على أطراف مدينة إدلب السورية لم يبق للنازحة سعاد الحمدو (37 عاماً)، وأبنائها سوى بقايا خيمة مهترئة، دمرها قصف النظام السوري وحلفائه خلال هجماته العنيفة على المناطق السكنية في شمال غرب سورية الممتدة منذ عدة أيام، مسفرة عن المزيد من الضحايا والخسائر.
استهداف النظام السوري وحلفائه لمخيمات النزوح يضاعف معاناة النازحين، إذ تعد هذه المخيمات "الملاذ الوحيد لمئات العوائل التي هربت من القصف سواء الحالي أو خلال السنوات الماضية، وهي عبارة عن خيام قماشية لا يمكن أن ترد شظايا القصف"، وفقاً لتصريحات عضو الدفاع المدني السوري حميد قطيني لـ"العربي الجديد".
يشير قطيني إلى حالة الخوف والهلع في المخيمات ورعب النازحين من فكرة نزوح وتهجير جديدة ما يزيد من معاناتهم ومأساتهم، مشيرا إلى أن القصف الذي طاول مخيمات إدلب لم يكن الوحيد، إذ تعرض مخيم للنازحين على أطراف مدينة إدلب للقصف أيضاً خلال اليوم الثاني من حملة التصعيد الحالية.
ويحذر قطيني قائلا: "نحن على أبواب كارثة إنسانية ومأساة كبيرة إذا استمرت حملة القصف الهمجي لمناطق إدلب المكتظة بالسكان والنازحين، إذ إن هناك آلاف العوائل التي تقطن المناطق المستهدفة"، لافتا إلى خطورة القصف واستهدافه المباشر لعدد من المرافق الطبية والمراكز الحيوية في المدينة، والأخطر من كل ذلك استخدام قوات النظام الصواريخ التي تحوي ذخائر حارقة تتسبب في اشتعال الحرائق، ما يشكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني.
النازحة سعاد الحمدو: لملمنا قهرنا وجراحاتنا وانطلقنا في رحلة نزوح جديدة
نعود إلى النازحة الحمدو التي نجت بأعجوبة حين تعرض مخيمها للقصف صباح أمس، قائلة لـ"العربي الجديد": "ملأ الخوف والحزن المكان وكأننا نعيش أهوال يوم القيامة، هربنا قبل سنوات من قرانا وها هي تلاحقنا الصواريخ إلى مكان نزوحنا الجديد. لملمنا قهرنا وجراحاتنا وانطلقنا في رحلة نزوح جديدة".
مكررة سرد معاناتها: "رمى جنود الأسد قذائفهم على المخيم الذي نقيم فيه على أطراف مدينة إدلب ما أدى لتمزق الخيمة جراء الشظايا. حزمنا أمتعتنا على وقع أزيز القذائف والصواريخ، وسارعنا بإخلاء المكان على الفور للبحث عن مكان أكثر أماناً".
قصدت الحمدو مخيمات كللي حيث تقيم أختها للمكوث معها ريثما تنتهي هذه الحملة ويتوقف القصف، ولا تعلم إن كان بمقدورها العودة ثانية إلى مخيمها الذي تضرر بشكل كبير جراء الاستهداف ووقع فيه العديد من القتلى والجرحى.
ويصف الناشط المدني حسام المصطفى قصف المخيمات بـ"المؤشر الخطير جداً نظراً للكثافة السكانية في المخيمات وهشاشتها وعدم قدرتها على مواجهة نيران القصف"، مضيفا أن الكثير من النازحين حالتهم المادية يرثى لها وليس بمقدورهم الانتقال والعيش في مكان آخر ودفع بدل إيجارات مرتفعة.
وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن المنطقة تشهد حركة نزوح لمئات المدنيين من المخيمات المستهدفة والمخيمات المجاورة لها إلى مناطق أخرى خوفاً من تجدد القصف، ما يؤدي إلى تدهور الوضع الإنساني أكثر مما هو متدهور.
من جانبه، وثق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) حصيلة أولية لضحايا القصف المدفعي والصاروخي المكثف من قبل قوات النظام وروسيا على مدن وبلدات ريفي إدلب وحلب، حتى الساعة السادسة والنصف من مساء أمس الأحد، إذ بلغ العدد الكلي للقتلى والجرحى 6 قتلى مدنيين، بينهم طفلان وامرأة، وتوفيت امرأة بسكتة قلبية خوفاً من القصف، ووصل عدد الجرحى إلى 30 مدنياً، بينهم 12 طفلاً و6 نساء، في حصيلة غير نهائية لهجمات صاروخية من قبل قوات النظام على مدينة إدلب.
واستهدفت الهجمات على دفعتين الأحياء السكنية ومخيمين للمهجرين بالقرب من الأحياء السكنية، ومرافق طبية وتعليمية وخدمية، ومراكز للدفاع المدني السوري، وسوقاً شعبياً وطرقات رئيسية ودوارات وسط المدن والبلدات.
وفي وقت سابق، قالت الخوذ البيضاء إن هجمات الجيش السوري "تصاعدت بشكل ملحوظ" بريفي حلب وإدلب خلال الأيام الماضية، معتبرة إياها "انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر صراحة استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية.
وطالبت المنظمة السورية في بيان المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حاسمة لوضع حد لهذه الهجمات وإيجاد صيغة تضمن توقف حكومة الرئيس السوري عن "الاستهداف الممنهج للسكان"، بحسب نص البيان.