استمع إلى الملخص
- الأطباء، المسعفين، وعمال المطاعم بين آخرين، يضحون بأوقاتهم لضمان استمرار الخدمات الأساسية، مما يؤثر سلبًا على الروابط الأسرية والعاطفية بسبب الحرمان من الاحتفالات.
- الخبراء القانونيون والناشطون يؤكدون على ضرورة مراعاة حقوق العمال في الإجازات، مشددين على العمل خلال الأعياد يجب أن يكون اختياريًا ومقابل تعويض مادي عادل لتعزيز قيمة العمل وكرامة العاملين.
حرم عمال في مصر من قضاء إجازة عيد الأضحى الأخيرة مع عائلاتهم بسبب طبيعة أعمالهم التي لا تتوقف خلال فترات الإجازات والأعياد. وأحدهم عادل الشامي الذي وقف طفلاه خالد ورحاب، وكلاهما في العقد الأول من العمر، في يوم العيد بعدما ارتديا أجمل ملابس، وأمسك كل منهما بلعبة جديدة على شرفة منزلهما، ونظرا بشغف إلى الشارع في انتظار عودة والدهما من أجل تمضية أجمل أيام العيد معه، ثم غلبهما النوم تدريجياً وتحسراً على ضياع الفرصة.
يؤدي عادل مهمات عملة خلال أيام الأعياد والإجازات الرسمية من دون كلل أو شكوى على غرار الكثير من عمال النظافة الذين يكرسون جهودهم للحفاظ على نظافة الشوارع وساحات المدن، ويفعل ذلك أيضاً السائقون وعمال محطات الوقود الذين يضمنون استمرار وسائل النقل العام لخدمة المواطنين، وعمال المطاعم وبائعو السلع الأساسية مثل الخبز والمواد الغذائية.
وإلى جانب هؤلاء يشمل الواقع ذاته أطباء الطوارئ والمسعفين الذين يصرفون ليالي الأعياد في قاعات العمليات والكسور والحروق ووحدات العناية المركزة من أجل إنقاذ أرواح المرضى والمصابين، وأيضاً عمال الأمن والحراسة الذين يضمنون سلامة المنشآت والممتلكات في المناسبات العامة.
قال عادل لـ"العربي الجديد": "تنطلق في عيد الأضحى الأفراح والاحتفالات كي يستمتع الجميع بها إلا نحن العمال الذين نقبع في أسفل سلم المتعة التي لا نصيب لها منها إلا النظر إلى الأسر المحتفلة بأجمل زينة، والتضحية بأبسط حقوقنا في الراحة والاستمتاع بأوقات الفرح".
أضاف: "ترتسم كل عام خطوط الحزن والشعور بالحرمان على وجوه أبنائنا وزوجاتنا، فرحلة الاستمتاع بأجواء الأعياد القصيرة تتحول لديهم إلى ساعات انتظار طويلة في انتظار عودتنا إلى المنزل بعد انتهاء واجباتنا".
وقالت دكتورة الطوارئ في مستشفى حكومي بالإسكندرية، أكينام إبراهيم، لـ"العربي الجديد": "قسم الطوارئ هو قلب النشاط الطبي على مدار الساعة. وفي أيام الأعياد والمناسبات الكبرى نكون دائماً على أهبة الاستعداد لاستقبال الحالات الطارئة، وأنا لا أستطيع أن أفعل ذلك مع عائلتي كما يفعل الآخرون، فالمرضى أولوية قصوى بالنسبة لي ولمنظومة العلاج".
تابعت: "أشاهد مغادرة بعض زملائي للاحتفال بالعيد مع أسرهم، بينما أبقى هنا لأتابع العمل وأقدم الرعاية الطبية للمرضى. تمر الدقائق أحياناً كأنها سنوات، وأنا أتابع الحالات المستعجلة وأجري الفحوصات والإسعافات اللازمة بعيداً عن أسرتي، لكن عندما أرى ابتسامة المرضى وشكرهم لي على جهودي المبذولة، أشعر بأنني أديت واجبي المهني والإنساني على أكمل وجه".
ومن بين غبار الدقيق وألسنة اللهب في الفرن المشتعل، ابتسم عطية الفولي (64 عاماً) بأسنانه التي لم يبق منها إلا اثنتين قاربتا على السقوط بفعل السن والمرض، وقال لدى وقوفه داخل مخبز بلدي وسط الإسكندرية حيث يعمل بجدية خلال أيام العيد، لـ"العربي الجديد": "أعمل في المخبز منذ أكثر من نصف قرن، وأعلم جيداً أن القانون يمنع إغلاق المخابز حتى في العطلات الرسمية والأعياد، وأرى أبنائي وأحفادي يتبادلون الزيارات بدوني، بينما أنا مضطر إلى البقاء في المخبز، فأبتسم لهم وأظهر السعادة والرضا، بينما ينفطر قلبي على تويت هذه اللحظات السعيدة من عمري".
من جهته، قال محمد علي الخبير القانوني والناشط الحقوقي لـ"العربي الجديد": "يملك جميع العمال الحق في قضاء أوقات الأعياد والإجازات الرسمية مع أسرهم وأحبائهم، بغض النظر عن طبيعة وأهمية أعمالهم، بعدما حدد قانون العمل ضوابط الإجازات، سواء في الأيام العادية أو في الأعياد والمناسبات".
تابع: "يجب أن يراعي أصحاب الأعمال ظروف كافة العاملين بقدر الإمكان في هذه المناسبات، وتوفير حوافز ومكافآت كبيرة للعمال الذين يضحون بقضاء الأعياد مع أسرهم من أجل الاستمرار في خدمة المجتمع. إذا اقتضت ظروف العمل ذلك، يستحق العامل في هذه الحالة إضافة أجر بحسب المادة 52 من قانون العمل. كما أنه لا يجوز إجباره على العمل من دون موافقته طوعياً، إذ يجب أن يكون الأمر اختيارياً مقابل حوافز مالية مجزية، فالعامل يقدم خدمات حيوية للمواطنين في مختلف القطاعات الحيوية، ويجب بالتالي ألا يكونوا محرومين من الاحتفال مع أسرهم كبقية المواطنين".