2022
لم يتعافَ الغزيون من صدمة العدوان الإسرائيلي (محمد الحجار)
+ الخط -

تحضرت عائلات كثيرة في قطاع غزة لأجواء رمضان بشكل خجول وسط غلاء الأسعار والظروف القاسية التي تعيشها، لكن عائلات تعتبر أكثر حرماناً من غيرها بعدما دمر عدوان الاحتلال الإسرائيلي الأخير منازلها. من هنا يستقبل سكان أحد أكثر الأماكن ازدحاماً في العالم شهر رمضان وسط الإمكانات المتاحة، وآخرون في منازل عائلاتهم من دون الاستعدادات الاعتيادية للشهر.

صدمة وخسارة
وكانت سمر سرحان (40 عاماً) قد عاشت ختام شهر رمضان العام الماضي بمأساة وحزن، بعدما نَجت بأعجوبة مع أطفالها من المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في شارع الوحدة وسط غزة، وأصيبت في كتفها مع طفلتها لين البالغة 8 أعوام. وجعلها ذلك تواجه صدمة كبيرة، خصوصاً أنها كانت تحافظ على زينة رمضان سنوياً، وتتحضر لهذا الشهر قبل أسابيع من قدومه، وتقوم بالزيارات العائلية وتستقبل الضيوف على موائد الإفطار.
لم تتعافَ سمر وأطفالها من الصدمة وخسارة منزلها حتى اللحظة، خصوصاً أنها كانت ساندت زوجها طوال عشر سنوات في ادخار جزء من راتبها كمدرّسة من أجل شراء المنزل، قبل تسديد قيمته في بداية عام 2021، وذلك قبل أشهر قليلة من تدميره، ما يجعلها اليوم تنتظر لحظة إعادة الإعمار.

الصورة
شموع بدلاً من فوانيس رمضان (محمد الحجار)
شموع بدلاً من فوانيس رمضان (محمد الحجار)

تقول سمر لـ "العربي الجديد": "قضينا وقتاً طويلاً للتعافي من صدمة العدوان الإسرائيلي الثالث على غزة عام 2014، عندما أخلت أسرتي المنزل في حي الشجاعية الذي تعرض لمجزرة، وأمضت غالبية أيام شهر رمضان حينها في منزلي. أما تدمير منزلي في عدوان العام الماضي فيشعرني حالياً بحسرة وضيق على أبنائي الذين سيعيشون شهر رمضان الحالي من دون طقوسه وفوانيسه التي يحبونها".

الصورة
إحياء شهر رمضان وسط الامكانات المتاحة (محمد الحجار)
إحياء شهر رمضان وسط الإمكانات المتاحة (محمد الحجار)

قرب المنزل المدمر
وفي شمال قطاع غزة، وتحديداً في حي المصريين الذي سُمي نسبة لعائلة المصري في بلدة بيت حانون، لم تمحَ حتى اليوم ذاكرة العدوان الإسرائيلي عام 2014 وكذلك تلك الخاصة بالعدوان الأخير، ففي الحي نفسه يقيم محمد فياض (52 عاماً) وأسرته التي تضم 11 فرداً، وقد دمر منزلهم بالكامل في 14 مايو/ أيار العام الماضي، وكذلك الزرع الذي كان قد حصد منه نباتات خضراء في رمضان العام الماضي. ويقول لـ "العربي الجديد": "ألغيت كل مظاهر الاحتفال بشهر رمضان لأنني مزارع في الأصل، ولا أستطيع التأقلم مع رمضان من دون زرع أو أرض أو منزل. أعيش في منزل للإيجار وأشعر بالاختناق، علماً أن الاحتلال الإسرائيلي كان قد دمّر سابقاً أراضي كنت أجني محاصيل زراعية منها، كما دمر منزلاً لي وشتت أسرتي، وأنا لن أشتري حتى فوانيس رمضان لأحفادي".

الصورة
إفطار رمضاني على أرض المنزل المدمّر (محمد الحجار)
إفطار رمضاني على أرض المنزل المدمّر (محمد الحجار)

لكن أسرة محمد قررت أن تعد إفطار رمضان على أرض منزلها المدمّر، باعتبار أن أفرادها اعتادوا على تناول الإفطار أمام الزرع الموجود ضمن مساحة صغيرة من بوابة المنزل، لكنه رفض شخصياً مشاركتهم موائد الشهر حتى إعادة إعمار منزله.
وقد دمر الجيش الإسرائيلي 1335 منشأة سكنية بالكامل أو أصابها بأضرار بليغة، فيما لحق ضرر متوسط الحجم أو جزئي بنحو 12,886 منزلاً خلال العدوان الأخير على غزة، بحسب المكتب الإعلامي لحكومة غزة. ولم تتم إعادة إعمار نسبة 80 في المائة منها حتى الآن".

الصورة
يحل رمضان بقساوة أكبر على من تهدمت منازلهم (محمد الحجار)
يحل رمضان بقساوة أكبر على من تهدمت منازلهم (محمد الحجار)

وكان الغزيون عايشوا في الأيام الخمسة الأولى لشهر رمضان عام 2019 ذكريات قصف إسرائيلي دمّر 130 وحدة سكنية بالكامل و700 وحدة سكنية أخرى في شكل جزئي، وخلّف 31 شهيداً وأكثر من 154 جريحاً. وبعضها لم تشهد إعادة إعمار حتى اليوم بسبب الحصار الإسرائيلي.

ويعتبر حازم الهولي (45 عاماً) بين الأشخاص الذين لا يزالون ينتظرون بناء مجمع أبو قمر السكني الذي دمرّه القصف الإسرائيلي في مايو/ أيار 2019. وهو يؤكد أنه لم يشعر بقيمة شهر رمضان ولم يعش طقوس استقباله ولا بهجته منذ تدمير شقته في المجمّع، وهو يعيش مع أبنائه الستة في منزل والده بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة. ويقول لـ "العربي الجديد": "قد يتعرض الشخص الذي يدخر مبلغاً لشراء شقة في غزة لمأساة هدم ما يملكه، وبالتالي طموحاته وأحلامه وأمنيات أطفاله، في لحظة قصف إسرائيلي، ويخسر كل شيء. لا مشروع آمناً لمنزل مستقبلي في غزة، وخلال العدوان الإسرائيلي العام الماضي حرمنا من العيد وحتى منزل والدي في المخيم تضرر من قصف إسرائيلي استهدف موقعاً قريباً".

المساهمون