غزيون يحتفلون بهجرة أبنائهم

16 ديسمبر 2022
أمل في الهجرة (محمد الحجار)
+ الخط -

تُوفي عشرات الغزيّين خلال رحلات اللجوء السرية إلى أوروبا بحراً محاولين اجتياز الحدود البحرية التركية. مع ذلك، لم يتوقفوا عن المحاولة. في الوقت الحالي، تدفع بعض العائلات أبناءها نحو الهجرة رغم المخاطر، لعدم جدوى بقائهم في قطاع غزة مع انعدام فرص العمل ومجالات الحياة لهم. وينشر الغزيون رسائل تهنئة على مواقع التواصل الاجتماعي لوصول ذويهم إلى اليونان أو بلجيكا. في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، نشرت عائلة بربخ من مدينة خانيونس (جنوب القطاع) على صفحة ملتقى العائلة على "فيسبوك" رسائل تهنئة وصوراً لأفراد العائلة بعد نجاحهم في الوصول إلى اليونان عبر مراكب صغيرة استقلوها من على شواطئ مدن تركية قريبة، واتجهوا على متن قوارب عدة نحو جزر يونانية، لتنهال التبريكات من الجيران والمعارف والمتابعين. وتشير جهات رسمية إلى ارتفاع أعداد المهاجرين من قطاع غزة إلى الخارج بشكل غير مسبوق. 
ويوضح مصدر من عائلة بربخ أن عدداً كبيراً من أفراد العائلة عاطلون عن العمل، وقد توجه البعض قبل عام إلى تركيا للعمل وجمع المال لدفعه لمهربين والسفر إلى اليونان وتقديم طلبات لجوء. هؤلاء اضطروا إلى الهجرة بعدما وصلوا إلى طريق مسدود. ويقول المصدر لـ "العربي الجديد": "ركب أفراد العائلة في قوارب متوجهين نحو اليونان، متحدين الخوف وبرودة الطقس. أحد الذين وصلوا كانت ترافقه زوجته وطفلته".  

الصورة
غزة (محمد الحجار)
بحث عن حياة أفضل خارج القطاع (محمد الحجار)

نهاية الشهر الماضي، كتب فايز النجار (35 عاماً) منشوراً على "فيسبوك" يبارك فيه لشقيقه مؤمن بالوصول إلى بلجيكا بعد رحلة لجوء خطيرة استمرت مدة شهر ونصف الشهر. بدأ رحلته عبر الحدود التركية اليونانية، واجتاز بعدها الحدود اليونانية إلى بلغاريا ثم مقدونيا الشمالية وصولاً إلى صربيا التي قضى فيها أياماً في ملجأ، قبل أن ينتقل إلى سلوفاكيا ومعه مجموعة من السوريين والفلسطينيين.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

لكن في سلوفاكيا، اعتقلتهم الشرطة السلوفاكية واحتجزوا يومين. وبعدما تأكدت من هوياتهم وغايتهم في الهجرة، منحتهم ورقة لمدة 48 ساعة لمغادرة البلاد، ليتوجهوا إلى بولندا وبعدها إلى ألمانيا، ثم ركبوا باصاً حتى وصلوا إلى العاصمة البلجيكية بروكسل. ويقول النجار لـ "العربي الجديد": "شقيقي مؤمن (32 عاماً) خريج كلية العلوم قسم فيزياء من جامعة الأزهر، عمل في أماكن عدة وتعرض لإذلال وعانى نفسياً. وخلص إلى أنه لا بد من المجازفة من أجل اللجوء إلى أوروبا رغم كل المخاطر. كان يقول دائماً: في غزة ميت وخارجها يمكن أن أموت. لكن إن وصلت سأنجو. وبالفعل وصل وها هو يقيم في ملجأ الآن". 
وعلى "فيسبوك"، أعرب عبد الرحيم قديح ووالده ووالدته عن سعادتهم لحصول الابن الأكبر محمود على وثيقة السفر اليونانية المخصصة للاجئين بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري. إثر ذلك، وزعوا الحلوى على الجيران والعائلة، في وقت ذبح فيه جيرانهم في بلدة عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس الأضحية ووزعوها على العائلة والجيران والعائلات الفقيرة لحصول ابنهم على الإقامة البلجيكية.

يقول قديح (40 عاماً) إن شقيقه محمود كان يعمل حداداً، إلا أنه طرد من عمله بسبب قلة الطلب على الحديد ليصبح عاملاً مياوماً. ويقول لـ "العربي الجديد: "في الوقت الحالي، إن الحصول على لجوء إنجاز وكسر للقيود التي عشناها في غزة والخوف من السفر والحرمان والكثير من التفاصيل. نعلم أن طريق اللجوء فيه موت، لكن هنا نحن نموت كل يوم".
وتشير وزارة الداخلية في غزة إلى أن عدد الذين غادروا القطاع من دون رجعة ما بين عامي 2007 و2021 بلغ 68.832. هذه الأرقام لا تتضمن التنسيقات المصرية التي يتم الإعلان عن كشفها بشكل يومي، وتعمل فيها مكاتب سياحية مع جهات مصرية رسمية من أجل تسريع السفر.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتتجاوز أعداد المسافرين مع التنسيقات المصرية 100 مسافر يومياً بحسب الكشوفات التي تنشرها صفحاتها بالتعاون مع الداخلية. لكن عدد المسافرين بلغ منذ يونيو/ حزيران عام 2013 وحتى إبريل/ نيسان عام 2022 حوالي 388.526 مسافرا. وما بين 30 و35 في المائة من هؤلاء غادروا بلا رجعة، بحسب الفيلم الوثائقي "الهجرة من قطاع غزة" الذي أنتجته شبكة التلفزيون العربي وبث في سبتمبر/ أيلول الماضي. 

الصورة
الظروف الصعبة في القطاع تدفع كثيرين إلى الهجرة (محمد الحجار)
الظروف الصعبة في القطاع تدفع كثيرين إلى الهجرة (محمد الحجار)

ويذكر الوثائقي أن 116 ألفاً إلى 135 ألف غزي هاجروا ما بين عام 2013 وحتى إبريل/ نيسان 2022 لم يعودوا إلى قطاع غزة من خلال خدمة التنسيقات المصرية. والمجموع الكلي المتوقع للمهاجرين من قطاع غزة عبر معبر رفح خلال 15 عاماً هو ما بين 185 ألفاً و205 آلاف، أي ما يقارب 10 في المائة من سكان قطاع غزة.

المساهمون