"دخلات" البكالوريا الرياضية في تونس مع المقاومة الفلسطينية

25 ابريل 2024
أبو عبيدة يتصدر واجهات لافتات "دخلة الباك سبور" في تونس (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- طلاب البكالوريا في تونس استغلوا "دخلة الباك سبور" للتعبير عن دعمهم لفلسطين، مستخدمين لوحات فنية وأعلام فلسطين في الملاعب وساحات المعاهد، مع تركيز خاص هذا العام على القضية الفلسطينية.
- الطلاب أعدوا لهذه الفعاليات بجمع الأموال والتعاون مع مصممين فنيين لإنجاز لوحات تمجد رموز المقاومة وتعبر عن رفضهم للحرب على غزة، مع تسليط الضوء على دماء شهداء غزة.
- الاحتفالات تعكس تأثير مجموعات الألتراس الكروية على الفضاء العام والسياسي في تونس، حيث تحولت شعاراتهم إلى مواقف سياسية تدعم العدالة الاجتماعية والقضايا الدولية مثل القضية الفلسطينية.

حوّل طلاب البكالوريا في تونس هذا العام اختبارات الرياضة التي تعرف باسم "دخلة الباك سبور" إلى مناسبة للتعبير عن دعمهم للقضية الفلسطينية ورفض الحرب على قطاع غزة، وجعلوا الملاعب وساحات المعاهد فضاءات لعرض لوحات عملاقة لرموز المقاومة، وحملوا أعلام فلسطين وتزّينوا بالكوفيات.
وكانت "دخلة الباك سبور" قد برزت على نطاق ضيّق في تونس بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، ثم تحوّلت إلى احتفالات واسعة تشمل غالبية المحافظات، وتترافق مع عرض طلاب المدارس لوحات فنية تعبر عن آرائهم في قضايا كثيرة تهمهم، أو تدور في فلك الأحداث التي تجري حولهم.
وفي العادة، يتنافس طلاب مرحلة الثانوية العامة في ابتكار مواضيع حماسية، مستغلين "الدخلات" والأغاني للتعبير عن مواقفهم في قضايا يؤمنون بها، لكن فلسطين طغت على غالبية مظاهرهم الاحتفالية هذا العام.

يقول الطالب في معهد ابن الهيثم الثانوي بمحافظة باجة (شمال غرب)، محمد غسان الجليفي، لـ"العربي الجديد": "شكلت دخلات اختبارات الرياضة فرصة مهمة للتعبير عن دعمنا القضية الفلسطينية والمقاومة، وشجب ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم في غزة".
يتابع: "اتفقنا منذ بداية تحضير الدخلة على أن تكون فلسطين هي بوصلتنا هذا العام، فتلاميذ فلسطين يحرمون من حقهم في العلم، وتُسفك دماؤهم بسبب الحرب الفظيعة على غزة . واستقرت الآراء على أن يتصدّر أبو عبيدة (الناطق باسم كتائب القسام التابعة لحركة حماس) واجهات اللافتات الضخمة باعتباره رمزاً للمقاومة التي ندعمها، ونحيّي صمودها ضد المحتل. كما تضمن تصميم اللافتات رسائل أخرى تصب في الخانة ذاتها، ومنها عن قيمة دماء شهداء غزة، وتاريخ انطلاق عمليات طوفان الأقصى".

رسالة مباشرة لدعم غزة (العربي الجديد)
رسالة مباشرة لدعم غزة (العربي الجديد)

ويؤكد الجليفي أن "المجتمع الطلابي يواصل دعم القضية الفلسطينية على غرار ما فعلته الأجيال السابقة، ويلتزم بإظهار أشكال مختلفة من المقاومة عبر الأعمال الفنية والحشد الجماهيري. وقد استغرق إعدادنا الدخلة أسابيع لجمع أموال من أجل شراء المعدات والأقمشة والطلاء، والاتصال بمصممين فنيين ومتابعة تفاصيل نماذج الأعمال معهم من أجل إنجاز لوحات عملاقة بمواصفات ذات جودة عالية".
يُضيف: "تعاونا مع مصمم محترف ينشط ضمن جماهير ألتراس الفرق الكروية بالعاصمة، وقد تولى تنفيذ نموذج الشعار الفني الخاص بنا، في حين شارك طلاب في أعمال الطلاء. وترافق رفع اللافتة الكبيرة في ساحة المعهد مع إطلاق تكبيرات وأهازيج تدعم القضية الفلسطينية، ما شكل لحظات فارقة بالنسبة لنا".
ويصنع التلاميذ سنوياً في "دخلات" اختبارات الرياضة لوحات مشاهد بشيفرات فنية وثقافية تعرض في ساحات المعاهد، وتترافق مع قرع طبول وإطلاق مفرقعات نارية.
ويعتبر الجليفي أنه محظوظ مع زملائه بأن تقترن سنة اجتيازهم امتحان البكالوريا بعام طوفان الأقصى "الحدث الفارق في تاريخ الأمة العربية".

طلاء لافتة "فلسطينية" ضخمة (العربي الجديد)
طلاء لافتة "فلسطينية" ضخمة (العربي الجديد)

وفيما يحرص تلاميذ المعاهد الثانوية على تحويل موعد اختبارات التربية البدنية إلى احتفال مثير للجدل يسهرون على تنفيذ تفاصيله عبر تصميم لوحات عملاقة تتضمن شعارات ورموزاً تعكس الواقع الاجتماعي والسياسي في بلدهم للفت الانتباه إليهم، يرى الباحث في علم الاجتماع، محمد الجويلي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "احتفالات اختبارات الرياضة السنوية في معاهد تونس والرسائل التي ترافقها هي امتداد للمشاهد التي تصنعها جماهير الألتراس في ملاعب كرة القدم، وتعكس محاولة المجتمع الطلابي إثبات وجوده من خلال تعابير تُعرض على هامش هذه المناسبة".
ويؤكد أن "اختيار مواضيع الدخلة يقترن غالباً بالسياق العام في البلاد، سواء تعلق الأمر بالأزمة الاجتماعية والاقتصادية أو مسألة الحريات، لكنها تغيّرت هذا العام لتشمل القضية الفلسطينية التي تحاول حركات الطلاب مساندتها خارج السياق التقليدي الخاص بدعم قضايا الأحزاب والمنظمات". يضيف: "يُحاكي طلاب الثانوية العامة مجموعات الألتراس التي خرجت من مربّع كرة القدم إلى مربع الفعل السياسي عبر الرسائل التي تبعثها إلى الأنظمة والحكام محلياً ودولياً".

ويعتبر الجويلي أن "مجموعات الدعم الكروية تنتج شعارات ومضامين وأغاني تكتسح الفضاء العام، وتتحول إلى مواقف سياسية تسجلها الجماهير ضد الأنظمة التي تعاديها. وباتت مجموعات الألتراس ضمن أبرز الفاعلين الاجتماعيين، وتستطيع شعاراتها التأثير في القرارات السياسية".
ويفسّر الحضور الكثيف للقضية الفلسطينية في تحركات وشعارات الطلاب هذا العام بمحاولتهم التأثير في المجتمعات من خلال مشاهد يصنعونها داخل المؤسسات التعليمية، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يجعل رسائلهم تصل إلى آلاف المتلقين في فترة زمنية قصيرة. وهم يحاولون أيضاً توجيه رسائل قوية تمر من مرحلة الدفاع عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية في بعدها المحلي إلى مناصرة قضايا دولية عادلة، على رأسها القضية الفلسطينية".

المساهمون