- تقليل مدد الحبس الاحتياطي يصبح بلا جدوى مع استمرار تطبيق قانون مكافحة الإرهاب الذي يمنح سلطات استثنائية واسعة تتجاوز قواعد قانون الإجراءات الجنائية.
- ضرورة إجراء نقاش مجتمعي واسع حول التعديلات، وإلغاء النصوص الإجرائية من قانون مكافحة الإرهاب، مع ضمانات إجرائية لمنع تدوير المتهمين أثناء حبسهم احتياطياً.
أكدت مؤسسة دعم العدالة بالمركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة والتي يرأسها المحامي الحقوقي ناصر أمين، أن تعديل قانون الإجراءات الجنائية ليس كافيا لإنهاء كارثة الحبس الاحتياطي فى مصر، موضحة في بيان لها، اليوم الأربعاء، أنها تتابع عن كثب وباهتمام بالغ، إعادة فتح النقاش مجددا حول تعديل قانون الإجراءات الجنائية، في اللجنة الفرعية المنبثقة من لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بمجلس النواب، وتوصلها إلى توافق مبدئي حول تلك التعديلات تمهيدا لعرضها على مجلس النواب في دور انعقاده التالي في أكتوبر القادم لإقراره، وما تتضمنه تلك التعديلات من مواد عددتها اللجنة تتعلق بتقليل مدد الحبس الاحتياطي وإلغاء باب الإكراه البدني وقواعد ومعايير المحاكمات عن بعد، وغيرها، وهو المشروع الذي تم إعداده منذ عام 2017 ولم يصدر لأسباب مختلفة.
الحبس الاحتياطي وقانون مكافحة الإرهاب
وأكدت المؤسسة أنه مع تسليمها بأهمية تقليل مدد الحبس الاحتياطي، وأنه مطلب متكرر ودائم لها ولغيرها من مؤسسات المجتمع المدني المعنية، إلا أنها تصبح بلا جدوى ولا أهمية طالما ظلت نصوص قانون مكافحة الإرهاب بما تتضمنه من سلطات استثنائية واسعة في موضوع الحبس الاحتياطي، قائمة ومطبقة ونافذة خاصة المواد (40-42-43) من هذا القانون، الذى مس ولأول مرة فى تاريخ القضاء المصري وحدة القواعد الإجرائية للمحاكمات، بأن سمح بعدم التقيد بقواعد قانون الإجراءت الجنائية المتعلقة بمدد الحبس الاحتياطي، بل ووضع قواعد إجرائية جديدة غير تلك التي ينص عليها قانون الإجراءات الجنائية.
كما تؤكد المؤسسة أيضا وفي السياق ذاته أنه لا جدوى من تقليل مدد الحبس الاحتياطي طالما أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية لم يتضمن ضمانة واضحة وجازمة تحول دون استمرار ظاهرة تدوير المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا اخرى لتبرير استمرار حبسهم (والتي تعد نسخة معدلة لظاهرة الاعتقال المتكرر الملوثة التي عانى المواطنون منها في مرحلة التسعينيات، في القضايا ذات الصبغة السياسية، وراح ضحيتها عشرات الآلاف قبل أن يتم وقف العمل بها.
وتشير المؤسسة إلى أن تعديل قانون الإجراءات الجنائية وهو قانون المشروعية الإجرائية الأكثر أهمية في نظام العدالة الجنائية المصرية، يستلزم إجراء نقاش مجتمعي واسع يليق بمكانته وأهميته، ولا يعد حضور ممثلين عن نقابة المحامين والشرطة والنيابة العامة، جلسة حوار واحدة بمعية اللجنة الفرعية، نقاشا مجتمعيا يليق أو يرقى لمستوى قانون بأهمية ومحورية قانون الإجراءات الجنائية، لمساسه المباشر بحقوق المواطنين فى الحرية والأمان الشخصي، وحقهم في محاكمات عادلة ومنصفة.
وتطالب المؤسسة بضرورة عرض القانون – قبل عرضه على مجلس النواب – للنقاش المجتمعي ليشارك في ذلك أصحاب المصلحة الحقيقية من محامين وقضاة ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان وأساتذة القانون الجنائي، وممثلين لضحايا الحبس الاحتياطى المطول، لبيان النواقص والملاحظات، والوقوف على فلسفة تلك التعديلات. وضرورة إلغاء النصوص الإجرائية من قانون مكافحة الإرهاب أو أية قوانين أخرى صدرت في العشر سنوات الماضية والاكتفاء بالقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، أو على أضعف الأمور إلغاء المواد 40 و42 و43 من قانون مكافحة الإرهاب. وأيضا ضرورة النص في صلب القانون على ضمانات إجرائية مانعة من استمرار ظاهرة تدوير المتهمين أثناء حبسهم احتياطيا في قضايا جديدة، لتبرير استمرار حبسهم دون مقتضى.