دراسة تكشف الفجوة بين الأغنياء والفقراء في استخدام المياه

11 ابريل 2023
الأغنياء يستهلكون المياه بشكل مفرط من أجل الترفيه (Getty)
+ الخط -

تُسلّط دراسة دولية جديدة نشرت أمس بمجلة Nature Sustainability بقيادة مجموعة من الخبراء من المملكة المتحدة والسويد وهولندا، الضوء على الفجوة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء في استخدام المياه.

وأظهرت الدراسة، أن النخب الغنية تستهلك المياه بشكل مفرط من أجل الترفيه كملء حمامات السباحة وريّ الحدائق وغسل السيارات، فيما يترك الملايين من الفقراء دون إمكانية الوصول إلى المياه.

اتخذ الفريق الدولي من مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا نموذجاً لإظهار هذا التفاوت، وتبين أن أكثر من 80 مدينة حول العالم، تعاني من المشكلة نفسها، بما في ذلك، كل من لندن وميامي وبرشلونة وبكين وطوكيو وملبورن وإسطنبول والقاهرة وموسكو.

تفاوت اجتماعي

قام الخبراء بتحليل الاستخدامات المنزلية للمياه في كيب تاون جنوب أفريقيا، لفهم الاختلافات بين الطبقات الاجتماعية، وقسموها إلى خمس مجموعات تتراوح من النخبة، فوق متوسط الدخل، دخل متوسط منخفض، دخل منخفض، في نهاية المطاف، المناطق العشوائية أو غير الرسمية.

وفق تعداد عام 2020، ينتمي 1.4 في المائة من سكان المدينة في كيب تاون إلى النخبة و12.3 في المائة إلى مجموعة الدخل المتوسط الأعلى. في حين تم تصنيف 24.6 في المائة على أنها فئة ذات دخل متوسط منخفض. يعيش حوالي 40.5 في المائة من السكان في مناطق منخفضة الدخل و21 في المائة يسكنون أكواخ العشوائيات المنتشرة على أطراف المدينة.

وبحسب الدراسة، تعيش هذه المجموعات الغنية، عادة في منازل واسعة بها حدائق وأحواض سباحة وتستهلك مستويات غير مستدامة من المياه، في حين أن الكثير من السكان ليس لديهم صنابير أو مراحيض داخل مبانيهم. في المتوسط ، يقدر النموذج أن أسر النخبة وذات الدخل المتوسط الأعلى قد تستهلك نحو 2161 لتراً من الماء يومياً، في حين أن الأسر ذات الدخل المنخفض من المقدر أن تستهلك ما بين 178 لتراً من الماء للأسر منخفضة الدخل، و41 لتراً للأسر الأفقر.

ويعتقد الباحثون، بأن الاختلاف الشاسع في استخدام المياه بين الأغنياء والفقراء يتم تجاهله عند مناقشة أي حلول لنقص المياه، فيما يتم التركيز بدلاً من ذلك على محاولات زيادة العرض وارتفاع أسعار المياه، وطالب الباحثون بضرورة إعادة توزيع موارد المياه بشكل متساو.

استخدمت الدراسة البيانات لتطوير نموذج لاستخدام مياه المدينة من خلال مراقبة مستويات الدخل. في كيب تاون، وجدت المجموعة الأغنى – 14 في المائة من سكان المدينة - تستخدم 51 في المائة من المياه المستهلكة في المدينة. في المقابل، يستخدم الفقراء الذين يشكلون نحو – 62 في المائة من إجمالي عدد السكان - ما يقارب من 27 في المائة فقط من المياه.

وأظهر النموذج، الذي يمكن تطبيقه على مدن أخرى، أن التغيّرات في استخدام المياه من قبل المجموعة الأكثر ثراءً كان لها تأثير أكبر على توافر المياه بشكل عام من التغيرات في السكان أو حالات الجفاف المرتبطة بأزمة المناخ.

تقول البروفيسورة هانا كلوك، من جامعة ريدينغ بالمملكة المتحدة والمؤلفة المشاركة للدراسة الجديدة: "تغير المناخ والنمو السكاني يعنيان أن المياه أصبحت مورداً أثمن في المدن الكبرى من جهة، ومن جهة ثانية، فإن استخدام المياه بهذا الشكل من قبل الأغنياء، يهدد مستقبل الفقراء".

ووفق كلوك، تظهر التوقعات أن هذه الأزمة يمكن أن تزداد سوءا مع اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في أجزاء كثيرة من العالم. في النهاية سيعاني الجميع من العواقب ما لم نطور طرقًا أكثر عدلاً لتقاسم المياه في المدن.

توترات مستقبلية

خلال مؤتمر المياه الذي نظمته الأمم المتحدة في الثالث والعشرين من مارس/ آذار الماضي، رسم قادة العالم صورة قاتمة لأزمة المياه العالمية، ووجدوا بأنه إذا لم يتم التعامل معها بالتمويل والبنية التحتية والتغييرات في السياسات، فسيؤدي ذلك إلى المزيد من المعاناة والوفيات وقد يؤدي إلى نشوب صراعات وأنماط الهجرة الجماعية حول العالم.

وتبيّن أن الكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ ستزيد من معاناة ملياري شخص يفتقرون إلى مياه الشرب المأمونة، إلى جانب 3.6 مليارات شخص لن يحصلوا على الصرف الصحي الآمن.

فيما يتوقع خبراء من المنظمة الدولية للهجرة، أن تؤدي ندرة موارد المياه إلى تشريد ما لا يقل عن 700 مليون شخص بحلول عام 2030.

من جهتها، طالبت البروفيسورة ماريانا مازوكاتو، من جامعة كوليدج لندن بالمملكة المتحدة، والمؤلفة الرئيسية للتقرير الصادر عن اللجنة العالمية لاقتصاديات المياه في مارس/آذار 2023 بحسب ما نقلته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية بضرورة وضع خطة استباقية، طموحة لإدارة أزمة المياه، وتحقيق العدالة والإنصاف، لأن المشكلة ليست تكنولوجية أو مالية ".

خطط حكومية

بدأت المملكة المتحدة السعي إلى تقديم بعض الخطط لمواجهة مشكلة ندرة المياه، وبحسب صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، فإنّ الحكومة ستسعى إلى خفض الاستهلاك المنزلي في المملكة المتحدة إلى 110 لترات للفرد يوميا بحلول عام 2050، انخفاضاً من المستوى الحالي البالغ 144 لترا.

ولفتت إلى أنها، تسعى أيضاً إلى خفض نسبة التسرب المائي بنحو 50 في المائة من البنية التحتية لشركة المياه، و15 في المائة لاستخدام المياه غير المنزلية.

المساهمون