صور تكشف عذابات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي

13 مارس 2024
سجون الاحتلال تضيق بأعداد الأسرى الفلسطينيين (أرشيف/Getty)
+ الخط -

تكشف العديد من صور الأسرى الفلسطينيين الذين جرى الإفراج عنهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي في الفترة الأخيرة، حجم المآسي التي يتعرضون لها بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إذا ما جرت مقارنة صورهم لحظة الإفراج عنهم بما كانت عليه قبل اعتقالهم.

مرآة الأسرى تكشف المأساة

رغم أن ظروف السجن الإسرائيلي بالغة السوء، فإن الأسير المحرر فخر الرنتيسي كان يعتبر نفسه والأسرى العشرة الذين كانوا بالغرفة المكتظة معه، محظوظين، فقد كانت هناك مرآة صغيرة معلقة على إطار خشبي على أحد جدرانها، وكانت هي الوسيلة الوحيدة ليدركوا حجم الإرهاق والتعب الذي أصابهم بسبب الاعتداءات المتواصلة للسجانين الإسرائيليين عليهم المترافقة مع قلة الطعام المقدم، وعدم قدرتهم على حلق شعر رؤوسهم وأذقانهم.


الرنتيسي وهو ناشط شبابي، أمضى معظم الأشهر الخمسة عقب اعتقاله، على خلفية أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في سجن "عوفر" المقام على أراضي بلدة بيتونيا غرب مدينة رام الله.

يقول الرنتيسي لـ"العربي الجديد" متندرا على ما ألم بالأسرى الفلسطينيين: "من حسن حظي في داخل غرفتي أنه توجد مرآة صغيرة جداً مثبتة على إطار خشبي قديم عمرها كما علمت من رفاقي بالغرفة يزيد عن ثلاثين سنة وأكثر. كانت هي الوسيلة الوحيدة التي أتواصل فيها مع نفسي، ومن خلالها ألاحظ تغيير ملامح وجهي، من نحافة وتعب ونمو شعر اللحية".

تجربة الاعتقال الأقسى

تجربة الرنتيسي الأخيرة هي الأصعب من بين اعتقالات عديدة سابقة له لدى الاحتلال الإسرائيلي. يقول الرنتيسي: "عادت الحركة الأسيرة إلى نقطة الصفر بكل ما تحمله الكلمة من معنى. بل تحت الصفر دون مبالغة، فقد سحبت إدارات السجون الإسرائيلية كل الإنجازات التي حصل عليها الأسرى من خلال سلسلة طويلة من الإضرابات عن الطعام، وقدموا تضحياتهم الباهظة من أرواحهم وأعمارهم حتى حصلوا عليها".

طعام الأسرى في سجون الاحتلال علبة لبنة صغيرة مع قطع خبز جافة تقدم كغداء لعشرة رجال


يأتي الرنتيسي -المكنى بـ"أبي حور"، وهي طفلته الكبرى ولديه طفلة أصغر منها- على ذكر تفاصيل الحياة اليومية للأسرى، في ظل عمليات القمع والتنكيل بحقهم. يقول: "يقطعون عنا الكهرباء بشكل يومي من الساعة الخامسة فجراً إلى الرابعة عصراً. كما جرى سحب كل شيء موجود مع الأسرى بالكامل، وتبقى بعض الملابس والصحون والملاعق، ولاحقاً تم سحب الملاعق المعدنية، ولكل أسير فرشة واحدة، سواء كان يوجد لديه سرير المعروف بـ(بُرش) أم ينام على الأرض، وهناك على الأقل 4 أسرى إضافيين في كل غرفة". 

وبالنسبة للمياه الساخنة، يوضح الرنتيسي أنها تأتي لمدة 45 دقيقة كل يوم، ويقول: "لحسن الحظ كان هناك مكان للاستحمام في غرفتي، ومعظم الغرف لا يوجد بها، فيضطر الأسير إذا أراد الاستحمام أن يستخدم مكان الاستحمام الموجود في الساحة العامة".

صدمة الأسير زاهر موسى

المعاناة ذاتها وأصعب عاشها الأسير زاهر موسى من بلدات محافظة نابلس شمال الضفة الغربية. فهو لم يدرك التغييرات الجسمانية التي تعرض لها إلا عندما نشر قريب له صورة له قبل اعتقاله ملاصقة لأخرى بعد الإفراج عنه.
يقول موسى لـ"العربي الجديد": "حقيقة كانت صدمة. شعري كان أشعث، وهناك تساقط كبير له في مقدمة الرأس، نتيجة انعدام مواد التنظيف، وقلة التعرض للشمس. إضافة لخسارتي نحو 40 كيلوغراماً من وزني". 


موسى يصف يوميات الأسرى قائلاً: "أول تجربة لي مع سجون الاحتلال كانت عام 1993. لكن هذه الفترة على قلتها بأربعة أشهر هي الأصعب دون منازع. فعلى سبيل المثال الخروج من الغرفة لساحة السجن التي يطلق عليها الأسرى (الفورة) كانت سابقاً ثلاث مرات يومياً، ولمدة ساعة في كل مرة، وأحياناً أطول. لكنهم اختصروها إلى عشر دقائق فقط طيلة 24 ساعة، وفي كثير من الأيام لم يكونوا يسمحون بها مطلقاً ولعدة أيام".

الطعام بحسب موسى، قليل كماً ونوعاً: "مثلاً علبة لبنة صغيرة مع قطع خبز جافة تقدم كغداء لعشرة رجال، ما سبب فقدان الوزن بشكل كبير للأسرى، وهانت أجسادهم وضعفت بنيتهم".

ويذكر موسى أنه في حال اقتحم جنود الاحتلال الغرفة ووجدوا الأسرى يصلون أو يأكلون الطعام يقومون بمعاقبتنا أسبوعاً كاملاً.

 ويوضح الأسير المحرر، مازن الدنبك، من مدينة نابلس لـ"العربي الجديد" أنه لم ير وجهه إلا عندما دخل إلى صالون الحلاقة عقب الإفراج عنه، قائلاً: "الحلاقة للأسرى ممنوعة تماماً، ولا يوجد أصلاً شفرات حلاقة، وهنا يكمن التحدي، فكعادتهم الأسرى قادرون على تجاوز كل معوقات الاحتلال، حيث اضطروا إلى قص شواربهم بمقص الأظافر، وعملوا على تحويل ملاعق معدنية إلى ما يشبه أمواس الحلاقة، بعد حفها بقضبان الأبراش الحديدية، لتقصير اللحى وجوانب الرؤوس حتى لا يظهر أنهم حلقوها أمام السجانين".

ويؤكد الدنبك: "رغم كل شيء، فالأسرى معنوياتهم تناطح عنان السحاب. يدركون أنها مرحلة صعبة وستمر قريباً، قلوبهم معلقة بالله، ثم لإيمانهم المطلق بالعمل الجاد على صفقة مشرفة تبيض السجون وتغلقها إلى غير رجعة".

الاحتلال ينقل الأسير وليد دقة للمستشفى بعد تدهور صحته

نقلت إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي، وللمرة الثانية خلال أسبوعين، الأسير الفلسطيني المريض بالسرطان وليد دقة إلى مستشفى "أساف هاروفيه" في الرملة، بسبب تدهور حالته الصحية، ومنعت محاميته من زيارته.

وبحسب بيان لعائلته، اليوم الأربعاء، فقد كانت "المحكمة العليا" الإسرائيلية رفضت الإفراج عن وليد دقة في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، ولا تزال تحرم عائلته من زيارته منذ أكثر من خمسة أشهر. 

وقالت العائلة: "إن الحالة الصحية حرجة جداً للأسير وليد دقة، رغم أنه أنهى محكوميته الفعلية منذ 24 مارس/آذار 2023، ويدخل بعد عشرة أيام عامه التاسع والثلاثين في الأسر، وهي تتطلب تدخلاً عاجلاً لإنقاذ حياته".

وتابعت العائلة: "وكلنا أمل ويقين بأن يطلق سراحه على رأس قائمة للأسرى في أول عملية تبادل، وهو الحالة الأكثر حرجاً اليوم بين الأسرى المرضى فهو في وضع خطير جداً".

المساهمون