اتّهم "مركز عدالة" (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل) الجامعة العبرية في القدس بأنّها تتّبع سياسة تمييزية وتكيل بمكيالَين، وذلك في رسالة وجّهها إلى هيئتها الإدارية بعد قرارها القاضي بفصل الأستاذة نادرة شلهوب كيفوركيان. ووصف المركز القرار بأنّه "إجراء تعسّفي وعنصري وضلالي وغير دستوري وغير قانوني"، مطالباً بـ"العدول عنه فوراً".
ورأى المركز، في رسالته اليوم الأربعاء، أنّه في حين تدّعي الجامعة العبرية في القدس بأنّ مواقف شلهوب كيفوركيان محرّضة، فإنّها لم تتّخذ أيّ إجراء في حقّ أيّ من أفراد هيئة التدريس اليهودية أو طلاب يهود عمدوا بالفعل إلى التحريض صراحة وعلانية على المدنيين في قطاع غزة، وذلك وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة عليهم منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأكد "مركز عدالة" أنّ القرار الصادر أمس الثلاثاء من قبل الهيئة الإدارية في الجامعة العبرية في القدس مجحف، ولا سيّما أنّه أتى استناداً إلى الآراء التي عبّرت عنها شلهوب كيفوركيان في ما يخصّ الحرب على قطاع غزة.
وقد وجّه "مركز عدالة" رسالته اليوم، مستنداً إلى ما جاء في رسالة الفصل التي تلقتها شلهوب كيفوركيان "بلهجة عنصرية وخطاب كاره ولا يعتمد في جوهره إلا على اعتبارات أيديولوجية محضة وفاقد للصلاحية والمعقولية ولكلّ أساس قانوني، وذلك بحسب أنظمة الجامعة نفسها التي في كلّ وضع آخر لم تكن لتسوّل لها نفسها فصل عضو هيئة تدريس من دون جلسة استماع على أقلّ تقدير". وشدّد المركز على أنّ أيّ موقف اتّخذته الأستاذة الجامعية نادرة شلهوب كيفوركيان إنّما أتى "في نطاق حريّتها وحقّها في التعبير، ولم يتمّ في أروقة المؤسسة الأكاديمية ولم يمسّ مسّاً مباشراً بأحدٍ من عمّال وطلاب الجامعة"، ممّا "يخوّل الجامعة محاسبتها". وأكّد المركز أنّه "بناءً على ما ذُكر، فإنّ الإجراء باطل ووجب التراجع عنه".
أضاف "مركز عدالة"، في رسالته نفسها، أنّ "قرار الجامعة يتعارض مع القيم الإنسانية والقانونية الدولية التي تتجلّى بوضوح بقرار محكمة العدل الدولية التي أشارت بدورها إلى إمكانية وقوع جريمة الإبادة (الجماعية) في (قطاع) غزة. وهكذا، فهي تحارب وتدين أولئك الذين يحذّرون من حدوث هذه الجريمة عوضاً عن التصدّي للمنادين بها".
وتابع المركز أنّ "الإجراءات السياسية القامعة التي تقوم بها هيئة الإدارة تتناقض مع حرية التعبير والحرية الأكاديمية، وتدرجها في نطاق أنظمة أكاديمية ظلامية في العالم، وذلك عوضاً عن التشجيع على تطوير مواقف نقدية كما يجب على كلّ مؤسسة أكاديمية أن تفعل"، مبيّناً أنّ "إرسال رسالة بهذه اللهجة العنيفة لصوت معارض في هيئتها التدريسية لا يدلّ فقط على موقف داعم لسياسة المؤسسة العسكرية والدولة الإسرائيلية بشكل أعمى فحسب، بل إنّها مستعدة أن تتحوّل إلى أداة مراقبة وقمع وتأخذ دوراً فاعلاً في القمع السياسي".
تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الرسالة هي الثانية من نوعها التي تصل إلى الأستاذة الجامعية نادرة شلهوب كيفوركيان. فهي كانت قد تلقّت في 29 أكتوبر الماضي، رسالة تطالبها الجامعة العبرية في القدس من خلالها بالاستقالة، على خلفيّة توقيعها على عريضة تحذّر إسرائيل من ارتكاب أفعال إبادة جماعية في قطاع غزة.
وتندرج هذه الممارسات في إطار سياسة أوسع تقضي بملاحقات سياسية تستهدف الأكاديميين الفلسطينيين في الجامعات الإسرائيلية منذ بداية الحرب على قطاع غزة، وهذا أمر واضح بالنسبة إلى "مركز عدالة" من خلال متابعته حالات فصل وإبعاد وحتى طرد طلاب جامعيين عرب في أكثر من ثلاثين مؤسسة تعليمية إسرائيلية في خلال أشهر قليلة.