عائلة تطالب بالتحقيق في وفاة ابنها "منتحراً" بمركز للشرطة الفلسطينية

06 مايو 2022
أفادت الشرطة بأنّه أقدم على الانتحار (العربي الجديد)
+ الخط -

بعد دفن الفلسطيني أحمد وراسنة (40 عاماً)، الذي توفي بمركز للشرطة في بلدة سعير الواقعة في محافظة الخليل جنوبي الضفة الغربية، راحت عائلته تطالب بالتحقيق في تلك "الوفاة الغامضة" ومحاسبة المقصّرين.

وأحمد، من بلدة الشيوخ في الخليل، كان موقوفاً على خلفيّة دَين وشيكات مرتجعة، بحسب ما توضح العائلة لـ"العربي الجديد".

وكانت عائلة وراسنة قد أعلنت، مساء أمس الخميس، عن وفاة ابنها أحمد، بعد يومَين من دخوله في غيبوبة في أحد المستشفيات، علماً أنّ الشرطة الفلسطينية أعلمت العائلة بأنّ ابنها أقدم على الانتحار في مكان توقيفه، الأمر الذي دفعها إلى طرح تساؤلات عدّة حول حقيقة ما حصل.

ويتساءل يوسف وراسنة، شقيق أحمد، في حديث لـ"العربي الجديد": "كيف يُوضَع حرام (غطاء) في داخل مقرّ التوقيف يتضمّن إطاراً تمكن إزالته واستخدامه للانتحار؟ ولماذا أبقوه وحده داخل النظارة (غرفة التوقيف)؟ ولماذا لم يُنقَل إلى مركز الظاهرية وفقاً لطلبه ووفقاً للإجراءات المتّبعة؟ ولماذا بقي من دون رقابة، على الرغم من أنّه كان وحيداً في غرفة التوقيف؟ ولماذا لم تُقدَّم له الإسعافات؟ ولماذا تأخّرت مركبة الإسعاف؟".

وأحمد، الذي دُفن ظهر اليوم الجمعة، خضعت جثته للتشريح بمشاركة طبيب منتدب عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، لكنّ ابن عمّه ناجي وراسنة كشف لـ"العربي الجديد" أنّ العائلة لم تحصل على معلومات حول نتائج التشريح، و"سوف نتوجّه إلى المؤسسات الحقوقية عبر الطرق القانونية للمطالبة بالتحقيق والمساءلة"، مشيراً إلى أنّ "أحمد كان قد اعتقل على خلفية شيكات مالية ودَين يقدّر بما بين 20 ألفاً و30 ألف شيقل (ما بين خمسة آلاف وتسعة آلاف دولار أميركي تقريباً)، وهو عامل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948".

لا آثار عنف

وفي هذا الإطار، يقول مدير مكتب الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان فريد الأطرش، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الهيئة أخذت إفادة العائلة، وشارك طبيبها في التشريح بناءً على طلب الأهل"، مضيفاً أنّ "المعلومات الأولية تشير إلى أنّه كان موقوفاً منذ 30 إبريل/ نيسان الماضي، أي قبل عيد الفطر بيومَين. وهو كان موقوفاً وحده في مركز شرطة سعير، نظراً إلى عدم وجود موقوفين آخرين في تلك الفترة. وقد أفادت الشرطة بانتحاره يوم الثلاثاء الماضي، من خلال فكّ إطار الغطاء وربطه بنافذة الغرفة". ويتابع الأطرش أنّ "الشرطة أفادت بمحاولة تقديم الإسعاف له في المقرّ، وبتأخّر وصول مركبة الإسعاف، ليدخل في حالة موت سريري ويُعلن عن وفاته أمس (الخميس)".

وفي ما يخصّ عملية التشريح، يوضح الأطرش أنّ "لا آثار عنف خارجي عليه. وقد طالبت الهيئة بالتحقيق في ظروف الوفاة ومحاسبة أيّ شخص قصّر (في هذه القضية)". ويتحدّث عن "ملاحظات تتعلّق بضرورة نقل الموقوف خلال 24 ساعة إلى السجن"، لافتاً إلى أنّ "الشرطة أفادت بأنّ الموقوف هو من طلب البقاء في سعير لينهي ملفه خلال أيام، وقد تجاوبت الشرطة معه".

لكنّ يوسف يتّهم الشرطة بـ"عدم تقديم الإسعاف لشقيقي في داخل المقرّ، فيما تأخّرت مركبة الإسعاف ما بين 40 دقيقة وساعة كاملة." ويقول إنّ "شقيقي أبلغنا في اتصال هاتفي من السجن قبل الحادثة بأنّه طلب من الشرطة نقله إلى مركز الظاهرية، لأنّه وحيد في غرفة التوقيف، كما طلب زيارة أبنائه قبل العيد وخلاله، لكنّ الشرطة رفضت".

وقد أعلنت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، في بيان، أنّها تتابع وفاة وراسنة، وقد تواصلت طواقم الهيئة مع عائلته واستمعت إلى إفاداتهم، وزارت النظارة حيث كان محتجزاً بالتنسيق مع قيادة الشرطة.

وأضافت أنّها تابعت تشريح جثمانه الذي تمّ اليوم الجمعة، من خلال انتداب طبيب خاص بالهيئة بالتنسيق مع الطب العدلي وموافقة النيابة العامة، لافتة إلى أنّها سوف "تستكمل تحقيقاتها في الحادثة، وتُطلع العائلة والجهات الرسمية وتعلن النتائج حال استكمال التحقيقات".

رواية العائلة

ويروي يوسف أنّ "أحمد اعتُقل في شهر ديسمبر/ كانون الأوّل الماضي، بناءً على مذكّرة رسمية، في قضية شيكات مرتجعة ودين مالي. وقد أتى اعتقاله بعد منتصف الليل، ليُنقل في اليوم التالي إلى المحكمة. وفي طريق العودة، تمكن من الفرار من الشرطة، وبقي فاراً حتى يوم السبت الماضي (30 إبريل)، عندما ألقت الشرطة القبض عليه وهو في طريقه إلى تناول الإفطار مع أبنائه خارج البيت".

ويضيف يوسف: "شقيقي اتّصل بعائلته من مركز الشرطة في ليلة الاعتقال نفسها، وطلب منهم جلب دخان وأغراض أخرى له، وبالفعل أحضرتها العائلة له، من دون أن يُسمَح لها بزيارته. وفي اليوم التالي، اتّصل مرّة أخرى وطلب إحضار أبنائه له قبل عيد الفطر بيوم، لكنّ الشرطة رفضت. كذلك الأمر في أوّل أيام العيد".

ويتابع يوسف: "وظهر الثلاثاء الماضي، تلقيت اتصالاً أخبروني فيه بإقدام شقيقي على الانتحار، فتوجّهت إلى المقرّ وطلبت معاينة الغرفة. وبالفعل عاينتها، لكنّ ما استخدمه أحمد كحبل ليشنق نفسه كان قد أُخذ للتحقيق".

ولا يخفي يوسف أنّه أخبر الشرطة بأنّ شقيقه يحبّ الحياة، سائلاً: "كيف ينتحر إذاً؟. فأجابني رجل الشرطة المناوب حينها أنّه قبل الحادثة بربع ساعة طلب أحمد قهوة. لكنّ العناصر فوجئوا بصوت عندما أحضروا القهوة له. فسألت: هل من الممكن لشخص يطلب القهوة أن ينتحر بعد دقائق من ذلك؟".

ويكمل يوسف أنّه توجّه إلى المستشفى وطلب رؤية شقيقه، الذي كان في غرفة العناية الفائقة في حالة موت سريري، "لكنّني لم أتمكّن من ذلك إلا بعد ساعة، وقد تواصلت مع شرطي أعرفه مسبقاً. حينها لاحظت آثار حبل على عنقه". ويشدّد أنّ "مطلب العائلة كان تحقيق العدالة، وبعد شعورنا بالمماطلة، قرّرنا إقامة اعتصام أمام مركز الشرطة أمس الخميس، قبل وفاته"، مشيراً إلى أنّ "الشرطة وعدت العائلة بتوفير تقرير طبي عن حالته لتتمكّن من مراسلة المستشفيات. لكنّها ماطلت حتى الثالثة من عصر أمس، فرفضت العائلة تسلّمه بسبب تلك المماطلة".

المساهمون