عمال فلسطين... تطعيم العابرين إلى الداخل مصلحة إسرائيلية

25 فبراير 2021
لقاح قبل العبور من الضفة الغربية إلى الداخل الفلسطيني (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
+ الخط -

 

بينما تتأخر حملة التطعيم من كورونا في الضفة الغربية، تسارع سلطات الاحتلال إلى تطعيم العمال الفلسطينيين الذين يعبرون إلى الداخل، حماية لمصلحتها.

على الرغم من شحّ اللقاحات المضادة لفيروس كورونا الجديد في الأراضي الفلسطينية، في الضفة الغربية المحتلة، إذ لم تتمكن وزارة الصحة الفلسطينية من إكمال المرحلة الأولى من التطعيم لكوادرها، فالاتفاق الذي جرى يوم الجمعة الماضي، بين وزارتي الصحة الفلسطينية والإسرائيلية بشأن تطعيم 100 ألف عامل فلسطيني خلال الفترة المقبلة، يوضح أنّ ذلك يصب بما لا يدع مجالاً للشكّ في مصلحة الاحتلال. فهذه الخطوة تتيح للاقتصاد الإسرائيلي الاستفادة من العمالة الفلسطينية الأساسية لكثير من قطاعاته، من دون الخشية من خطر انتقال العدوى من الضفة الغربية إلى الداخل المحتل عام 1948

منذ نحو شهر، وعلى جرعتين بفارق أسبوعين، تلقى وائل الشمالي لقاح "فايزر" المضاد للفيروس مثل غيره من العمال في شركة مقاولات إسرائيلية يعمل فيها منذ نحو عشرين عاماً، وذلك كشرط وضعته إدارة الشركة عليه وعلى جميع العاملين بها قبل السماح لهم بالدخول إلى مقرها وممارسة وظائفهم فيها. يقول الشمالي (57 عاماً) لـ"العربي الجديد": "لست العامل الفلسطيني الوحيد الذي جرى تطعيمه، فمنذ شروع دولة الاحتلال بحملة التطعيم قبل أكثر من شهرين، جرى تطعيم شرائح كثيرة ومنها حملة الجنسيات الأجنبية وجزء من العمال الفلسطينيين، وأنا منهم، لأنّ ذلك كان شرطاً من إدارة الشركات التي نعمل فيها". حصل الشمالي مقابل ذلك على بطاقة صادرة من وزارة الصحة التابعة للاحتلال تؤكد حصوله على اللقاح، وبالتالي تسهيل مهمته بالعمل أو التواجد في المراكز والمؤسسات والشركات الإسرائيلية.

الصورة

أما العامل عبادة حداد، فما زال متخوفاً من أخذ اللقاح، ويقول لـ"العربي الجديد": "أعمل في بناء مشروع تجاري ضخم في تل أبيب، وقد أبلغني المشرف بضرورة أخذ اللقاح، لكنّني متردد في ذلك لما أسمعه عن مضاعفات للقاح، خصوصاً أنّ التطعيم اختياري، لكنّني أعلم أنّني سأكون مضطراً لأخذه عاجلاً أم آجلاً".

من جهته، يقول أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد، لـ"العربي الجديد": "وفقاً لاتفاق بين وزارتي الصحة الفلسطينية والإسرائيلية جرى قبل أيام، سيتم تطعيم نحو 100 ألف عامل فلسطيني ممن يعملون في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 من دون استثناء، وبالمجان". ولا رؤية واضحة حتى الآن، لآلية تطعيم العمال الفلسطينيين في الداخل المحتل، وفق سعد، الذي يشير إلى أنّ المهمة ستكون موكلة بطواقم وزارة الصحة الفلسطينية، ويتابع: "قد توضع خيام ضخمة بالقرب من حواجز الاحتلال التي يدخل منها العمال إلى الداخل الفلسطيني، ليجري تطعيمهم فيها مع منحهم ورقة تثبت ذلك، وستكون جواز مرورهم عبر تلك الحواجز، وستمنحهم وزارة الصحة الإسرائيلية من طرفها بطاقة تثبت حصولهم على اللقاح حتى يتسنى لهم الدخول إلى المجمعات التجارية والمؤسسات الرسمية في الداخل". 

ويقرّ سعد أنّ هذه الخطوة مصلحة إسرائيلية بالدرجة الأولى، لكنّه يدعو العمال إلى أخذ اللقاح كي يستطيعوا مواصلة أعمالهم من دون عراقيل. ويشير إلى أنّ "إجراءات الإغلاق التي فرضتها إسرائيل بعد انتشار جائحة كورونا، حالت دون تمكن نحو 75 في المائة من العمال في العديد من القطاعات من الدخول والخروج من أماكن عملهم وإليها، كما اشترطت السلطات الإسرائيلية عليهم المبيت في الداخل، إذا ما أرادوا الاستمرار في أعمالهم، لكنّ تلقي اللقاح سيسهم في إزالة تلك العراقيل".

في المقابل، يدخل للعمل في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، آلاف العمال الفلسطينيين عن طريق "التهريب" علماً أنّ "هؤلاء من الصعب حصرهم، وبالتالي لن ينالوا اللقاح. ونحن اتفقنا على تطعيم من يدخلون بشكل قانوني عبر حصولهم على تصاريح للعمل"، يوضح سعد. ويتابع: "لا شك أنّ هناك خطورة ستكون على صحة هؤلاء، فمع تقديري لحالتهم الاقتصادية الصعبة واضطرارهم للدخول بهذا الشكل للعمل في الداخل المحتل، فإنّ المخاطر تضاعفت عليهم اليوم مع انتشار الفيروس بهذا الشكل الكبير في المجتمع الإسرائيلي".

الصورة

أما في ما يخص العمال الفلسطينيين الذين يعملون في المستوطنات المقامة في الضفة الغربية، فينطبق عليهم الإجراء نفسه الذي ينطبق على العمال في الداخل المحتل، إذ يتوجب على الشركات والمؤسسات تطعيم جميع العاملين لديها. وكانت وزارة الصحة الفلسطينية أعلنت الجمعة الماضي، أنها اتفقت مع وزارة الصحة الإسرائيلية على تطعيم 100 ألف عامل فلسطيني يعملون في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، بلقاح ضد فيروس كورونا. ووفق بيان صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية، فقد عقد اجتماع بين وزارتي الصحة الفلسطينية والإسرائيلية على المستوى الفني الخاص بكورونا، وتم الاتفاق على "تطعيم مائة ألف عامل فلسطيني من الذين يعملون في إسرائيل، كما تم طلب الاعتراف ببطاقة التطعيم الفلسطينية، وتم الاتفاق على التعاون الفني للحدّ من انتشار النسخ المتحورة من كورونا".

يأتي الإعلان عن تطعيم العمال الفلسطينيين، في ظلّ الكميات الشحيحة من اللقاحات التي وصلت إلى السلطة الفلسطينية حتى اليوم، ما جعلها لا تفي بتطعيم كوادرها على أكمل وجه، إذ يوضح علي عبد ربه، مدير ديوان وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، في حديث إلى "العربي الجديد" أنّ وزارة الصحة والحكومة قامتا بكلّ ما هو مطلوب منهما من تسجيل للقاحات وغيره من الإجراءات المطلوبة، كما دفعتا المبالغ المطلوبة "وبانتظار التسليم من الشركات المنتجة، تلقينا حتى الآن 12 ألف لقاح، منها ألفان من لقاح موديرنا و10 آلاف من لقاح سبوتنيك في، ونحن بانتظار الدفعات الجديدة بما يصل إلى 37.440 جرعة في المرحلة الأولى". 

ويؤكد عبد ربه أنّ عدد الكوادر الطبية جميعها بما يشمل المهنيين والعاملين في القطاع الخاص والأهلي والحكومي يصل إلى 100 ألف "لكنّ الجرعات التي وصلت حتى الآن ضئيلة العدد، ونحن بانتظار الدفعات الأخرى بكميات أكبر تسمح لنا بالإعلان عن بدء عملية تلقيح بقية المواطنين، خصوصاً في المرحلة الثانية وهي تطعيم المرضى المزمنين وكبار السن".

تجدر الإشارة إلى أنّه بينما تستهدف حملة التطعيم الإسرائيلية 100 ألف عامل فلسطيني، فإنّ هذا العدد يشمل معظم الفلسطينيين الذين يعبرون إلى الداخل المحتل عام 1948 بهدف العمل. فقد أوضح الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أنّ عدد العمال في فلسطين عموماً، بلغ مليوناً و10 آلاف سنة 2019، من بينهم 616 ألفاً بالضفة الغربية و261 ألفاً بقطاع غزة و133 ألفاً بالداخل والمستوطنات.

المساهمون