سوريو ألمانيا... حلم بالعودة وغصة على المفقودين

13 ديسمبر 2024
سوريون في ألمانيا يحتفلون بسقوط النظام، 10 ديسمبر 2024 (يينغ تانغ/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- احتفل السوريون في ألمانيا بسقوط نظام بشار الأسد، معبرين عن فرحتهم وتطلعهم للعودة إلى وطنهم رغم تعقيدات قصصهم الشخصية. عمار قصاب يتطلع لزيارة أهله بعد حصوله على جواز سفر ألماني.
- المحامي أنور البني ينتظر أخبار زملائه المعتقلين، بينما يعبر أبو عمر معني عن حزنه لعدم مشاركة أبناء منطقته فرحة الانتصار ويواصل البحث عن إخوته المفقودين. عبد الكريم دادا يشعر بالفرح بعد معرفة أن عمه لا يزال حيًا.
- بعض السوريين يخططون للعودة إلى سوريا، بينما يفضل آخرون البقاء في ألمانيا لمستقبل أفضل لأبنائهم. محمد الصباغ يعبر عن ارتياحه للتخلص من نظام الأسد رغم خسارته المالية.

بدت الفرحة بسقوط نظام بشار الأسد واضحة على الكثير من السوريين في ألمانيا الذين احتفلوا معاً بهذه اللحظة التاريخية، وقد أعرب البعض عن رغبته بالعودة إلى بلاده

لم تكن أخبار سقوط النظام في سورية بعيدة عن المتابعات اليومية للاجئين السوريين المقيمين في ألمانيا، لكن التطورات وزخم الأحداث المتسارعة في بلدهم الأم، وما حصل خلال ساعات قليلة بدءاً من سقوط محافظات حلب وحماه وحمص حتى الإعلان عن سقوط نظام بشار الأسد في دمشق، سمح لهؤلاء بالتعبيرعن نشوة الانتصار التي انتظروها على مدى 13عاماً من ظلم الطاغية، في ظل معاناتهم وأهلهم من مسلسل الإجرام والتهجير والقتل والاعتقال وقمع ثورتهم التي انطلقت في مارس/ آذار عام 2011. 
ورغم أن قصص المواطنين السوريين في ألمانيا متعددة ومعقدة إلى درجة يصعب فهمها في كثير من الأحيان بحكم تشعباتها ومآسيها، تعم أجواء الفرح مجالسهم وأخبارهم التي لم تمح من ذاكرتهم مع هذا الحدث التاريخي. وفي ظل هذه الأجواء، يقول عمار قصاب لـ "العربي الجديد"، الذي يتحدر من محافظة إدلب، إنه خلال الأيام الأخيرة، لم يكن في استطاعته النوم. كان يتابع الأخبار والمستجدات طوال الوقت سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو شاشات التلفاز، لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور في سورية مع التقدم الخاطف والسريع لفصائل المعارضة. ويلفت إلى أنه تم وضع اسمه من قبل إدارة المخابرات الجوية على لائحة المطلوبين خلال تواجده في ألمانيا للدراسة، والسبب كما أفيد حينها أنه كتب تعليقاً على موقع فيسبوك هاجم فيه نظام الأسد بعد اندلاع الثورة السورية. 
يضيف أنه كان يخشى زيارة أهله رغم أنه كان في استطاعته الدخول عن طريق معبر باب الهوى. لكن كان لديه توجس من الشروط التي وضعتها المعارضة للدخول إلى مناطقها، وهي تسليم جواز السفر والإبلاغ عن تاريخ العودة. لم يغامر وأراد الحصول على جواز سفر ألماني. وتوجه قصاب في السنوات القليلة الماضية إلى لبنان وعقد قرانه على إحدى قريباته، مشيراً إلى أن ابنه الذي ولد في ألمانيا قبل ثلاث سنوات لم ير جديه بعد، ويتواصل معهما فقط عبرالفيديو. ويوضح أنه بدأ يستعد لزيارة الأهل مع زوجته خلال عطلة عيد الفطر، متوقعاً أن يكون قد تم ترتيب الأوضاع حتى ربيع العام المقبل.
أما رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، المحامي المعارض أنور البني، فلا يزال ينتظر خبراً عن رفيق دربه المحامي خليل معتوق المدافع عن حقوق الإنسان والمتحدر من قرية مشيرفة التابعة لمحافظة حمص، والذي اعتقل في أكتوبر 2012 في الميدان، آملاً أن يكون من بين الأحياء رغم أن آخر خبر عنه كان عام 2013، عندما كان محتجزاً لدى مكتب أمن الدولة في كفرسوسة. وهناك صديقه المعارض السياسي العلوي من القرداحة عبد العزيز الخير، وابنة دمسق وبطلة سورية في الشطرنج رانية العباسي، التي اعتقلت مع زوجها وأولادها الستة. ويختم حديثه قائلاً إنه اتخذ قراره بالعودة إلى سورية بعد سقوط النظام، هو الذي عانى بدوره من معتقلات عائلة الأسد. 
بدوره، يتحسر أبو عمر معني لعدم تمكنه من مشاركة أبناء منطقته في حي الخالدية في محافظة حمص، وتحديداً في ساحة الساعة، فرحة الانتصار بسقوط نظام الأسد الذي أجرم بحق شعبه، مشيراً إلى أنه عانى الكثير وتهجر أولاً إلى حي الوعر ثم إلى بلدة ببنين في محافظة عكار اللبنانية، وغادر بعدما خطفت شعبة الاستخبارات السورية ثلاثة من أشقائه وإحدى زوجات إخوته عام 2015 من منزلهم ليلاً، واقتادوهم إلى جهة مجهولة، ووجدوا بعد أيام الزوجة والابن مقتولين ومرميين في الشارع. وحتى اللحظة لم يعرف مصير البقية.  

ويتابع، الآن ومع فتح السجون وكسرالقيود في سورية من قبل الثوار، يتواصل مع أحد إخوته إن كان هناك من أخبارقد تثلج القلوب والعثور على إخوته في أقبية نظام الأسد، أو أي إمكانية لمعرفة مكان دفنهم لنقلهم الى مدافن العائلة، ومردفا بأنه كان مستعدا مع ابن أحد إخوته المهاجر لدفع الأموال من أجل معرفة مصيرهم، ولكن عند محاولة التثبت من المعلومات أو الحصول على صور كان ينقطع التواصل مع الجهات الوسيطة.
أما عبد الكريم دادا من حلب، فكانت فرحته عارمة بعدما علم من عائلته أن عمه سميح (53 عاماً)، والذي اختفى قبل 12عاماً، لا يزال على قيد الحياة. وكانت العائلة قد فقدت الأمل بالعثور عليه حياً. وتبين من خلال الفيديوهات المصورة التي نشرت للمساجين الذين حرروا من سجن صيدنايا أنه على قيد الحياة. يضيف: "أعمال البناء لمنزلي مستمرة في قريتي، وعندما أنهي التشييد سأعود لأعيش مع أولادي وبين أفراد عائلتي وأعمل في أراضينا الزراعية مع إخوتي". 

فرحة السوريين بسقوط النظام كبيرة في ألمانيا، 8 ديسمبر 2024 (هشام الشريف/ الأناضول)
فرحة السوريين بسقوط النظام كبيرة في ألمانيا، 8 ديسمبر 2024 (هشام الشريف/ الأناضول)

أما سمير، فيروي قصة ابن عمه أيهم الأحمد (29 عاماً) الذي فقد عندما كان عائداً من جامعته في حلب عام 2015، وقيل حينها إنه كان يستقل سيارة أجرة، وهو من بين المساجين الذين حرروا من صيدنايا. ويشرح أنه شاب وحيد لوالدته من بين سبع بنات، وأن أمه كادت تفقد صوابها حتى أنها كانت تجلس يومياً أمام المنزل وتسأل المارة إن كانوا شاهدوه أو يعرفون عنه أي خبر. ويقول مجيد إنه سيترك ألمانيا التي وصل إليها قبل عامين ويعود نهائياً إلى حماة، لكنه ينتظر ليبيع سيارته وليس مهتماً بكسر إقامته في ألمانيا.                                                                                         أما أكرم أبو عاصي من محافظة السويداء، فيقول إن السوريين تحرروا من عبء حكم عائلة الأسد الذي كان يلفق الملفات لمواطنيه، لافتاً إلى أن كل عائلة لها ملف في مكاتب استخباراته. يضيف أنه يقيم مع إخوته في ألمانيا منذ عام 2015، وقد حجز له والده المتقاعد تذكرة سفر للمغادرة إلى سورية، وبات يفكر في عدم العودة والاستقرار هناك. يضيف أنه سيكون خلال عطلة أولاده المدرسية صيف عام 2025 مع عائلته وبين أهله. من جهة أخرى، تبقى هناك غصة في قلبه لأنه لم يعرف بعد أية معلومات بخصوص ابن عمه الذي كان يشارك في المواجهات العسكرية مع الثوار في الغوطة ضد عناصر النظام، ولا يوجد أي أخبارعنه منذ ذلك الوقت.

أما ابن دمشق محمد الصباغ، فيقول إنه دفع قبل فترة مبلغ 8000 آلاف دولار للحصول على إعفاء من الخدمة الإلزامية. ورغم أنه خسر مبلغاً كبيراً المال، إلا أنه لا يكترث للأمر. "الأهم أننا تخلصنا من نظام الأسد البائد، ولا رجعة إلى ابتزازات وعنتريات ودفع الرشى للملازم بغية تحصيل أي معاملة أو أوراق ثبوتية". أما صديقه إيوان ابن القامشلي، فيقول إنه لا يمكن التعويل على هذه المجموعات التي بدلت ملابسها، مستبعداً أن تكون قد غيرت من نمط تفكيرها. ويقول إنه لا يفكر بالعودة إلى سورية، ولن يضيع ثماني سنوات من عمره قضاها في ألمانيا، وينتظر الحصول على الجنسية بعدما كان قد حصل على وظيفة. يضيف أنه لا أمل للشباب في منطقتنا مهما تحسنت. لذلك يفضل تربية أولاده في ألمانيا. 

المساهمون