تعاني تدمر في ريف حمص من سوء الخدمات وغياب الكثير منها، بالإضافة إلى فقدان الأمن في المدينة الغنية بالمناطق الأثرية، منذ إعلان النظام السوري في الثاني من مارس/ آذار 2017 استعادتها بعد طرد تنظيم "داعش" منها.
ويشكو السكان الذين كانوا يعتمدون في تأمين دخلهم على الوظائف الحكومية والعمل بالزراعة أو التجارة وقطاع السياحة الذي كانت تشتهر به المدينة، من البطالة والكساد، وسوء الخدمات، نتيجة عدم تأهيل المناطق الأثرية وتخديمها لاستضافة السياح، إضافة لعدم السماح لكثير من السكان بالعودة إلى المدينة، كما أن العائدين لا يجدون الماء ولا الكهرباء ولا بقية الخدمات التي تمكنهم من العيش هناك.
صعوبات كثيرة تواجه من يعيشون اليوم في تدمر سواء كانوا من المؤيدين للنظام السوري أم من المعارضين له سرّا، وتحول أيضا دون عودة كثير من الأهالي النازحين والمهجرين إلى مناطق يسيطر عليها النظام السوري، وهناك أيضا جزء منهم قابع في مخيم الركبان عند الحدود في عرض الصحراء.
وأكدت وسائل إعلام تابعة للنظام، أنّ الأهالي الذين عادوا إلى المدينة يشتكون من سوء الخدمات ويطالبون النظام بتحسين الواقع الخدمي، من أجل تشجيع بقية الأهالي على العودة إلى منازلهم.
لكن نازحين من تدمر يقطنون في مدينة حمص قالوا لـ"العربي الجديد"، إنهم لن يعودوا إلى المدينة طالما أنها مستباحة من عناصر المليشيات الإيرانية.
ويقول طالب، الذي فضّل عدم ذكر كنيته لأسباب أمنية في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ مدينة تدمر تعاني من كافة الجوانب، ولكن الجانب الذي يهمّ الكثير من الأهالي هو الأمان المفقود وسط مخاوف التعرض للاختطاف والاعتقال من قبل مليشيات النظام وإيران بهدف الحصول على المال، مضيفا: "الواقع الخدمي سيئ ولا توجد كهرباء وماء".
ويؤكد أن هناك عمالاً يعملون في شركات النفط والغاز عادوا إلى المدينة وجرى فقدانهم لاحقا خلال ذهابهم إلى العمل، وهناك أيضا من تعرضوا للهجوم، ودائما يكون الاتهام موجها لـ"داعش"، فرغم سيطرة النظام والمليشيات التي تدعي حماية السكان هناك هجمات تستهدف المدنيين.وسائل إعلام النظام تتحدث عن وجود نقص في الغاز المنزلي وسوء الخدمات المقدمة من كهرباء ونظافة، إضافة إلى عدم توفر كميات كافية من الطحين والقمح ودمار المدارس وعدم وجود كوادر طبية في المشفى الحكومي هناك.
ويتساءل طالب ما الدافع الذي سيجعل الأهالي يفكرون في العودة إلى تدمر، وهم في كثير من الأحيان يفكرون في مغادرة سورية كلها.
بدوره، يقول محمد سعد من مهجري تدمر، إن الأخبار تصلهم من هناك عن سوء الخدمات عموما، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن كل من عادوا إلى المدينة خلال السنوات الخمس الماضية هم من عائلات عناصر النظام وأسر أعضاء حزب البعث وبعض موظفي شركات النفط والغاز في البادية ويقطنون في تدمر أو في محيطها، وهناك من عاد من السكان لديه القدرة على العمل في الزراعة وخاصة مزارعي القمح الذين سهّل النظام عودتهم.
ويضيف أن عودة هؤلاء أيضا محفوفة بالمخاطر، وهم يعملون اليوم في أرضهم سخرة لفروع أمن النظام التي تسيطر على "البيارات" وتحت تسلط عناصر المليشيات، و"البيارات" هي مناطق مخصصة لزراعة القمح المروي من مياه الآبار، لأن منطقة تدمر غنية بالمياه الجوفية وفقيرة بالأمطار.