روما تُنهي تشييد مركزين لإيواء طالبي اللجوء في ألبانيا: النسخة الإيطالية من غوانتانامو

10 سبتمبر 2024
تسعى إيطاليا لإنشاء 3 مراكز لاستقبال طالبي اللجوء في ألبانيا، 15 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

تبدو رئيسة حكومة إيطاليا جورجيا ميلوني سعيدة، وغير آبهة بالانتقادات، بعد الانتهاء من تشييد مركزين من ثلاثة مراكز إيواء اللاجئين خارج بلدها في ألبانيا. فالأخيرة، الساعية للالتحاق بالاتحاد الأوروبي، ستكون مستقرا لاستقبال طالبي اللجوء اللذين تلتقطهم البواخر غير الحكومية في مياه البحر الأبيض المتوسط، بدل نقلهم إلى البر الإيطالي.
وخلال العام الماضي توصلت ميلوني، التي تقود حكومة ائتلاف يمين قومي وشعبوي متشدد، إلى اتفاق مع رئيس الحكومة الألبانية إيدي راما لبناء وتشغيل معسكرات اللجوء في مدينتي شنغجين و جادير الساحليتين، على بعد نحو 75 كيلومترا من العاصمة تيرانا.
وبسبب طبيعة معسكرات اللجوء المعزولة عن العالم الخارجي، رغبة بنقل عبء دراسة طلبات القادمين عبر البحر الأبيض المتوسط إلى خارج الأراضي الإيطالية، يتعرض المشروع لانتقادات سياسية وحقوقية. وبحسب الاتفاق ستكون تيرانا مسؤولة عن الأمن الخارجي للمعسكرات، بينما تتحمل روما مسؤولية أمنها وتسييرها داخليا. ويمنع على من يجري نقلهم بحرا إلى تلك المعسكرات مغادرتها أو الاختلاط بالسكان. ويشمل ذلك على وجه التحديد من يجري إنقاذهم في البحر المتوسط، ومن الذين تعتبرهم الدولة الإيطالية قادمين من دول آمنة لإعادة ترحيلهم إليها، بما في ذلك بنغلادش والجزائر وتونس والمغرب ومصر ونيجيريا وغامبيا والكاميرون والسنغال.

الخطة الإيطالية الأصلية، والتي تتزايد تكلفتها عن المليار يورو عن السنوات الخمس القادمة، تشمل وضع 3 آلاف في تلك المعسكرات في وقت واحد، على أن تعالج سنويا حوالي 36 ألف قضية. ومنذ بداية العام الحالي وصل نحو 40 ألف مهاجر بواسطة القوارب إلى إيطاليا عبر البحر الأبيض المتوسط​، وفي ذلك تراجع كبير عن نحو 112 ألفا و500 مهاجر العام الماضي، وتراجع طفيف عن أكثر من 54 ألف مهاجر عن العام الأسبق في 2022.
ويراقب العديد من الحكومات الأوروبية الاتفاقية الأولى بين دولة في الاتحاد الأوروبي ودولة من خارجه في القارة. ويثير ذلك جدلا بسبب محاولات النادي الأوروبي نزع مسؤولية اللجوء عن كاهله وإلقاءها على دول خارجه، بما في ذلك محاولات تشييد معسكرات في رواندا وغيرها في الشمال الأفريقي.
فالنموذج الإيطالي في ألبانيا وصفه السياسي من حزب الوسط الليبرالي الإيطالي ريكاردو ماجي في تصريحات صحافية في روما بأنه يبني "النسخة الإيطالية من غوانتانامو"، (المعتقل الأميركي سيء الصيت الذي شيد على أراضٍ كوبية في خليج غوانتانامو بعد هجمات 11 سبتمبر 2011).
وتعتقد منظمات غير حكومية بأن تشييد معسكرات خارج الاتحاد الأوروبي سوف يؤدي إلى التعتيم على سياسات اللجوء الإيطالية، بما في ذلك انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ومعاهدة حق اللجوء. ذلك إلى جانب اتهامات حول علاقة المافيا الألبانية بأطراف في حكومة روما والعلاقة بتشييد تلك المعسكرات.
بالطبع ألبانيا الفقيرة، قياسا باقتصادات إيطاليا وبقية دول الاتحاد الأوروبي، ستستفيد ماليا وعلى مستوى تعزيز العلاقة بجارتها القريبة إيطاليا. ويخشى كثيرون أن نجاح النموذج الإيطالي سيغري العديد من الدول الأخرى لانتهاج ذات السياسات مع دول أوروبية ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي.
وجدير بالذكر أن رئيسة الحكومة الإيطالية فازت في انتخابات سبتمبر/أيلول 2022 بوعود إنهاء تام للهجرة "غير الشرعية"، على حد وصفها لقوارب اللجوء في "المتوسط"، معتبرة الاتفاقية مع ألبانيا ترجمة لتلك الوعود، المعززة باتفاقيات قمع محاولات تهريب لاجئين/مهاجرين على قوارب منطلقة من الشمال الأفريقي.
في كل الأحوال، فإن الاتفاقية التي قضت في الأصل بنقل 3 آلاف طالب لجوء ومهاجر سري لا يبدو أنها ستحقق طموحات حكومة ميلوني سريعا. فبحسب صحيفة ليسبريسو الإيطالية، فإن القدرة الاستيعابية القصوى في المعسكرين المسورين والمغلقين بإحكام لن تتجاوز أكثر من ألف شخص حاليا. ونظرا إلى المبالغ الضخمة التي زادت كثيرا عن المبالغ الأصلية لتتخطى المليار يورو، وتأخر الإنجاز عشرة أشهر، باتت المعارضة الإيطالية تطرح أسئلة حول الفائدة من صرف كل تلك الأموال لأجل معالجة طلبات نحو ألف شخص.

عموما، وبموازاة ذلك، انتهجت حكومة ميلوني في الفترة الأخيرة تشددا بوجه مراكب المنظمات الإنسانية غير الحكومية قبالة سواحل إيطاليا الجنوبية في مياه "المتوسط"، بما في ذلك منظمة أطباء بلا حدود، التي صودرت بعض مراكبها وفُرض حظر مؤقت أخيرا على عملها. وخلال الفترة الأخيرة، احتجزت السلطات الإيطالية ما لا يقل عن 23 سفينة إنقاذ تابعة للمنظمات غير الحكومية، وآخرها الأسبوع الفائت بحق سفينة الإنقاذ "جيو بارنتس"، التي تتبع لـ"أطباء بلا حدود" ومنعتها من الإبحار لمدة شهرين، بعدما وصلت توا إلى ميناء ساليرنو بالقرب من نابولي وعلى متنها ما يقرب من 200 شخص.

المساهمون