"سنغني للأمل وإن كان بعيداً".. هذا ما يردده الطفل اليمني علي علاوي (14 عاماً) بائع حلوى المجلجل (السمسمية) والقادم من أحد الأحياء الشعبية في العاصمة صنعاء، يحمل في قلبه ترانيم العشق لمستقبله المجهول، وعلى رأسه صينيته المليئة بحلوياته يتجول ليكسب لقمة عيش كريمة لأسرته، فقد توفي والده، ما اضطره إلى مغادرة مقاعد الدراسة والخروج لسوق العمل.
ومن المكونات الأساسية لحلوى المجلجل الشعبية في اليمن، السمسم واللوز، يتم خلطهما، ومن ثم قليها فوق النار، ثم تترك لساعات حتى تبرد ويتم تقطيعها إلى أقراص صغيرة، يصففها علاوي في صينية وينطلق بها إلى الشارع لبيعها مدندنا بمقاطع من أغان يصدح بها.
يمتلك علاوي صوتاً ساحراً يلفت الأنظار بموهبته ويطرب زبائنه، إذ يتميز ببحة فريدة وتعدد ألوانه الغنائية بين اليمني والمصري والخليجي. يقول علاوي لـ "العربي الجديد"كنت أدرس وكان أبي يصرف علينا ولا يحرمنا من شيء، لكنه توفي ووجدت نفسي مضطراً للعمل حتى أعيل أمي وإخواني.
ويضيف علاوي، "بدأت أغني مع نفسي كل يوم وأنا في طريقي لبيع المجلجل قرب الكليات، وكنت أخاف أن يسمعني أحد، وذات يوم كنت أجلس وحدي بجوار إحدى قاعات كلية الإعلام في جامعة صنعاء أعد أقراص المجلجل وأغني فسمعني الطلاب وسجلوا صوتي من دون معرفتي، وانتشر الفيديو في أوساطهم وأصبح كل من يأتي لشراء المجلجل يطلب مني أن أغني، ومن ثمّ كسرت حاجز الخوف وأصبحت أغني للجميع وشعرت بالسعادة عندما أعجبوا بصوتي".
ويتابع علاوي بحماس "لقد بات الطلاب يتصلون بي إذا غبت يوماً أو ذهبت إلى كلية أخرى ويقولون لي " ضروري ياعلاوي تجي تغني لنا".
ويشير"بالأمل نحيا رغم المحن والصعوبات، وسننجو من واقعنا بالكفاح، لقد أصبحت اليوم من أسعد الناس بصوتي ولست حزيناً على ما انقضى، أنا حزين فقط لأني لا أستطيع إكمال دراستي" .
وفي السياق، يقول محسن السريحي طالب في كلية الإعلام لـ "العربي الجديد": "علاوي قصة ملهمة لنا، طفل يتحمل مسؤولية بيت ويعيل أسرته ويطربنا بصوته العذب وفي زمن الحرب يبعث فينا الأمل الذي تبعثر على أرصفة اليأس".
من جهته يقول الصحافي مبارك اليوسفي، إن علاوي يطرب الناس بصوته، نأمل أن يجد من يتبنى موهبته فهو من الأطفال الذي أنجبتهم الحرب وكغيره من اليمنيين يطمح أن يعيش بعزة وكرامة ويحقق حلمه ويعود إلى فصول الدراسة .