مع توسيع حملة التطعيم ضد فيروس كورونا بلقاح "سبوتنيك في" الروسي، يأمل الروس في أن تساعد هذه الخطوة في الحد من انتشار الفيروس والسلالات الجديدة منه، وعودة الحياة إلى طبيعتها، وإلغاء القيود المفروضة على التجمعات العامة، وإن كان ذلك لا يُلغي التباين في المواقف. في هذا الإطار، أظهر استطلاع للرأي أعده موقع "سوبر جوب" للبحث عن وظائف، أنّ عدد الروس الذين أكدوا استعدادهم للحصول على اللقاح ارتفع من 9 في المائة في بداية ديسمبر/ كانون الأول الماضي إلى 16 في المائة بحلول منتصف الشهر الجاري. في المقابل، فإن نسبة الذين أعلنوا رفضهم اللقاح رفضاً قاطعاً هي 40 في المائة.
والأسباب كثيرة، منها عدم ثقة هؤلاء باللقاح، ونقص المعلومات حول نتائج الاختبارات والأعراض الجانبية. في المقابل، يترقب آخرون بدء الحصول على اللقاحات سواء كانت وطنية أو أجنبية. أما الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة وخطيرة، فيرفضون اللقاح.
في هذا الإطار، يرجع رئيس منظمة "تحالف حماية الأطباء"، سيميون غالبيرين، انعدام الثقة في التطعيم من كورونا إلى عدم توفر بيانات نهائية حول فاعلية أي لقاح، مرجحاً في الوقت نفسه أن تساعد حملة التلقيح في الحد من حالة الخوف التي يعيشها المواطنون منذ مارس/ آذار الماضي، وعودة الحياة اليومية إلى طبيعتها.
ويقول غالبيرين لـ "العربي الجديد": "بعيداً عن الجهة المنتجة للقاح، لا يمكننا الجزم بفاعليته إلا بناء على التقارير التي تصدر بعد مرور ستة أشهر على بدء الاختبارات السريرية، ولن يتحقق الأمر إلا بحلول الربيع المقبل. مع ذلك، فإنّ حملة التطعيم هي الوسيلة الوحيدة لوقف حالة الذعر بين الناس وتبرير إلغاء القيود".
ويشكك في فاعلية الإجراءات المتخذة في العالم لمنع انتشار كورونا أكثر فأكثر. يضيف: "هناك شكوك في مدى قدرة الكمامات الطبية على منع انتشار العدوى. كما أن بعض الإجراءات تسببت في أضرار أكبر من الفيروس نفسه، وفي مقدمتها تعطيل تقديم الخدمات الدورية في المستشفيات. في موسكو مثلاً، تبلغ نسبة المصابين بكورونا من بين الوفيات المتزايدة 4 في المائة فقط، بينما أدى الانشغال بفيروس كورونا، إلى تعطل تقديم الخدمات الدورية إلى مئات آلاف الوفيات الإضافية في العام الماضي مقارنة مع سابقه".
ويلفت غالبيرين إلى أن إجراءات مكافحة كورونا خلقت نوعاً من الصراع بين أصحاب المصالح التجارية. مثال على ذلك، يقول إنه بمجرد إغلاق المتاجر في الربيع الماضي، حقتت المتاجر المتوفرة أونلاين أرباحاً أكبر. وفي الوقت الحالي، تتصارع شركات إنتاج اللقاحات مع الشركات المنتجة للأدوية التي تزعم أن نتائج التطعيم ما زالت غير معروفة". ولا تسعى روسيا، شأنها في ذلك شأن الدول الأخرى المتقدمة تكنولوجياً، إلى توسيع حملة التطعيم داخلياً فقط، وإنما تصدير لقاحها "سبوتنيك في" الذي تم تسجيله في أغسطس/ آب الماضي، إلى الأسواق الخارجية.
وحتى الآن، اعتمد بلدان أجنبيان، وهما بيلاروسيا والأرجنتين، استخدام اللقاح الروسي المضاد لكورونا، كما تجري مفاوضات حول الإمدادات والإنتاج مع عدد من الدول الأخرى، بما فيها فنزويلا ومصر.
ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اللقاح الروسي بأنه "الأفضل في العالم على الإطلاق"، مشيراً في الوقت نفسه إلى ضرورة اختباره مع اكتشاف سلالات جديدة من كورونا في الوقت الحالي.
وبدأت السلطات الروسية العام الجديد تخفيف بعض القيود التي كانت قد فرضتها في إطار مكافحة تفشي كورونا. ولعلّ أبرزها إعادة فتح المدارس بكل مراحلها في كل أنحاء البلاد اعتباراً من 18 يناير/ كانون الثاني الجاري.
مع ذلك، قررت السلطات المحلية في موسكو الاستمرار في فرض قيود أخرى حتى 21 يناير/ كانون الثاني الجاري، بما فيها نظام التعليم عن بعد في ظل استمرار إغلاق الجامعات والمعاهد والمراكز الرياضية، وإغلاق المطاعم والحانات ليلاً، في إشارة إلى أن الأيام المقبلة ستحدد الوضع وبالتالي الإجراءات.