رمضان الأردن... مساحة قليلة للفرح
- الأردنيون يحولون أولوياتهم نحو التضامن مع أهالي غزة، حيث يتبرعون بالأموال المخصصة للزينة والولائم لدعم الفلسطينيين، معبرين عن شعور عميق بالتضامن والمسؤولية.
- على الرغم من الظروف، يحاول الأردنيون الحفاظ على روح رمضان من خلال التبرع والدعاء لأهل غزة، مع شراء زينة بسيطة لتعليم الأطفال قيم التضامن، مما يعكس تغير العادات الرمضانية بفعل الأحداث الجارية.
اعتادت العائلات في الأردن تخصيص مبالغ مالية معينة لشهر رمضان عبر شراء الزينة والمواد الغذائية، لكن الإقبال على الأسواق أقل هذا العام من الأعوام السابقة بسبب الحرب على غزة التي جعلت النفوس حزينة جداً.
يُلقي العدوان الإسرائيلي على غزة بظلاله على إحياء الأردنيين مراسم شهر رمضان هذا العام، فهو غلّف أيام الأردنيين ولياليهم بالحزن والألم، وقلّص مساحة الفرح في نفوسهم وصولاً إلى إزالة طقوس تتعلّق بالزينة والإنارة من حياة كثيرين.
يقول محمد القيسي لـ"العربي الجديد": "يختلف رمضان هذا العام عنه في الأعوام السابقة. نشعر بحزن وألم لما يتعرض له الأهل في غزة. صحيح أن رمضان شهر خير يُسعد القلوب، لكن العدوان على غزة قتل الفرح، ولا مجال لطقوس الزينة في بيتنا".
يتابع: "بدلاً من شراء زينة رمضان هذا العام، والانفاق بإسراف على ولائم، واستقبال أصدقاء وأقارب، سنتبرع بالأموال لدعم أهالي قطاع غزة الذين يعانون من ظروف صعبة جداً، ولا يجدون ما يأكلونه، فهم يمارسون صياماً إجبارياً بسبب الحصار غير الإنساني الذي تفرضه عليهم قوات الاحتلال، ويجب أن نشعر معهم".
ودعا القيسي الأردنيين إلى اغتنام فرصة شهر رمضان الذي تتضاعف فيه الحسنات للتبرع لأهل غزة، ويسأل كيف يستقبل الحكام العرب والمسلمون رمضان هذا العام في وقت تمارس دولة الاحتلال جرائم بشعة ضد الأهل في غزة، وتفرض عليهم صياماً من دون إفطار منذ شهور؟".
وتقول هبة سليم لـ"العربي الجديد": "حل رمضان الحالي بحزن شديد. نحن في عزاء دائم حيث لا مكان للفرح. كيف نفرح وسط حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال على غزة، وتتسبب في آلاف القتلى والجرحى. نشعر بحزنهم ونعاني من مواجهتهم أهوال جرائم العدو الصهيوني".
تضيف: "أبلغت أطفالي أن رمضان الحالي سيكون بلا زينة، وشرحت لهم أن الشهر الفضيل عبادة وإيمان في قلوبنا، ويجب أن نكثر الدعاء كي ينتصر أهل غزة على العدو، ونطلب من الله حماية الأهل في فلسطين من كل شرّ، وهم تقبلوا الأمر بصدر رحب باعتبارهم يتابعون أخبار العدوان وتطوراته معنا منذ يومه الأول. ورغم قساوة هذه الحرب فهي جعلتنا نعيد بناء شخصية أبنائنا على حب أوطانهم التي تحتاج الى تضحيات، ويجب أن نتبرع جميعنا لدعم الأشقاء في غزة الذين يعانون من جوع وحرمان بسبب مواقفهم البطولية، ويجب أن نقتصد في مصروفنا كي نشاركهم ما نملك خاصة في شهر رمضان الذي يتضاعف فيه الأجر".
بدورها تقول ريما العبادي لـ"العربي الجديد": "ما نراه على وسائل التواصل الاجتماعي من آثار الحرب على الأهل في فلسطين وغزة يجعل قلوبنا حزينة جداً. سنحيي شهر العبادة لكن من دون مبالغة".
تضيف: "كنا نشتري زينة رمضانية كثيرة في الأعوام الماضية، ونستعد مبكراً للشهر الفضيل عبر شراء مواد تموينية، خاصة تلك التي تتعلق به، مثل التمور وقمر الدين والجوز، أما هذا العام فاشترينا زينة بسيطة لإبقاء أجواء الفرح بقدوم الشهر لدى الأطفال، كما جلبنا مواد تموينية قليلة، وشعورنا بأوضاع الأهل في فلسطين يمنعنا من المبالغة في الأشياء، وقد اتفقنا مع الأطفال على التبرع للأهل في غزة ولو بقليل من أجل تعليمهم أننا جسد واحد مع الأهل في فلسطين، ومساعدتنا لهم واجب علينا".
أما أحمد حسن فيقول لـ"العربي الجديد": "سنستقبل شهر العبادة من دون أن ننسى ما يمر به الأهل في غزة، وسنعلّق زينة من دون مبالغة. ولا أعتقد بأن إظهار الزينة والفرح باستقبال شهر رمضان يتنافى مع شعورنا بأهل غزة، وربما من يملك زينة من أهل غزة سيعلّقها لاستقبال الشهر الفضيل".
يضيف: "يجب أن يشعر الجميع مع الأخوة الفلسطينيين من خلال الأفعال والتبرع بالمال والغذاء، ما ينعكس عليهم وعلى حياتهم، لكن غزة نفسها شهدت زيجات وسط الحرب، فالناس يجب أن يعيشوا حياتهم رغم الحروب والمعاناة، ويجب أن نتوجه إلى الله بقلوب مخلصة، وندعو لتغيير الأحول والانتصار على دولة الاحتلال".
ويرى أن "تطوّر الحياة والتكنولوجيا غيّر الكثير من تفاصيل الحياة خلال شهر رمضان، فلم يعد هناك أحد ينتظر المسحراتي، أو يستمع إلى مدفع الإفطار، فالطقوس اختلفت وحتى العادات الغذائية. قبل 20 عاماً كان الأردنيون يصنعون إفطارهم وطعامهم في بيوتهم، أما اليوم فأصبح كثيرون، خاصة في المحافظات الكبيرة مثل العاصمة عمان، يشترون الطعام جاهزاً من المطاعم. واضح أن الحياة تتغيّر بطريقة أسرع من المتوقع".
ويشير محمد أبو علي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "في ظل الأحداث السياسية الأخيرة والحرب التي تعصف بقطاع غزة يجب أن تتغيّر أولويات الأردنيين، فمظاهر الاحتفال غير مناسبة حالياً، ويجب أن نقف إلى جانب الأهل في غزة، ونتضامن معهم، لذا ستختفي مظاهر الزينة الرمضانية من شوارع المملكة ومنازل المواطنين في شكل ملحوظ هذا العام نتيجة التعاطف الكبير مع أهالي قطاع غزة، والظروف التي يمرون بها".
ويتحدث عن أن "العقد الأخير شهد تزيين الأردنيين بيوتهم بالإضاءة وحبال الزينة، والاهتمام كثيراً بأنواع الطعام والمظاهر الاجتماعية. واليوم عندما ينظرون إلى معاناة أهل غزة يجب أن يعودوا الى البساطة والتواضع في تفاصيل حياتهم، والحفاظ على النعمة من دون إسراف، فالأهم في شهر رمضان هو العبادة وليس المظاهر".
ويقول محمد حسن، وهو صاحب محل لبيع الأدوات المنزلية، لـ"العربي الجديد": "نعرض زينة رمضان وفوانيس لكن توجه الناس للشراء أقل بكثير من السنوات السابقة بسبب العدوان الإسرائيلي على الأهل في غزة، والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تجعلهم ينفقون رواتب شهر شباط / فبراير الماضي على الالتزامات الضرورية".
ويوضح أن "أسعار الزينة الرمضانية في الأسواق المحلية لم تختلف في شكل كبير عن العام السابق رغم التداعيات السياسية والأوضاع الاقتصادية في البلاد، وهي تتراوح بين دينار واحد (1.5 دولار) و15 ديناراً (20 دولاراً)، وبينها الفوانيس بأحجام مختلفة وحبال متعددة وأضواء متنوعة، إضافة إلى أشجار مزينة بإنارة وغيرها".