حملة لمنع زواج القاصرات في الرقة

07 ابريل 2021
"طفلة لا زوجة" في الرقة (العربي الجديد)
+ الخط -

تعتبر محافظة الرقة الواقعة شمال شرقي سورية من أكثر محافظات البلاد تعرّضاً لنتائج الحرب السورية. وخلال سنوات، عانى سكانها، إلى جانب القتل والإصابة والتشريد، من تبعات كثيرة للحرب، كان من بينها ظاهرة زواج القاصرات، التي غذّتها الحرب وساعدت على انتشارها الظروف الأمنية غير المستقرة،  خصوصاً خلال فترة حكم "داعش" والتي امتدت من العام 2013 حتى خروجه منها عام 2017، لتتحول حياة النساء فيها إلى جحيم.


وفي محاولة لمواجهة ظاهرة زواج القاصرات، أطلقت منظمة "نساء للسلام" حملة توعوية، بهدف تسليط الضوء على الآثار القريبة والبعيدة لتلك الظاهرة. وتهدف الحملة، بحسب مسؤول التواصل والعلاقات في منظمة "نساء للسلام" صالح محمد، إلى التوعية بمخاطر زواج القاصرات. وقد نظّمت فعالياتها تحت عنوان "طفلة لا زوجة" و"لا لزواج القاصرات"، واستمرت شهرين، كما شاركت فيها 15 سيدة من نساء الرقة، تم تدريبهن على حملات الحشد والمناصرة وجمع البيانات وتحليلها، وبناء التحالفات والحوار، قبل أن يبدأن بتلك الفعاليات التي استهدفت النساء في المنازل والشوارع والأماكن العامة.
يضيف محمد لـ"العربي الجديد" أن المتطوعات عقدن عشرات الجلسات مع نساء من مدينة الرقة منذ مطلع فبراير/ شباط الماضي، كان هدفها تسليط الضوء على تبعات تزويج القاصرات، وطرحن خلال تلك اللقاءات حلولاً وتوصيات، ووزعن بعد كل جلسة مناشير توعوية. كما نشرت المنظمة إعلانات توعية على الطرقات توزّعت في معظم شوارع المدينة، وتمّ إنتاج تسجيل مصور يحذّر من هذه الظاهرة ومخاطرها، ليوزّع على المؤسسات العاملة في المدينة، كي يصل إلى أكبر نسبة من السكان.

صور حملة طفلة لا زوجة 1 (العربي الجديد)
مناشير توعوية في شوارع الرقة (العربي الجديد)

بدورها، تقول المتطوعة في الحملة علياء الجمعة لـ"العربي الجديد": "أجرينا استبياناً استهدفنا فيه 50 سيدة متزوجة، وتبيّن أن 75 في المائة منهن تزوجن تحت سن الـ18، وفي نهاية النشاطات، خرجنا بورقة بحثية ستعمم على السلطات المحلية في المحافظة". وأشارت إلى أنّ "الاستجابة كانت جيدة من قبل الأهالي، وتركت أثراً جيداً لديهم، تمّت ملاحظته من خلال التفاعل مع نشاطات الحملة وفعالياتها"، كما أكّدت أن المنظمة ستستمر بمتابعة تلك النشاطات بهدف إحداث تغيير في مجتمع الرقة، الذي خرج حديثاً من الحرب.من جهته، يقول المستشار الحقوقي في الحملة هيثم الغرسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ظاهرة زواج القاصرات ليست جديدة على المجتمع السوري، لكنّ الحرب زادتها، بخاصة في محافظة الرقة، ولأسباب عديدة، منها غياب السلطات وعدم وجود قوانين تجرّم هذا الفعل، خصوصاً مع توقّف الفتيات عن ارتياد المدارس. وفي مثل هذه الحالات، يعود الأهالي للتمسّك بالعادات والتقاليد، كتزويج القاصرات والثأر والتفلّت من القانون، أكثر من أي شيء آخر، وهذا ما دفع المنظمة لإطلاق الحملة"، على حد قوله.

وأكد الغرسي أنّ فقدان بعض العائلات للمعيل دفعها لتزويج بناتها، كذلك انعدام الأمن ساهم في تفشّي هذه الظاهرة بشكل كبير، مشيراً إلى أنّهم في إحدى الجولات قابلوا 24 امرأة، 19 منهن تزوجن تحت سنة الـ18، ومن بينهن 14 رزقن بأطفال قبل بلوغ الـ18 من عمرهن "وكأننا أمام طفلة تربي طفلاً".
وبحسب الغرسي، فإنّ ثلاث فتيات من أصل الـ24 تطلقن وعدن إلى بيوت أهاليهن، لافتاً في سياق حديثه، إلى أنّ هناك آثاراً تتم ملاحظتها في المجتمع لاحقاً بسبب هذه الزيجات، منها وفاة الأم أو الجنين أثناء الولادة بسبب عدم اكتمال نمو الأم جسدياً، والأمراض المتعددة التي تصيبها أثناء الحمل، والاكتئاب النفسي بعد الولادة، والتشوهات التي تصيب الأطفال، كذلك وجود أولاد غير أصحاء نفسياً في المجتمعات التي تنتشر فيها ظاهرة زواج القاصرات.

 

المساهمون