رمضان مخيم شاتيلا... في انتظار المساعدات

07 ابريل 2022
الأزمة أرخت بثقلها على مخيّم شاتيلا وسكانه (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

 

في مخيّم شاتيلا بالعاصمة اللبنانية بيروت، ينتظر اللاجئون الفلسطينيون المساعدات حتى يتمكّنوا من توفير ما يحتاجونه من مواد غذائية في شهر رمضان وسط الأزمة التي يتخبّط فيها لبنان.

ثقيلاً يحلّ شهر رمضان هذا العام على اللبنانيين كما على اللاجئين الفلسطينيين في مخيّمات لبنان، وسط الأزمات التي تحاصر البلاد. وتؤكد سوسن محمد يوسف من سكان مخيّم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت، وهي من سهل الغور في فلسطين المحتلة، أنّه "وضع اقتصادي صعب ذلك الذي نعيشه، في غياب فرص العمل". وتخبر سوسن التي تُعَدّ من المعدمين في المخيّم "العربي الجديد": "لديّ ابن وابنة. هي متزوّجة أمّا هو فعازب ولا يعمل"، متسائلة: "كيف أحتفل بشهر رمضان وأنا في هذه الحال؟". وتشير سوسن إلى أنّ "الناس في المخيّم ينتظرون أهل الخير، لعلّهم يقدّمون للفقراء أمثالي بعض المساعدات. الجميع في المخيّم يعرفون وضعي الاقتصادي، ويعلمون بأنّني لا أملك شيئاً في بيتي".

من جهتها، تقول أمّ عبد وهي من بلدة الياجور في فلسطين المحتلة لـ"العربي الجديد": "لديّ أربعة أولاد، وزوجي مريض لا يستطيع العمل. كذلك فإنّ أحد أبنائي مصاب بالصرع ويحتاج إلى دواء بشكل دائم، في حين أنّني أعجز عن شرائه. وفي حين نحاول تدبّر قوتنا اليومي على قدر استطاعتنا، من غير السهل علينا توفير وجبة إفطار رمضان، فالأسعار مرتفعة جداً ولا قدرة لي على شرائها، لذا نعيش بما يقدّمه لنا بعض الخيّرين". وتشير أمّ عبد إلى أنّه "في السابق، كنّا نعدّ البطاطس الحرّة طبقاً مرافقاً، أمّا اليوم فنعتمدها كوجبة أساسية. كذلك استغنينا عن أطعمة كثيرة، أوّلها صحن الفتّوش بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الخضروات". ولا تخفي أمّ عبد أنّها استغنت كلياً عن الخيار، "فلم يعد يعرف طريقه إلى بيتنا، أمّا البندورة (الطماطم) فصرت أشتريها بالحبّة. لا أخبر أولادي بذلك، المهمّ أن تكون متوفّرة في البيت". وتؤكد أمّ عبد: "نحن ننتظر تبرّعات الخيّرين في شهر رمضان حتى نعدّ طعامنا، إذ لم يعد في إمكاننا حتى شراء كيلوغرام من العدس أو الأرزّ وغيرهما من المواد الأساسية".

الصورة
جزار في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين ببيروت (العربي الجديد)
أسعار اللحمة ترتفع فتتقلّص المبيعات (العربي الجديد)

أمّا أبو طه صاحب ملحمة في المخيّم، وهو من يافا في فلسطين المحتلة، فيقول "منذ عام 1985 وأنا أعمل جزّاراً. لم تمرّ علينا أزمة اقتصادية كالتي نشهدها اليوم. نحن نعيش أزمة صعبة، أوضاع الناس الاقتصادية متدهورة ولا يُحسدون عليها". يضيف أبو طه لـ"العربي الجديد" أنّ "ثمّة أشخاصاً لهم أولاد في الخارج، فيرسلون لهم مبالغ مالية معيّنة، لكنّها لا تكفي لأنّ الأسعار ارتفعت بمعدّلات لم نشهدها من قبل"، متابعاً "ولنا أن نتخيّل كيف هي حال من ليس له أقارب في الخارج ولا معيل. بالكاد يستطيع شراء الخبز، فكيف باللحمة؟".

ويوضح أبو طه أنّ "أسعار اللحمة ترتفع، الأمر الذي يقلّص مبيعاتنا، علماً أنّ ثمّة مستحقّات كثيرة متوجّبة عليّ مثل بدل إيجار المحل وبدل الاشتراك في مولّد الكهرباء"، مشيراً إلى أنّ "كلّ أسعار السلع الأساسية ارتفعت، لا سيّما الزيت والأرزّ واللبن والبندورة. بالتالي لم يعد اللاجئ الفلسطيني قادراً على التحمّل". ويتابع أبو طه أنّ "ربّة المنزل كانت في السابق تشتري كيلوغرامَين من اللحمة وأكثر، أمّا اليوم فالمرأة نفسها قد تدخل محلّي وتطلب عشرات الغرامات فحسب، فيما لم تعد أخرى تتجرّأ على الدخول". ويؤكّد أبو طه: "نحن نعاني من هذا الوضع السيّئ، ولا من يلتفت إلينا كلاجئين فلسطينيين، لا أونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) ولا الفصائل الفلسطينية ولا حتى الجمعيات الخيرية"، مطالباً إياها بـ"القيام بواجباتها تجاه الشعب الفلسطيني".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

في السياق نفسه، يقول محمد صالح داود من مجد الكروم في فلسطين ويعمل موظفاً في بقالة إنّ "مشتريات الناس تقلّصت إلى أكثر من نصفها. ففي السابق، مع حلول شهر رمضان، كان الناس يشترون كميات كبيرة من المواد الغذائية، أمّا اليوم فقد باتوا يشترون بحسب حاجتهم اليومية. اللبنة على سبيل المثال، كانت تُشترى بالكيلوغرام، أمّا اليوم فربّة المنزل تشتري أقلّ من 200 غرام، وهي مضطرة إلى شرائها من أجل أطفالها". ويؤكد محمد لـ"العربي الجديد" أنّ "الناس باتوا عاجزين عن مواجهة هذه الظروف الصعبة، وصاروا يستغنون عن أشياء كثيرة. كذلك صاروا يقللون ليس فقط من الكمية إنّما من النوعية أيضاً". يضيف محمد: "أنا موظف، وراتبي أسدّد به بدل اشتراك مولّد الكهرياء وكذلك الإنترنت. والأكيد أنّ أوضاع كلّ الناس سيّئة، الذين يعملون والذين لا يعملون، إذ إنّ ارتفاع الأسعار ليس منطقياً. لذلك راح كثيرون يستغنون عن سلع وأطباق مختلفة في هذا الشهر".

المساهمون