سجون العراق: تزايد كبير في أعداد المتهمين الأحداث بقضايا مخدرات

21 مايو 2022
يزيد عدد الأحداث العراقيين المتورّطين في قضايا مخدّرات (ديميتار ديلكوف/ فرانس برس)
+ الخط -

مع استمرار العمليات التي تنفّذها قوات الأمن العراقية لملاحقة المتورّطين في قضايا مخدّرات، كشفت وزارة العدل في البلاد أنّ ثمّة تزايداً كبيراً بنسبة المتّهمين من الأحداث بتلك القضايا في سجونها، موضحة أنّها تهتمّ صحياً بعلاج المتعاطين من بينهم وأنّها تملك الخطط الهادفة إلى إصلاحهم.

وتُعَدّ المخدّرات من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع العراقي، ولا سيّما أنّ تجارتها قد اتّسعت في الفترة الأخيرة بشكل خطر، وقد تحوّل العراق إلى ممرّ لتلك المواد من إيران في اتّجاه عدد من الدول العربية.

وتنفّذ القوات الأمنية العراقية بوتيرة شبه يومية، وفي عموم المحافظات، حملات لاعتقال المتاجرين بالمخدّرات ومتعاطيها، إلا أنّ تلك الحملات لم تحدّ من انتشارها الآخذ في الاتّساع.

وأمس الجمعة، في الجنوب العراقي، اعتقلت الشرطة في محافظة ميسان 17 متهماً بالمتاجرة بالمخدّرات، فيما اعتُقل سبعة متّهمين بالتعاطي والمتاجرة بالمواد المخدّرة في أماكن متفرّقة من محافظة كربلاء وضُبطت كميّة من مادة الكريستال المخدّرة وأدوات للتعاطي وحبوب مخدّرة في المحافظة. وفي شمال محافظة ذي قار اعتُقل تاجرا مخدّرات.

وأدّت الملاحقات اليومية لعصابات المخدّرات إلى زجّ أعداد كبيرة من أفرادها في السجون، في حين أكّدت دائرة إصلاح الأحداث في وزارة العدل العراقية أنّ ثمّة ارتفاعاً في أعداد الأحداث المتورّطين في قضايا المخدّرات بسجونها.

وقال مدير عام المديرية كامل أمين هاشم إنّ "مؤشّر المتهمين بقضايا المخدّرات يرتفع"، مضيفاً أنّ عدد الأحداث المحكومين في وصل في نهاية العام الماضي إلى 25 شخصاً، وقد بلغ أخيراً 77 شخصاً، وهو ما يشير إلى قفزة كبيرة وبزيادة أسبوعية.

وتابع هاشم في تصريح نقلته عنه وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) أنّ معظم هؤلاء محكومون "إمّا بتهمة التعاطي وإمّا بترويج المخدّرات". موضحا أنّ متعاطي المخدّرات المحكومين تُقدَّم لهم الخدمات في المراكز الصحية، مع تكييف أوضاعهم في داخل السجون، نظراً إلى أن أعمارهم صغيرة، مع فرض إجراءات مشدّدة ومراقبة مستمرة.

وأكمل أنّ "هؤلاء يستجيبون للعلاج في خلال فترة وجودهم في المدارس الإصلاحية ويتمّ شفاؤهم"، مشيراً الى أنّه بعد انقضاء مدّة محكوميتهم وخروجهم من السجن يُرسلون إلى إدارة التدريب في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، حيث ينخرطون في دورات تأهيل وتدريب على الأعمال، "مع استمرار متابعتنا لهم لمدّة لا تقلّ عن ثلاثة أشهر".

وأفاد هاشم بأنّ ثمّة منظمات دولية ومنظمات غير حكومية أجنبية تدعم هؤلاء وتقدّم لهم مساعدات أو مشاريع بسيطة لهم، لافتاً إلى أنّ دائرته "تخاطب كلّ مكاتب المحافظين للبحث عن فرص عمل لهم"، إذ إنّ "المحافظات هي المسؤولة عن مديريات الشؤون الاجتماعية".

من جهته، قال مسؤول في الوزارة فضّل عد الكشف عم هويته لـ"العربي الجديد" إنّ "الأعداد التي أُعلن عنها لا تمثّل إلا مَن صدر في حقهم حكم قضائي من الأحداث دون سواهم"، لافتاً إلى أنّ "أعداد المتهمين بقضايا مخدّرات من الأحداث وغيرهم، من المحكومين وغير المحكومين، هي بالآلاف، ويُصار أسبوعياً إلى القبض على العشرات في عموم محافظات البلاد". وأوضح المسؤول نفسه أنّ "قضايا المخدّرات هي من أبرز القضايا التي باتت تمثّل تهديداً للمجتمع العراقي. وبحسب ما تبيّن من خلال التحقيق مع المتّهمين، فإنّ ثمّة عصابات داخلية وأخرى خارجية تدعم وتحرّك المتوّرطين في هذا الشأن في البلاد".

لكنّ باحثين في الشأن الاجتماعي قلّلوا من أهميّة السعي إلى علاج هؤلاء وإصلاحهم في غياب خطط تقضي على الآفة التي تتفشّى بشكل خطر في البلاد. وقال الباحث الاجتماعي هلال المرسومي لـ"العربي الجديد" إنّ "كلّ تلك الأعداد من المتّهمين والمحكومين بقضايا مخدّرات، ما كانت لتُسجّل لو أنّ الحكومات اتّخذت إجراءات مشدّدة لتأمين الحدود وفرضت عقوبات مشدّدة على عصابات المتاجرين بالمخدّرات".

وشدّد المرسومي على أنّه "نحن مع استمرار عمل المصحّات والعمل على إصلاح المتّهمين والمحكومين، لكنّه لا بدّ من قيام خطة واضحة تُنهي إهمال ملفّ الحدود، لا سيّما مع إيران وسورية اللتَين تُعَدّان مصدرَين رئيسيَّين لإدخال المخدرات إلى العراق".

وكان مجلس القضاء الأعلى قد أعلن الأسبوع الماضي اعتقال 277 متّهماً في منطقة الرصافة من بغداد، في إطار حملة القضاء على مروّجي ومتعاطي المخدّرات، ما بين الأوّل من شهر إبريل/ نيسان الماضي وحتى الآن. وفي السنوات الأخيرة، صار العراق يُعَدّ من بين البلدان التي تنتشر فيها المخدّرات بشكل واسع، والتي تُهرَّب عبر الحدود من إيران وأخيراً من سورية كذلك.

المساهمون