يستمر الفلسطينيون في غزة بممارسة حياتهم اليومية في حدودها الأدنى، بينما يواجهون ظروفا غاية في القسوة بسبب الحرب والحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول الوقود والمياه والغذاء كما قطع الكهرباء عن القطاع منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ورغم ما خلّفه القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي العنيف من خسائر فادحة في الممتلكات والأرواح، ومن دمار هائل في المناطق السكنية والبنى التحتية في غزة، ما زالت العائلات النازحة في جنوب القطاع متشبثة بالحياة.
عزف على الأنقاض
على أنقاض بيته في مخيم الشابورة بمدينة رفح، جنوبي القطاع، يعزف رب عائلة الربايعة على آلة الناي التي صنعها بنفسه قائلاً: "الحياة حلوة ولازم نعيش"، مضيفاً: "لن أترك منزلي ولو كلفني ذلك حياتي، نحن شعب نحب الحياة، لذلك أعزف لأولادي للترويح عن أنفسهم قليلاً".
ومنذ قصفه قبل أسبوعين، تعيش عائلة الربايعة فوق ركام منزلها المدمر، وسط ظروف معيشية غاية في الصعوبة، تشكل مأساة إنسانية فريدة من نوعها.
وبالمثل، تؤكد الأم في عائلة الربايعة تشبثها بالحياة قائلة: "قصف بيتنا بشكل كلي، ولم يعد لدينا مأوى لعائلتنا المكوّنة من 12 فرداً، ولم نستطع أخذ أي من أدوات البيت، لذلك ذهبنا إلى المدرسة (تابعة لأونروا وتأوي نازحين)"، مضيفة: "لكن نقص النظافة في المدرسة دفعنا إلى العودة لبيتنا المدمّر".
ورغم أن البيت دمّر بالفعل، تقول: "نمضي وقتنا في خوف بسبب القصف المحتمل في أي وقت".
بشغف ونشاط مذهلين، يعدّ فلسطينيون الخبز والفلافل أمام إحدى مدارس الإيواء جنوبي القطاع، التي لجأ إليها آلاف النازحين من مختلف أنحاء غزة بسبب الهجمات والتهديدات الإسرائيلية بالقصف.
تقول إحدى الأمهات إنها نزحت من حي الصفطاوي في محافظة الشمال إلى الجنوب، وتعيش حاليا في إحدى المدارس المكتظة بالنازحين، مضيفة "نزحنا والقصف فوق رؤوسنا، هدموا منازلنا، وجئنا مشيًا على الأقدام من الشمال إلى الجنوب مع جميع أفراد العائلة بمن فيهم الأطفال".
وقالت النازحة وهي تساعد مجموعة من الشبّان في تجهيز سندويتشات الفلافل وتوزيعها على النازحين في المدرسة، إن "شعب غزة صنّاع الحياة، وما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي بلا جدوى".
ومنذ 38 يوماً، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من 11 ألف شهيد، من بينهم أكثر من 4600 طفل، وأكثر من 3100 امرأة، فضلاً عن أكثر من 28 ألفاً و200 مصاب، 70 في المائة منهم من الأطفال والنساء، وفقاً لمصادر رسمية فلسطينية، مساء أمس الأحد.
(الأناضول)