لم تتوقع آلاء وهبي البالغة من العمر 35 عاماً أن تقضي فترة حملها بالكامل على الأريكة في الصالة، بعدما تفاقمت مشكلة الشخير لديها. تعاني وهبي من مشكلة الحساسية التي تتفاعل عندها في بعض المواسم، خاصة خلال فصل الربيع، ما يجعل صوت شخيرها مرتفعاً جداً خلال النوم، إلا أن حملها زاد هذه الحساسية وتأثيراتها السلبية الكبيرة على محيطها، فأصبح من الصعب أن تقضي الليل في غرفة واحدة مع شريك حياتها. تعد مشكلة آلاء وهبي إحدى أكثر المشاكل التي تعاني منها السيدات خلال فترات معينة من حياتهن، رغم أنه من المعروف أنه أكثر ارتباطاً بالرجال تحديداً، وبالتالي لدى النساء نصيب من هذه المشكلة أيضاً.
اضطرابات التنفس
يحدث الشخير عادة بسبب ارتخاء عضلات الفم والحلق. وفي بعض الحالات تؤدي حالات الارتخاء إلى انسداد في مجرى الهواء، فيبدأ الإنسان بالشخير، بحسب ما يشرح استشاري جراحة الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى لندن بريدج بافول سوردا، لصحيفة "ذي غارديان" البريطانية. ولا توجد إحصاءات عالمية عن عدد الأشخاص الذين يعانون من مشكلة الشخير، إلا أن دراسة أجرتها مؤسسة "سليب أليانس" الأميركية التي تعنى بشؤون النوم، وجدت أن أكثر من 90 مليون أميركي يعانون من المشكلة، وأن نصفهم قد يواجهون اضطرابات في النوم توقف التنفس، وهو ما يعرف باسم انقطاع النفس الانسدادي النومي الذي قد يتسبب في حالات اختناق خلال النوم.
أيضاً، وجدت تقديرات جامعة "جونز هوبكنز" الطبية أن نحو 45 في المائة من البالغين يشخرون أحياناً، ونحو 25 في المائة يشخرون بشكل منتظم. وأوضحت أن احتمال إصابة الرجال بالشخير يزداد خصوصاً في مرحلة منتصف العمر، أو مع التقدم في السن، فيما تبدأ النساء بالشخير في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث. كما أشارت أبحاث جونز هوبكنز إلى أن انقطاع النفس النومي الحاد في منتصف العمر أو الشيخوخة يمكن أن يزيد خطر الوفاة المبكرة بنسبة 46 في المائة.
ويؤكد أخصائي أمراض التنفس الدكتور يحيى الأحدب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مشكلة الشخير قد يكون لها سبب طبي، ويقول: "عندما يغفو الشخص وينتقل إلى حالة النوم العميق، تبدأ جميع العضلات في الارتخاء، خاصة تلك الخاصة بالفم والحنك، إضافة إلى اللسان، والأنسجة الموجودة في الحلق. وفي بعض الحالات، قد تكون درجة الارتخاء كبيرة ما لا يسمح بتمرير الهواء، ما يؤدي إلى حصول مقاومة من الأنسجة لفعل ذلك، فيصدح عالياً صور الشخير"، يضيف: "قد تكون مشكلة الشخير عرضية، وتحدث لبعض الأشخاص في أوقات معينة، نتيجة التعب الجسدي أو النفسي، لكن السبب قد يكون مشكلة طبية في حالات أخرى ترتبط بوجود انتفاخ في الأنف، أو مشكلة وجود زوائد فيه والتي تعرف باسم اللحمية، وتؤدي عادة إلى انسداد مجرى الهواء، ما يجعل الشخص غير قادر على استنشاق الهواء خاصة في مرحلة النوم. وهنا يتدخل الأطباء في وصف أدوية أو إجراء عملية جراحية، في محاولة لتدارك سلبيات مشكلات طارئة أخرى تتعلق بالتنفس بالدرجة الأولى".
السمنة بين الأسباب
ويتفق خبراء صحيون على أن حدوث الشخير لا يرتبط بسبب واحد، بل بمجموعة أسباب متنوعة قد تساعد في تفاقم المشكلة. وتربط دراسات إحداها لمستشفى "هيلث يونيفيرسيتي أوف يوتا" حدوث الشخير بالبدانة وزيادة الوزن.
وتقول البروفيسورة المحاضرة في هذه الجامعة سارة ماكونفيل إنه "يمكن أن تكون السمنة عاملاً إضافياً يزيد الشخير لدى أشخاص. ويعود ذلك إلى أن الدهون التي توجد في منطقة الرقبة تضغط لدى الاستلقاء على المجرى العلوي للهواء، ما يزيد احتمال حدوث الشخير. وهناك أيضاً مشكلة الدهون في البطن، فالنوم يدفع الحجاب الحاجز في الصدر إلى أعلى فتضغط الدهون على القفص الصدري، وتجعل التنفس في شكل جيد أمراً صعباً، فيزيد الشخير.
إلى ذلك، تتحدث دراسة أجرتها مؤسسة "سليب فونديشان" الأميركية عن أن عوامل مكتسبة قد تتسبب في زيادة حدة الشخير، منها استهلاك الكحول والأدوية المهدئة فترات طويلة، أو الحمل. وتنقل صحيفة "ذي غارديان" عن خبراء صحيين أن الذكور الذين يملكون نسباً عالية من الدهون حول الرقبة، وتحديداً في الحنك والجزء العلوي من اللسان، قد يكونون أكثر تعرضاً لمشكلة الشخير، وكذلك النساء اللواتي تترسب الدهون في الجزء السفلي من أجسامهن، وأولئك اللواتي يعانين من فرط في إفراز هرمونات الذكورة، ويعتبرن أكثر عرضة للشخير نحو أربع مرات من النساء العاديات.
حالة عامة
ويعتبر الأحدب أن الشخير لدى الرجال والنساء معاً يمثل حالة عامة تحدث بسبب التعب، أو نتيجة بذل نشاط بدني أو جسدي كبير، لكنه يستدرك بأن الشخير قد يتحول إلى مشكلة حقيقية في حال أصبح مزمناً، فهو قد يشكل دليلاً أو علامة رئيسية على انقطاع النفس الانسدادي النومي الذي يتوقف فيه الشخص عن التنفس لمدة 10 ثوان أو أكثر دفعة واحدة خلال النوم، وهذه مشكلة لا يمكن إهمالها". ورداً على سؤال هل يجب أن يزور شخص يعاني من الشخير الطبيب؟ يقول الأحدب: "عادة، لا تستدعي مشكلة الشخير زيارة الأطباء، إلا إذا أصبحت مزمنة. في العديد من الحالات، يكون الشخير عرضياً، أو بسبب مشكلة صحية يتم علاجها. أما إذا استمر الشخير لفترات طويلة، وتسبب في إزعاج كبير للشخص خلال النوم، مثل عدم القدرة على التنفس والاختناق، فمن الضروري زيارة الطبيب، وكذلك في حال ترافق الشخير مع حالات نادرة مثل صرير الأسنان".
وليس انقطاع التنفس أثناء النوم اضطراباً نادراً، غير أنّ التوعية به وبمخاطره ما زالت خجولة بعض الشيء. وعلى سبيل المثال، تشير تقديرات نشرها "سليب آبنيا"، وهو موقع أميركي متخصّص في شؤون المرضى الذين يعانون من انقطاع التنفس أثناء النوم، إلى أنّ 22 مليون أميركي يعانون من هذا الاضطراب، وقد شُخّص 80 في المائة منهم بأنّهم يعانون تحديداً ما يُعرَف بانقطاع التنفس الانسدادي النومي المعتدل أو الشديد.