قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، الأربعاء، إنه "ينبغي على السلطات المصرية إلغاء أحكام السجن القاسية ضد النشطاء الحقوقيين، الصادرة في 5 مارس/آذار الجاري، بعد محاكمة جماعية جائرة لـ29 رجلاً وامرأة بسبب نشاطهم السلمي في الملف الحقوقي، وذلك من دون قيد أو شرط".
وحُكم على النشطاء الأعضاء في منظمة "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" الحقوقية المستقلة بالسجن لمدد تراوح ما بين 5 سنوات والمؤبد، من خلال محكمة استثنائية لا يجوز الطعن على أحكامها، هي محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ)، إثر اعتقال جهاز "الأمن الوطني" في وزارة الداخلية العديد منهم في أواخر عام 2018.
#مصر: ألغوا الأحكام القاسية الجائرة بحقّ عزّت غنيم وزملائه في @ecr_feg وأفرجوا عنهم! https://t.co/lDjmvujWgd pic.twitter.com/J3N9GEAL7G
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) March 8, 2023
وقال نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" إريك غولدستين إن "أحكام السجن القاسية بحق المحامي الحقوقي عزت غنيم وزملائه في التنسيقية المصرية للحقوق والحريات تقدم دليلاً آخر على أن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي ليست جادة بشأن الإصلاحات (السياسية)"، مضيفاً "بالنسبة للسلطات المصرية، يجب قمع النشاط السلمي ومعاقبته".
ومن بين النشطاء المدانين المدير التنفيذي للمنظمة عزت غنيم، والعضو السابقة في "المجلس القومي لحقوق الإنسان" الحكومي في مصر هدى عبد المنعم، والمحامي محمد أبو هريرة، وزوجته عائشة الشاطر.
وواجه المتهمون في القضية رقم 1552 لسنة 2018 تهماً بموجب قانوني العقوبات ومكافحة الإرهاب، هي "قيادة منظمة إرهابية، أو الانضمام إليها (التنسيقية المصرية للحقوق والحريات)"، التي زعمت السلطات أنها جزء من جماعة "الإخوان المسلمين"، بحسب بيان لمنظمة "هيومن رايتس ووتش".
وجميع التهم، في قرار إحالة النيابة، مرتبطة فقط بعمل المنظمة في توثيق ونشر انتهاكات حقوق الإنسان على موقعها في الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، وتقديم المساعدة القانونية وغيرها للمحتجزين السياسيين.
وتضمنت القضية 30 متهماً، 14 منهم رهن الحبس الاحتياطي المطول، وغير القانوني، منذ أواخر عام 2018. فيما برأت المحكمة متهمة واحدة، ودانت جميع المحتجزين وغيرهم غيابياً، إذ حُكم على 17 منهم بالسجن المؤبد، وعلى 7 بالسجن لمدة 15 عاماً، بينهم غنيم وأبو هريرة.
كما حكمت المحكمة على 4 نشطاء، بينهم الشاطر، بالسجن 10 سنوات، وعلى عبد المنعم بالسجن 5 سنوات. وأمرت المحكمة بوضع جميع المتهمين الـ29 تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات أخرى بعد إنهاء محكومياتهم، ووضعهم على قائمة الإرهاب المصرية، وهو تصنيف يؤدي تلقائياً إلى مصادرة جميع الأصول المملوكة لهم، ومنعهم من السفر خارج البلاد.
وأضافت المنظمة أن من بين المحتجزين المحكوم عليهم بالسجن المؤبد المواطن المصري البريطاني محمد محمود نصر الله، وهو طبيب أمراض كلى، ومولود في المملكة المتحدة. وتابعت المنظمة أن الطريقة الوحيدة لاستئناف قرارات محكمة أمن الدولة هي تقديم التماس إلى رئيس الجمهورية، الذي يملك وحده سلطة إلغاء قرارات المحكمة أو تعديلها.
ووثقت "هيومن رايتس ووتش"، ومنظمات مصرية أخرى، تعرض المحتجزين في القضية للعديد من الانتهاكات الجسيمة للإجراءات القانونية الواجبة، منها الإخفاء القسري عدة أشهر، وحرمانهم من زيارات أفراد العائلة، وعدم السماح لهم فعلياً بالاستعانة بمحام.
وفي يوليو/تموز 2021، قالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان ماري لولور إن "احتجاز العديد من النشطاء في هذه القضية يشكل إساءة لاستخدام قوانين مكافحة الإرهاب والأمن القومي في مصر، بغرض تجريم عمل المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد".
وكانت 9 منظمات حقوقية مصرية ودولية قد أعلنت رفضها للأحكام الصادرة في القضية، قائلة إن "أفعال السلطات المصرية تظهر عكس ما تطلقه من تصريحات حول احترام الفضاء المدني، وحرية التعبير، وتكوين الجمعيات"، وإن "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها السيسي عام 2021 هي بمثابة لافتة دعائية يروجها النظام لتحسين وجهه أمام المجتمع الدولي".
وأوضحت أن "الأحكام صدرت عن محكمة استثنائية أحكامها نهائية لا نقض فيها، أي أنها تفتقد معايير المحاكمات العادلة، كما تنتقص من حق المدانين في التقاضي، بأن ألغت درجة من درجات التقاضي، وهي محكمة النقض. فضلاً عن عقد المحاكمة داخل مجمع سجون بدر بما يعصف باستقلالية القضاء، ويمثل دليلاً على جور السلطة التنفيذية على القضاء".
وتشير أوراق القضية إلى تعرض 14 متهماً في القضية للتعذيب الجسدي أو النفسي، والذي تنوعت طرقه ما بين الضرب بالأيدي والأرجل بجميع أنحاء الجسد، والمنع من النوم والطعام وقضاء الحاجة لعدة أيام. بالإضافة إلى استخدام الصعق بالكهرباء مع غالبية المتهمين (نساء ورجال)، في مناطق حساسة بالجسد، والتعليق لفترات مطولة بمسافة عن سطح الأرض كأحد وسائل التعذيب المستخدمة معهم.
وتعرض 15 متهماً بالقضية للإخفاء القسري والاحتجاز بمعزل عن محاميهم أو ذويهم بمكان غير معلوم منذ القبض عليهم، 7 منهم صدر ضدهم قرار بالتحفظ وفقا للمادة 40 من قانون الإرهاب، والآخرون تم تزوير محاضر ضبطهم من مأموري الضبط القائمين عليهم بأن تم إثبات تواريخ مخالفة لما أثبته المتهمون بأقوالهم بالتحقيقات، بل وقدم دفاعهم برقيات بجلسات التحقيقات لإثبات التاريخ الفعلي للقبض عليهم، من دون أن تلتفت النيابة العامة لذلك، وفقاً لما وثقته المنظمات الحقوقية.