أجمعت خبيرات على ضرورة تصديق الأردن على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، وذلك في حلقة نقاشية نظمتها جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، اليوم الاثنين. ويُعَدّ ذلك أمراً ضرورياً من أجل ضمان بيئة عمل خالية من العنف والتحرش، علماً أنّ الاتفاقية غير محصورة في أماكن العمل فحسب وإنّما في كلّ مكان ذي صلة.
وتحت عنوان "ضمان الحق في عالم آمن من العنف والتحرش - اتفاقية رقم 190 لعام 2019 بشأن العنف والتحرش في عالم العمل"، ناقشت جمعية "تمكين" مواضيع عدّة، من أبرزها أهمية تصديق الأردن على الاتفاقية، ودور منظمة العمل الدولية في تعزيز التصديق عليها، ومدى مواءمة التشريعات الأردنية مع ما تتضمّنه الاتفاقية، والالتزامات القانونية التي سوف تترتّب على الأردن عند التصديق على الاتفاقية، إلى جانب الحديث عن دور اتحاد النقابات في الأردن والنقابات العمالية في البلاد في تبنّي سياسات للحدّ من العنف والتحرش في عالم العمل.
وفي هذا الإطار، قالت المسؤولة عن برامج العمل اللائق للمرأة لدى منظمة العمل الدولية، ريم أصلان، إنّ منظمتها "توصي" من دون أن تضغط من أجل التوقيع على اتفاقياتها. وأضافت أنّ ثمّة خطة تنفيذية من أجل بيئة عمل آمنة العمل جارٍ عليها مع الأطراف المعنيين الثلاثة؛ العمّال وأصحاب العمل والحكومة.
وأشارت أصلان إلى أنّ منظمة العمل الدولية أنشأت، بالتعاون مع اتحاد عمّال الأردن، عيادة للإرشاد القانوني الخاص بالعمّال والعاملات في قضايا التعذيب والتحرّش. وإذ بيّنت أصلان أنّ الأردن من الدول السبّاقة التي تعاملت مع اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش، غير أنّه لم يصدّق عليها.
حماية للذكور والإناث في بيئة العمل
المحامية آمال حدادين، من اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، كانت من بين المشاركات في الحلقة النقاشية، وقد رأت أنّ "اتفاقية بهذه الزخم تحمي حقوق الذكور والإناث"، مشيرةً إلى أنّ نساءً كثيرات يحجمنَ عن العمل بسبب التحرّش في سوق العمل، خصوصاً في القطاعات غير المنظمة.
من جهتها، أوضحت رئيسة لجنة المرأة في اتحاد عمّال الأردن رنا أبو لوحة أنّ منصات الاتحاد تلقّت في العامَين الماضيَين نحو مليون شكوى عمالية، تناولت 90 في المائة منها العنف المالي. وأضافت أبو لوحة أنّ عدداً كبيراً من الشكاوى الأخرى يرتبط بالعنف الإلكتروني وبالعنف الجسدي وكذلك الجنسي، لكنّ الشكاوى تُسحَب بمعظمها على خلفيات ترتبط بالوصمة الاجتماعية والخوف خصوصاً.
أمّا رئيسة النقابة العامة للعاملين في المياه والزراعة والصناعات الغذائية بشرى السلمان فقالت إنّ نقابتها تسعى لتوفير شراكات متنوّعة مع مؤسسات المجتمع المدني والجهات الناشطة في مجال حقوق المرأة، من أجل دعم نشاطاتها وبرامجها الرامية إلى تعزيز الوعي النقابي لدى المرأة العاملة.
في الإطار نفسه، سلّطت مديرة البرامج في جمعية "تمكين" رانيا الصرايرة الضوء على الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تترتّب على التمييز والعنف وعدم المساواة في بيئة العمل، وعلى أشكال العنف والتحرش التي تُمارَس فيها، والتحديات التي تواجه الشكاوى العمالية المتعلقة بالعنف والتحرش في أماكن العمل.
وخلال النقاش العام، شدّدت المشاركات في الحلقة على ضرورة أن يحظى العمّال والعاملات بالحماية القانونية، خصوصاً أنّ كثيرين منهم يعملون في ظروف لا تتوفّر فيها أدنى شروط العمل اللائق، إذ يتعرّضون لانتهاكات عديدة، من بينها حرمانهم من حقوقهم.
وأشارت المشاركات إلى أنّ الحاجة والخوف يمنعان العمّال، خصوصاً النساء من بينهم، من التقدّم بشكاوى بحقّ مرتكبي العنف في بيئة العمل، لذا يلجأنَ إلى الصمت. وتحدّثنَ كذلك عن قصور الوعي بالإجراءات القانونية الذي يمثّل أحد أسباب ذلك. وشدّدنَ على ضرورة إيجاد حلول فعّالة وسياسات قابلة للتطبيق والمتابعة لتعزيز الحماية للعاملات والعمّال، على حدّ سواء، من العنف والتحرش.
تعريف التحرش فضفاض في الأردن
وكان مجلس النواب الأردني قد أقرّ، في السادس من مارس/ آذار 2023، مشروع القانون المعدّل لقانون العمل الأردني، علماً أنّ من أبرز ما تضمّنته التعديلات فرض غرامة مالية على المتحرّش جنسياً في أماكن العمل. لكنّ المشاركات في الحلقة النقاشية اليوم أشرنَ إلى أنّ التعديلات لم تعالج العلاقات ما بين العمّال أنفسهم أو المتدرّبين في بيئة العمل، ولم تحدّد نطاق العمل الذي يمكن فيه تجريم التحرش. ولفتنَ إلى أنّ تعريف التحرش في القانون قاصر وفضفاض، ولا يتماشى مع اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل والمعايير المشار إليها فيها.
وبالتالي أوصت الخبيرات الحكومة بالتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، ووضع تعريف واضح في قانون العمل الأردني للتحرّش والعنف في أماكن العمل، وتعديل التشريعات لتتواءم مع الاتفاقية وبنودها.
يُذكر أنّ اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل دخلت حيز التنفيذ في 25 يونيو/ حزيران من عام 2021، وهي الاتفاقية الأولى من نوعها في العالم التي تنفرد وتتخصّص في وضع خطة عمل مفصّلة لمناهضة العنف والتحرش في عالم العمل.