دعوة لحظر النقاب في ألمانيا

05 ديسمبر 2015
مسلمة تضع إكليلا من الزهور أمام السفارة الفرنسية ببرلين(Getty)
+ الخط -
إن حظر النقاب الذي دعا إليه حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" في بافاريا الذي يتطابق مع حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، يشبه من حيث مؤداه تلك الدعوة التي كانت سارية في القرون الوسطى بوجوب ارتداء المرأة "حزام العفة"، صوناً للشرف.
من حسن الحظ أن هذا التقليد الذي "شرعه" متعصبون داخل صمت الأديرة، منقطعون عن الواقع وتحولاته، لم يعش طويلا، وإلا لكنا اليوم في مجتمع أغلب نسائه مزنرات بالسلاسل ومشدودات الوسط بالأقفال ابتغاء عفة لن تتحقق إذا لم تزرع بذرتها في القلب وفي العقل معا.
لم تقتصر دعوة هذا الحزب الديني المتشدد عند هذا الحد، بل تعدته إلى مطالبة المسلمات من حاملات الحجاب، مقيمات وزائرات، بالسير مكشوفات الأوجه في كل مناحي الحياة العامة، وأن يكون هذا ملزما وبنص قانوني، لأنه يحقق مبدأ "المساواة" بين جميع المواطنين الألمان. وتتناسى مثل هذه الدعوات غير المؤسِسة، أن تحقيق مساواة مثل هذه، يخرق مبدأ أكبر وهو مبدأ الحرية: حرية المعتقد وما يتولد عنها من حريات فردية أخرى.
طبعا، ما كان لمثل هذه الدعوات أن تتجرأ على الإطلالة برأسها، لولا السياق الحالي الذي تمر منه صورة الإسلام والمسلمين، وهي صورة تقتل صور التسامح ودين المحبة، وتعلي من شأن "مسلك جهادي"، يجعل من كل عربي مسلم مشروع انتحاري مؤجل، ومن كل مسلمة متحجبة، آلة مزنرة بأحزمة ناسفة، ومجلبة للموت والدمار.

هذا كثير، لأن الاستمرار في ركوب المبالغات وتسويغها للرأي العام الأوروبي، لن يكون في صالح أحد، وهو بكل تأكيد سيؤدي إلى ارتكاب "أكبر مظلمة" في تاريخ العصر الحديث ضد العرب والمسلمين.
ليس العنف الذي نشهده اليوم إلا حلقات من عنف قديم، يظهر ويختفي مثل الثعلب، لكنه ليس دين العرب والمسلمين ذاك، وعلى "الإنسية الأوروبية" أن تقف في اللحظة الراهنة وتسائل نفسها وتاريخها وفكرها وأدبها وفنها، حتى لا تستسلم أمام عواطف "دينية" جياشة، أكثر فحشا من عنف دواعش العرب والمسلمين.
المساهمون