دعوات لمراجعة قانون الأسرة المغربي بعد 18 سنة على تطبيقه

08 مارس 2022
تحقيق التمكين للنساء المغربيات وتعزيز المساواة بين الجنسين (فاضل سينا/ فرانس برس)
+ الخط -

انضمّ المجلس الاقتصادي والاجتماعي البيئي (حكومي) إلى الحركة النسائية والحقوقية في المغرب الداعية إلى مراجعة قانون الأسرة، بعد 18 سنة على دخوله حيّز التنفيذ.

وقال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الثلاثاء، إنّه "آن الأوان لمراجعة مدونة الأسرة، بما يتلاءم مع مقتضيات الدستور ومضامين الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وبما ينسجم مع طموحات تحقيق التمكين للنساء المغربيات وتعزيز المساواة بين الجنسين المعبر عنها في النموذج التنموي الجديد".

ولفت المجلس، في رأي أصدره بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 من مارس/ آذار من كل سنة، إلى أنه "لا يمكن تحقيق المساواة بين النساء والرجال وضمان المشاركة الكاملة للمرأة في جميع مناحي الحياة العملية دون إطار قانوني منسجم مع طموحات البلاد، يضمن للمرأة التمتع بحقوقها كاملة دون أدنى تمييز".

الوقت قد حان لتطوير مدونة الأسرة من أجل ملاءمتها مع المعايير القانونية الوطنية والدولية

ويرى المجلس أن الوقت قد حان لتطوير مدونة الأسرة من أجل ملاءمتها مع المعايير القانونية الوطنية والدولية، في ظل التطورات وبالنظر إلى التحولات العميقة التي شهدها المجتمع خلال العقود الأخيرة في اتجاه المطالبة بإعمالٍ أكبر لمبادئ المساواة والإنصاف والعدالة الاجتماعية.

من جهة أخرى، حدد المجلس عدداً من الإشكالات والاختلالات التي تعرفها مدونة الأسرة في صيغتها الحالية، منها تضمنها لأشكال من التمييز على مستوى الولاية على الأطفال، حيث "لا يسمح للأم بالولاية على أبنائها"، وهو ما "يتعارض مع مبدأ تقاسم المسؤوليات الأسرية بين الزوجين، لا سيما تلك المتعلقة بالأطفال، كما أن هذا المقتضى يؤثر سلبا على إعمال حقوق وواجبات الوالدين المنفصلين تجاه أطفالهما عندما تستمر الخلافات بينهما، بالإضافة إلى ذلك، فإن زواج المرأة طالبة الحضانة يُسقط عنها حق حضانة الأطفال إلا في حالات خاصة".

ومن بين الاختلالات التي ركز عليها المجلس كذلك الزواج المبكر، حيث "لا تزال هذه الممارسة خاضعة للسلطة التقديرية للقضاة، مطالباً بإلغائها تحقيقاً للمصلحة الفضلى للطفل المنصوص عليها في الدستور وفي الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

وإلى جانب ذلك، "يشكل توزيع الأموال بين الزوجين في حالة الطلاق أو وفاة أحدهما جانباً آخر يحتاج إلى المزيد من التطوير والملاءمة، ذلك أنه لا يتم بعد الاعتراف بالعمل المنزلي الذي تضطلع به المرأة (المندرج ضمن حق الكد والسعاية)، وبالتالي تُحرم من حصتها في الأموال التي اكتسبتها الأسرة خلال فترة قيام العلاقة الزوجية، في حالة عدم تمكنها من إثبات مساهمتها بشكل مباشر وموثق في تنمية أموال الأسرة".

وبحسب المجلس، فإن هذه الأشكال من التمييز تؤدي إلى "تكريس شعور النساء بانعدام الأمن على المستوى القانوني والقضائي والاقتصادي والاجتماعي، إذ تنعكس سلباً على حقوقهن وتؤدي إلى تقليص حريتهن، كما تكرس تبعيتهن وارتهانهن بالغير، لافتاً إلى أنه "يصبح من الصعب، في ظل هذه الظروف، مكافحة استمرار العنف إزاء النساء، عندما يواجهن خطر الهشاشة المالية عقب الطلاق، وذلك بسبب وجود منظومة غير منصفة لاقتسام الأموال المكتسبة".

إلى ذلك، دعا المجلس إلى مراجعة مدونة الأسرة، من خلال التسريع بإطلاق نقاش عمومي مفتوح وتعددي ومسؤول، ودينامية تفكير جماعي مستندة إلى رأي الهيئات المؤهلة، حول جميع القضايا المتعلقة بالزواج، والطلاق، والتركة، والبنوة، وحضانة الأطفال، والاعتراف بالعمل المنزلي للمرأة، وغير ذلك.

كذلك أكد ضرورة أن ينصب هذا النقاش أيضاً، وبدون تحفظ، على القضايا المتعلقة بالحقوق الفردية وصحة ورفاه النساء، وعياً منه بأهمية وجود ترسانة قانونية تضمن الأمن القانوني للمواطنات والمواطنين، لا سيما النساء، وتحميهن من جميع أشكال التمييز أو العنف".

وكان صدور مدونة الأسرة في عام 2004 قد شكل حدثاً تشريعياً بل مجتمعياً وحقوقياً وسياسياً وثقافياً بارزاً، وكان أقوى تعبير عن الاستجابة للرغبة في تحديث المجتمع والنهوض بأوضاع الأسرة وتحقيق توازنها وحماية حقوق المرأة والطفل وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وإعادة الاعتبار لمؤسسة الزواج ولمسؤولية طرفيها معاً، غير أن مراجعتها أصبحت ضرورة حتمية اليوم، بحسب الحركة النسائية والحقوقية في المغرب.

 

المساهمون