مع إمعان القوات الروسية الغازية في ضرب البنية التحتية الحيوية لأوكرانيا واستفحال أزمة الطاقة في أوروبا عموماً، بدأ المواطنون الألمان في الاستعداد لمواجهة سيناريو العيش في عتمة، في ظل التحذيرات من انقطاع التيار الكهربائي.
وتواكب القوات الخاصة التابعة للشرطة الألمانية الفيدرالية، وإدارات أخرى في الولايات والبلديات، التحضير للأوقات الصعبة.
وأورد موقع "ماينه فوخه" أن فريق إدارة الأزمات في مدينة مونشنغلادباخ نشط، عبر سلسلة اجتماعات عقدها أعضاؤه منذ الصيف الماضي في مركز للطوارئ، لوضع خطط للتعامل مع انقطاع التيار الكهربائي. وكشف أن عمدة المدينة فيليكس هاينريشيس أبلغ سياسيين تفاصيل التدابير الأولية التي ستتخذ في الأيام والأسابيع المقبلة، وبينها تجهيز أفواج إطفاء لتوفير نقطة اتصال أولى مع السكان من أجل الحصول على مزيد من المعلومات حول أوضاعهم، وإجراء مكالمات طوارئ في أوقات لا تتوفر فيها الاتصالات.
وسيجهز مقر موظفي إدارة المدينة بمولدات كهربائية لحالات الطوارئ، كي يستطيعوا تنفيذ مهام الحفاظ على البنية التحتية والنظام العام تماشياً مع الوضع القائم.
ورغم أن وكالة الأنباء الفيدرالية تستبعد حصول انقطاع طويل للتيار الكهربائي، واصلت إدارات رسمية في مدن أخرى تدابير الاستعداد للعتمة.
وأورد موقع "فوكوس أونلاين" أن "مسؤولي مدينة دوسلدورف، التي تقع على نهر الراين، أعدوا خطة تشغيل منسقة للتعامل مع انقطاع التيار الكهربائي، واتفقوا على المفاهيم والمعايير التي يمكن اعتمادها في حالات الخطر".
وباعتبار أن انقطاع التيار سيكون بمثابة تحدٍ كبير للقطاع الصحي، أفاد موقع "بايريشر روندفونك" بأن "مستشفيات ولاية بافاريا تستطيع التعامل بشكل جيد مع انقطاع الكهرباء على المدى القصير لمدة تتراوح بين يوم وأسبوع، وأن نحو 20 في المائة منها قادرة على توفير مصدر طاقة خاصة بها بشكل مستقل لمدة أكثر من أسبوع". وقدّر أن 88 في المائة من العيادات الخاصة و32 في المائة من دور الرعاية ستستطيع تعويض الانقطاع الكهربائي لساعات فقط.
وأورد الموقع أيضاً أن نحو 58 في المائة من العيادات في بافاريا حدّثت فعلاً خطط الطوارئ الخاصة بها، واتخذت تدابير إضافية.
وحالياً يحضر المرضى في برلين جوارب وبطانيات سميكة إلى الغرف، لأن الأطباء غالباً ما يضطرون إلى إيقاف التدفئة تماماً بسبب ارتفاع كلفة الكهرباء. وأبدى رئيس الجمعية الطبية يوهانس شتاينهارت امتعاضه من خفض درجة الحرارة في غرف العلاج إلى 19 درجة لتوفير الطاقة.
وفي شأن النقل، وُضعت ترتيبات لتنقل السكان في حال انقطاع الكهرباء، حيث ستستبدل الحافلات الكهربائية بأخرى تعمل على الديزل، وسيُشغّل مترو الأنفاق والترام بواسطة الغاز الحيوي متعدد الاستخدام، والذي يعتبر مصدراً للطاقة العالمية.
وقال رئيس إحدى مديريات الشرطة الفيدرالية في برلين، أولاف ليندنر، لوكالة الأنباء الألمانية، إن "استعدادات الشرطة متواصلة، وتركز الخطط على تحقيق متطلبات الحفاظ على أكبر قدر من الإنتاجية، والعمل أطول فترة ممكنة في حال وقوع هجوم إلكتروني على مصادر إنتاج ومحطات للطاقة في العاصمة. وفي حال انقطاع التيار الكهربائي مثلاً، ستتوقف مضخات البنزين في محطات الوقود عن العمل، لكن جرى تعزيز القوات ورفع مستوى الجهوزية من أجل الصمود، وقد زدنا احتياطاتنا بشكل كبير".
وأكد ليندنر أن القوات الخاصة الأخرى التابعة للشرطة الفيدرالية على أهبة الاستعداد أيضاً، ومتأهبة لحماية أنظمة السكك الحديدية بالتنسيق مع شركة "دويتشه بان" للقطارات، من أجل دعمها برحلات مراقبة وخدمة، ومساعدة المكتب الفيدرالي للحماية والمساعدة في حالات كوارث تشمل حصول انقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي، علماً أن التوقعات تشمل انهيار البنية التحتية الأساسية وانقطاع المياه وتعطل التدفئة وخطوط الهاتف والإنترنت وأجهزة الصرف الآلي، وكذلك سلاسل التوريد مع انقطاع عمليات الإمداد، وتوقف إشارات المرور عن العمل إلى جانب القطارات ومترو الأنفاق، ومواجهة القطاع الطبي والمستشفيات تحديات أخرى".
وفي ضوء النقاشات الخاصة بانقطاع التيار الكهربائي ونقص الغاز، أفادت وكالة الأنباء الألمانية بأن "مقدمي دورات الاستعداد لكوارث، مثل انقطاع التيار الكهربائي، سجلوا عدداً متزايداً من المشاركين، كما تضاعفت الاستفسارات التي تلقاها الصليب الأحمر الألماني. ونقلت عن المتحدثة باسم وكالة الانباء الألمانية أنكاترين تريتشوكس قولها إن "الاهتمام بالموضوع يزداد، وندعو إلى تمديد البرنامج الفيدرالي للإسعافات الأولية مع محتوى الحماية الذاتية الذي يموله المكتب الاتحادي للحماية المدنية والمساعدة في حالات الكوارث حتى نهاية 2024".
أجهزة رخيصة
وذكر موقع "شتيرن" أن المواطنين خزنوا 650 ألف مدفأة مروحة لفصل الشتاء هذا العام، وأجهزة أخرى رخيصة الثمن، لا يتجاوز ثمنها 47 دولاراً، والتي توفر الحرارة بسرعة.
وفيما تنشر مؤسسات إعلامية العديد من التقارير والتعليمات عن كيفية التعامل مع حالات الطوارئ وأزمات انقطاع التيار الكهربائي، فهي تحدثت عن "توفير مصابيح يدوية تعمل بالبطارية، وأخرى احتياطية مثل أضواء التخييم وفوانيس، وتضيف: "من المهم أيضاً تأمين كميات من المؤن والمياه تكفي مدة أسبوعين على الأقل، واختيار أطعمة قابلة للتخزين مدة طويلة، مثل المعكرونة والأرز والبقوليات والمعلبات، وأخرى يمكن تناولها باردة أو غير مطبوخة إذا لزم الأمر، إلى جانب مستلزمات أخرى بينها الأدوية الضرورية والشخصية، وأغذية الأطفال والحيوانات الأليفة، مع الاستعانة أيضاً بشواحن بطاريات الهواتف التي تعمل على الطاقة الشمسية، ومذياع يعمل على بطارية يمكن من خلاله متابعة إخطارات السلطات".
إلى ذلك، أوصى مكتب الحماية المدنية والمساعدة باستخدام موقد التخييم في حالة الكوارث، والذي يتيح إعداد وجبات أصغر في حال انفصل التيار الكهربائي عن المطابخ المجهزة.