شمال سيناء... شواطئ ساحرة في انتظار المصطافين

13 يوليو 2023
شواطئ شمال سيناء جاهزة لعودة السياح (خالد الدسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

حرم الإرهاب سكان محافظة شمال سيناء وكل المصريين من الاستمتاع بشواطئ المحافظة على مدار السنوات الماضية التي شهدت تدهوراً أمنياً كبيراً ومواجهات دامية في مناطق مختلفة، من بينها أحياء داخل المدن الكبرى، لكن الأشهر الأخيرة شهدت فرض السيطرة الأمنية بعد التمكن من القضاء على إرهاب تنظيم ولاية سيناء المحسوب على "داعش". ومع عودة الهدوء إلى سيناء، استعادت شواطئ شمال سيناء الفيروزية الجميلة روادها بشكل تدريجي، فيما تسعى الأجهزة الحكومية إلى إقامة فعاليات وأنشطة ترفيهية لجذب الزوار بهدف توفير فرص عمل ومصادر دخل للسكان، وتثبيت حالة الاستقرار الأمني.
وخلال الأيام الأخيرة، شهد محافظ شمال سيناء، اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، افتتاح موسم الصيف ضمن مبادرة "صيفك عندنا" التي أطلقتها مديرية الشباب والرياضة، مؤكداً أن شمال سيناء مستعدة لاستقبال المصطافين من كل محافظات مصر، داعيا جميع المواطنين إلى زيارة شمال سيناء والاستمتاع بطبيعتها الساحرة وشواطئها الممتدة لمسافة تتجاوز 200 كيلومتر على ساحل البحر المتوسط. بدوره، أكد المسؤول عن مديرية الشباب والرياضة في المحافظة إيهاب حسن عبد الوهاب أن المبادرة تضم العديد من النشاطات الفنية والرياضية والترفيهية التي تقام على رمال ساحل البحر في مدينة العريش، ووفرت المديرية الخدمات والمنقذين على طول ساحل البحر.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتتميز شواطئ شمال سيناء برمال ذهبية ومياه زرقاء، فضلاً عن الأجواء المعتدلة، ما جعلها في السابق قبلة لآلاف المصطافين المصريين، وقد بدأ الإقبال عليها إلى سابق عهده في ظل الهدوء الأمني، ويلاحظ بدء الإقبال على شاطئ "ظلال النخيل" المجاني، والذي يمتد على طول عشرة كيلومترات في مدينة العريش، وأيضاً شواطئ "حي أبو صقل"، و"غرناطة"، و"الخلفاء"، وشاطئ "الأيوبي"، وشاطئ "المساعيد"، وكلها يسهل الوصول إليها من وسط المدينة عبر وسائل النقل الجماعية.
وتتوفر على شواطئ سيناء شاليهات سياحية وفنادق والعديد من المطاعم والمقاهي، وتعد أسعارها زهيدة مقارنة بشواطئ البحر المتوسط في غربي مصر المعروفة باسم "الساحل الشمالي"، أو شواطئ محافظة جنوب سيناء على البحر الأحمر، وتبدأ الأسعار من 150 جنيها، وصولاً إلى 1200 جنيه لليلة الواحدة في فنادق المدينة المطلة على البحر.
يقول أحد أصحاب شاليهات مدينة العريش لـ"العربي الجديد"، إن "الموسم الحالي يشهد إقبالاً من المواطنين على شاطئ البحر، وأيضاً هناك مصطافون يحضرون إلى المحافظة من خارج سيناء بشكل يومي بعد سنوات من الركود السياحي نتيجة الإرهاب الذي كان مستفحلاً في سيناء كلها، وبشكل كبير في مدينة العريش، عاصمة شمال سيناء وقبلة السياح، مضيفا أن لديه حجوزات تشمل معظم فترة الصيف على غير العادة، والفضل في ذلك يرجع إلى الدعاية التي أطلقتها الحكومة ومؤسسات ونشطاء للترويج لقضاء الإجازة الصيفية على شواطئ سيناء.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "الأسعار في سيناء ليست باهظة مثل بقية المناطق السياحية في مصر، وهناك قناعة لدى قطاعي المهن السياحية والعقارات بضرورة جذب المصريين إلى سيناء من خلال تخفيض الأسعار، وبالطبع هناك فارق كبير عن بقية المناطق، ما دفع البعض إلى الحضور لقضاء الصيف عندنا، فالأسعار في متناول غالبية المصريين، وخدمات الفنادق والشاليهات والاستراحات متنوعة، وتناسب كل الطبقات الراغبة في الاستجمام".

يطالب أهالي شمال سيناء بإنشاء مزيد من الفنادق (خالد الدسوقي/فرانس برس)
يطالب أهالي شمال سيناء بإنشاء مزيد من الفنادق (خالد الدسوقي/فرانس برس)

وتوجد على شاطئ سيناء عشرات الشاليهات السياحية والاستراحات والمطاعم والنوادي، وعدد قليل من الفنادق، وتتزايد الدعوات المحلية لتنشيط الشاطئ من خلال توفير عدد أكبر من الخدمات السياحية والترفيهية، وبناء مزيد من الفنادق وافتتاح المحال التجارية لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المصطافين المصريين وعدد أكبر من السياح الأجانب على غرار الوضع في محافظة جنوب سيناء المجاورة، لما لذلك من دور هام في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة في المحافظة، وإتاحة فرص عمل لآلاف العاطلين بسبب الوضع الأمني المتردي الذي كان سائداً طيلة العقد الأخير.
ويؤكد مسؤول في قطاع السياحة بشمال سيناء لـ"العربي الجديد"، أن "هناك توجهات حكومية بضرورة إعادة الحياة إلى شمال سيناء، وذلك من خلال دعم القطاع السياحي وتشجيعه على فتح أبوابه للمصريين من داخل سيناء وخارجها، وتنظيم حفلات ترفيهية وفنية بمشاركة الفنانين المصريين والعرب"، مضيفاً أن "الأيام المقبلة ستشهد المزيد من الفعاليات للترفيه عن السكان والزوار خلال فصل الصيف، وبعض الفعاليات ستكون على الشواطئ أو في الأماكن الترفيهية والسياحية التي جرى ترميمها وإعادة تشغيلها".
ويوضح المسؤول الحكومي أن "هدف الجهات الحكومية من تنشيط السياحة في سيناء هو التأكيد على استتباب الأمن فيها من خلال مظاهر الحياة المتنوعة، وقد بدأت جهود كبيرة تشمل فتح كل الطرق داخل المدن وفي محيطها، وتأهيل الطرق المتضررة، واستحداث طرق جديدة، وإنهاء وجود الكمائن (الحواجز) العسكرية وسحب قوات الجيش من الشوارع بهدف تغيير الصورة الذهنية عن سيناء بأنها منطقة إرهاب أو تهريب، لتعود مدنها وشواطئها مناطق سياحية. المخططات الحكومية التي يجري تنفيذها خلال المرحلة الحالية تؤكد أن هناك رغبة حكومية بتغيير المشهد في سيناء بشكل إيجابي، وتعويض المحافظة عما عاشته طوال السنوات الماضية، من خلال سلسلة مشاريع استراتيجية تعود بالنفع على الدولة والمواطنين".

يُشار إلى أن كل مناطق محافظة شمال سيناء شهدت مواجهات ومعارك بين الجيش وقوات الأمن المصرية وتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" منذ عام 2012، واحتدمت تلك المواجهات بعد انقلاب يونيو/ حزيران 2013، ليسيطر التنظيم على مناطق واسعة في المحافظة، وخسرت قوات الأمن والجيش مئات من الضباط والجنود خلال ذلك، عدا عن الخسائر المادية الكبيرة التي تضرر بسببها آلاف السكان، وتم تهجير كثيرين من مناطقهم، إلى أن تمكنت السلطات بمساعدة أفراد من المجموعات القبلية المساندة لها من إعادة السيطرة وطرد التنظيم خلال العام الماضي، وبدأت فتح صفحة جديدة على مختلف الأصعدة في سيناء.

المساهمون