عمال مياومون في رمضان غزة

29 ابريل 2022
شبان كثيرون يحاولون الاستفادة من العشر الأواخر لتوفير المال (محمد الحجار)
+ الخط -

 

خلال شهر رمضان، لا سيّما في العشر الأواخر منه، يحاول غزيون كثر الاستفادة من إقبال الناس على الأسواق، ويتحوّلون إلى عمّال مياومين.

في سوق الشيخ رضوان بمدينة غزة، يبيت شرف أبو نحل البالغ من العمر 30 عاماً بالقرب من بسطته في العشر الأواخر من شهر رمضان. فيبدأ باكراً بترتيب البسطة وعرض الملابس عليها بالقرب من المحلات التجارية وسوق الخضار، قببل أن يبدأ مناداته في ما يخصّ العروض التي من شأنها استقطاب الزبائن. يُذكر أنّه ليس الوحيد الذي يعمد إلى ذلك في هذه الفترة من العام.

وأبو نحل يحمل شهادة في المحاسبة من جامعة الأزهر في غزة منذ ثماني سنوات، لكنّه يقول "لا أعمل إلا في أيام معدودة في أشهر محدّدة. وفي هذه الفترة، لا تكون استراحتي إلا في موعد السحور". ويلفت إلى أنّ "أسرتي مؤلفة من عشرة أفراد، ولي أشقاء ثلاثة هم كذلك خرّيجون جامعيون لكنّهم عاطلون عن العمل".

وفي قطاع غزة، تنشط الأسواق الشعبية في العشر الأواخر من رمضان، مع ظهور بسطات كثيرة، إذ إنّ الجميع يبحث عن رزق مؤقّت. فينشط العمّال المياومون في شوارع غزة، فالحصول على فرصة مؤقتة لجمع ولو قليل من المال أفضل من ملازمة منازلهم من دون الإتيان بأيّ عمل.

الصورة
عمال مياومون في رمضان غزة 2 (محمد الحجار)
كثر لا يجدون في تشغيل الصغار انتهاكاً لحقوقهم (محمد الحجار)

بالنسبة إلى هؤلاء، هذه فرصة للعمل، لكنّها ليست عادلة، إذ إنّهم يعملون من دون أيّ حقوق أو مراعاة لظروف عمل سليمة طوال اليوم، في حين يبيتون داخل المحال حيث يعملون أو بجوار البسطات في الشارع. ومن بين هؤلاء من لا تُتاح لهم مجالسة عائلاتهم في مثل هذه الأيام ليتمكّنوا من جمع أكبر قدر من المال، علماً أنّ معظمهم من الشبان والقصّر الذين يسعون إلى تأمين ولو مبلغ بسيط لتعليمهم أو لمساعدة أسرهم.

ويقول أبو نحل إنّه "لا يهمّ أين نبيت وكيف. المهمّ هو أن نعمل. وأتطلّع كما كثيرين إلى تحقيق ربح أفضل في هذه الأيام ممّا هي الحال في أيام العمل الأخرى"، موضحاً أنّ "ثمّة عاملين مياومين يحصلون في العشر الأواخر على أجرة يوم ونصف يوم مقابل كلّ يوم عمل. وقد يحصلون على أجرة يومَين في حال اضطروا إلى المبيت في مكان العمل".

الصورة
عمال مياومون في رمضان غزة 3 (محمد الحجار)
لا بدّ من العمل بما هو متوفّر (محمد الحجار)

وفي سوق البلد في شارع عمر المختار بمدينة غزة، شبان كثيرون يعملون في المحال وعلى البسطات. الشقيقان عماد وبراء من بين هؤلاء، علماً أنّ الأوّل، ويبلغ من العمر 27 عاماً، هو خريج كلية التمريض من الجامعة الإسلامية ويعمل على بسطة لبيع التحف والأدوات المنزلية. أمّا الثاني فيبلغ من العمر 21 عاماً وهو ما زال طالباً في قسم هندسة برمجيات في جامعة الأزهر.

والشقيقان يعملان في مواسم الأعياد، لا سيّما في العشر الأواخر من شهر رمضان وقبيل عيد الأضحى، منذ سبع سنوات. وعماد عاطل عن العمل، وقد أمضى سنوات في التطوّع على أمل للحصول على وظيفة في أحد المستشفيات الحكومية لكن من دون جدوى، فيما براء يعمل مياوماً حتى يؤمّن مصاريف الجامعة المكلفة بالنسبة إليه، لأنّ والدهما مسنّ وعاطل عن العمل، وعائلتهما تتألف من 11 فرداً. يقول براء إنّ "ثمّة أشخاصاً يتعرّضون للاستغلال في العمل في العشر الأواخر من قبل أصحاب محال تحقق مبيعات كبيرة في مثل هذه الأيام. هم يعلمون ذلك، لكنّ يغضّون الطرف لأنّهم يريدون العمل في أيّ ظرف كان، حتى لو تعرّض بعضهم لتوبيخ من أرباب العمل".

الصورة
عمال مياومون في رمضان غزة 4 (محمد الحجار)
أكثر من 160 ألف عامل مياوم تضرّروا من الأزمات (محمد الحجار)

أمّا في سوق الشجاعية بمدينة غزة، فلا رقابة على عمالة الأطفال الذين تُلاحَظ حركتهم بكثرة. هم إلى جانب العمّال الشبان، لا يتوقّفون عن العمل لا في النهار ولا في المساء. عزيز البيوض صاحب محلّ ملابس للأطفال في السوق، وهو لا يجد في تشغيل الصغار انتهاكاً لحقوقهم، مشيراً إلى أن "أهالي الأطفال أنفسهم طلبوا منّي تشغيل أولادهم الذين يسكنون في حيّ الزيتون حيث أقيم".

ويقول البيوض إنّ "التكاليف المترتبة على أصحاب المحلات مرتفعة"، شارحاً أنّ "الكهرباء والبضائع وعملية النقل، وكذلك الكهرباء التي توفّرها المولّدات الخاصة، كلّ ذلك مكلف". ولا يخفي أنّ "أصحاب المصالح تأثّروا سلباً في خلال هذا الموسم بسبب الأزمة الاقتصادية، في حين أنّ ثمّة أشخاصاً يعيشون وسط خوف من احتمال اندلاع عدوان إسرائيلي جديد بعد القصف الإسرائيلي في الأسبوع الماضي، لذا فضّلوا عدم إحضار أيّ بضائع".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وبحسب ما تفيد البيانات الأخيرة لوزارة العمل في قطاع غزة، فإنّ عدد العمّال يبلغ 360 ألفاً، من بينهم أكثر من 160 ألفاً عمّال مياومون يتضرّرون من جرّاء الأزمات، من قبيل أزمة كورونا الوبائية وكذلك العدوان الإسرائيلي، والظروف الاقتصادية الصعبة في القطاع. ويشكّل الذكور منهم 81.52 في المائة، فيما الإناث 18.48 في المائة.

المساهمون