دعوات لإعادة إطلاق اسم ستالينغراد على فولغوغراد

24 يناير 2023
كانت معركة ستالينغراد مفصلية في الحرب العالمية الثانية (أوليغ نيكشين/ Getty)
+ الخط -

فولغوغراد مدينة مليونية تقع في جنوب شرق الشطر الأوروبي من روسيا، ونالت شهرة رياضية باستضافتها بعض مباريات مونديال كرة القدم في عام 2018، كما تحظى بشهرة عالمية بسبب اسمها القديم ستالينغراد، إذ شهدت أشرس معارك الحرب العالمية الثانية بين قوات ألمانيا النازية والجيش السوفييتي.
تغير اسم المدينة عدة مرات على مدار التاريخ، فكان اسمها تساريتسن في حقبة روسيا القيصرية، ثم تحول إلى ستالينغراد في عام 1925، تكريماً للدكتاتور السوفييتي جوزيف ستالين، وبعد وفاته، عقد المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي السوفييتي، والذي قدم خلاله الزعيم الجديد، نيكيتا خروتشوف، تقريراً ندد فيه بجرائم ستالين، فأطلق عليها في عام 1961 اسم فولغوغراد، وهو مشتق من اسم نهر فولغا الذي تقع المدينة على ضفافه. 
خلال الأسابيع الماضية، عادت فولغوغراد إلى المشهد الإعلامي الروسي بعد تعالي الدعوات لإعادة اسم ستالينغراد، في ظل مبادرات تحظى باستحسان ضمني من الحكومة الروسية، لرد الاعتبار لستالين رغم القمع الذي طاول ملايين المواطنين في عهده. 
في المقابل، أثارت هذه الدعوات موجة استياء وغضب بين الأوساط الليبرالية والمعارضة في المدينة، حتى إنّ حزب يابلوكو الليبرالي المعارض أطلق عريضة إلكترونية لجمع توقيعات للمطالبة بعدم إعادة الاسم القديم للمدينة، واستهجان تمجيد شخصية الدكتاتور الدموي.  
ويعتبر عضو مكتب المجلس الإقليمي لحزب يابلوكو في مقاطعة فولغوغراد، ألكسندر يفيموف، أن مقترح إعادة اسم ستالينغراد يندرج ضمن حملة العسكرة التي تشهدها روسيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا في نهاية فبراير/ شباط من العام الماضي، آملاً أن تساعد عريضة التوقيعات الإلكترونية، وتداول القضية إعلامياً بشكل واسع في منع إتمام تلك الخطة. 
ويقول يفيموف في حديث لـ"العربي الجديد": "بين الحين والآخر، تُطرح فكرة إعادة إطلاق تسمية ستالينغراد على المدينة ضمن النقاشات في المجتمع الذي لا يزال يضم قسماً من الشيوعيين الذين يعتبرون أنفسهم من أنصار ستالين، والذين لا يريدون الحديث عن حجم القمع في عهده. كان هؤلاء يشكلون أقلية مهمشة تتراوح نسبتها بين 5 إلى 20 في المائة، ولم تكن السلطات تلتفت إليهم، لكنّ الوضع تغير بعد أن أصبحت روسيا في حالة حرب، مما زاد من عسكرة المجتمع، وطرحت القضية لأول مرة على مستوى حاكم الإقليم". 

الصورة
تقع فولغوغراد على ضفاف نهر فولغا (كيريل كودريافيتشيف/فرانس برس)
تقع مدينة فولغوغراد على ضفاف نهر فولغا (كيريل كودريافيتشيف/ فرانس برس)

وأعلن حاكم مقاطعة فولغوغراد، أندريه بوتشاروف، في مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بدء عمل المجلس الاجتماعي المعني بدراسة رأي السكان بشأن إعادة تسمية ستالينغراد، بناء على قرار لاجتماع المجلس المحلي للمحاربين القدامى الذين دعوا في الذكرى الـ80 لبدء التقدم المضاد للقوات السوفييتية، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى إعادة تسمية المدينة ستالينغراد. وأقر بوتشاروف بأنّ "قرار إعادة تسمية المدينة يجب ألا يتخذ إلا بناء على رأي السكان"، معتبراً أنّ "إجراء استفتاء سيظهر النتيجة الأكثر موضوعية".  
بدوره، يقلل يفيموف من أهمية دور منظمات المحاربين القدامى في الحرب العالمية الثانية في مبادرات إعادة الاسم القديم للمدينة، موضحاً: "لم يعد هناك عدد كبير من المحاربين على قيد الحياة، والدعوات التي تصدر من خلف قناع منظماتهم، مصدرها الفعلي هم مسؤولون في الأجهزة الأمنية". لافتاً إلى الدور الشخصي لستالين في مأساة ستالينغراد: "لم يصدر ستالين أمراً بإجلاء السكان المدنيين من المدينة، فظل مئات الآلاف منهم في ساحة القتال، وتلطخت يداه بدماء هؤلاء الذين تخاذل عن إنقاذهم". 
ويعد يوم 17 يوليو/ تموز 1942، هو التاريخ الرسمي لبدء معركة ستالينغراد، والتي اعتبر زعيم ألمانيا النازية، أدولف هتلر، أن الانتصار في معركة المدينة التي تحمل اسم زعيم الاتحاد السوفييتي، سيتيح خفض الروح المعنوية لعدوه، فضلاً عن أهداف إستراتيجية مثل قطع القوقاز عن باقي أنحاء البلاد، وحرمان ستالين من الصناعات النفطية لأذربيجان، وقطع إمدادات الوقود وغيرها من الموارد الحيوية عن الجيش السوفييتي.

الأرشيف
التحديثات الحية

في بداية المعركة، كانت القوات النازية تتفوق على السوفييتية لجهة عدد الطائرات والدبابات وقطع المدفعية، ثم أصدر ستالين مرسومه ذائع الصيت رقم 227 القاضي بأنه "لا خطوة إلى الوراء"، وتطبيق أشد الإجراءات، وصولاً إلى الإعدام رمياً بالرصاص بحق الجنود المتراجعين في ساحة القتال.
في 23 أغسطس/ آب 1942، نفذ طيران ألمانيا النازية أكثر عملية قصف جوي يومي كثافة خلال الحرب، ما أسفر عن مقتل خُمس سكان المدينة البالغ عددهم الإجمالي حينها نحو 400 ألف نسمة. لكن الجيش السوفييتي بدأ في إطار عملية "أورانوس"، في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 1942، تقدماً مضاداً أسفر عن استسلام المجموعة الشمالية لقوات ألمانيا النازية بحلول 2 فبراير/ شباط من العام التالي، مما شكل ضربة معنوية كبيرة لهتلر، وغيّر مجرى الحرب العالمية الثانية لصالح موسكو وحلفائها. 

المساهمون