حملات إغاثية لإسناد جنين وطولكرم في ظل تقصير الجهات الرسمية والأداء الارتجالي للحكومة
استمع إلى الملخص
- **حملة "كن سنداً لشعبك" التطوعية**: حملة تطوعية لمواجهة الأزمة الإنسانية في شمال الضفة الغربية، تركز على جمع التبرعات لتأمين الأدوية، حليب الأطفال، والمواد الغذائية، وتدعو الحكومة الفلسطينية للتحرك الفوري.
- **الوضع الإنساني في مخيم جنين**: الوضع في مخيم جنين كارثي، حيث تعاني العائلات من الحصار والعيش في العراء، وسط انتقادات لغياب رؤية حكومية واضحة وخطط طوارئ ارتجالية.
لم تكن قافلة المساعدات التي خرجت من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، مساء أمس الأربعاء، صوب مدينة جنين مُحمّلة بمواد إغاثية وغذائية، سوى جزء من عدة حملات على مستوى الضفة، في ظل ما تتعرض له المدينتان من عدوان إسرائيلي، شارف على دخول أسبوعه الثاني.
وضمّت القافلة خمس شاحنات مُحمّلة بالمساعدات الإنسانية والطارئة، بعد تشكيل اللجنة الوطنية لإسناد جنين وطولكرم برئاسة محافظ نابلس غسان دغلس، وعضوية كافة المؤسسات الحكومية والأهلية والقطاع الخاص.
ويقول غسان دغلس لـ"العربي الجديد": "إن المساعدات كانت تتم بشكل فردي، ولكن اللجنة الوطنية وحّدت الجهود، حيث تواصلنا مع أهلنا في جنين وطولكرم للإعراب عن وقوفنا الكامل معهم، فنحن شعب واحد،، ولمعرفة أبرز الاحتياجات اللازمة، وبالفعل تم جمع أطنان من المواد الغذائية والأدوية والمستهلكات الطبية، وشحنها إلى جنين، وستكون هناك قافلة ثانية إلى طولكرم في أسرع وقت".
ويبيّن دغلس أن عمل اللجنة سيتوسع لتقديم كل ما يلزم بهدف إعادة إعمار ما خلفته آلة الحرب الإسرائيلية من دمار وخراب طاول البنية التحتية وكل مقومات الحياة، حيث سيتم التنسيق لإرسال آليات ثقيلة ومعدات لتأهيل الشوارع وشبكات المياه والكهرباء، وهذا يتم بإشراف بلدية نابلس والهيئات المحلية على مستوى المحافظة.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى أعلن، خلال جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية أول أمس الثلاثاء، أن كل المؤسسات والفرق الفنية للحكومة والمؤسسات الوطنية الأخرى، تعمل بما تسمح به الظروف الأمنية على إعادة تأهيل وتشغيل البنى التحتية التي دمرها جيش الاحتلال، بما فيها من طرق وشبكات مياه وصرف صحي وكهرباء، إلى جانب توريد المواد اللازمة لإصلاحها بالسرعة الممكنة بالتزامن مع إيواء العائلات التي تضررت منازلها أو أجبرها الاحتلال على إخلائها.
حملة "كن سنداً لشعبك"
أما على الصعيد الشعبي، فقد برزت حملة "كن سنداً لشعبك" التطوعية لمواجهة الأزمة الإنسانية في شمال الضفة الغربية، إذ عملت منذ اليوم الأول للعدوان على شمال الضفة لتأمين احتياجات المواطنين هناك، والتواصل مع الذين نزحوا من بيوتهم وتوفير المقومات الأساسية، وخاصة حليب وحفاضات الأطفال والأدوية للمرضى.
تقول منسقة الحملة سناء شبيطة لـ"العربي الجديد": "إن الحملة انطلقت عقب اندلاع الحرب المستمرة على قطاع غزة، حيث تداعت عدة مؤسسات لإطلاق الحملة التطوعية (كن سنداً لشعبك)، بمشاركة مؤسسات من جنين، طولكرم، نابلس، وطوباس، بالإضافة إلى عشرات المتطوعين الذين تلقوا تدريبات ميدانية لتحديد احتياجات الناس في المناطق المتضررة".
وتضيف شبيطة: "جرى تجديد الحملة بالتزامن مع العدوان الأخير على شمال الضفة، وركزنا عملنا على تقديم الدعم الإغاثي والطبي لسكان المناطق المهمشين من الخدمات، حيث جرى جمع التبرعات لتأمين احتياجات عاجلة مثل الأدوية، حليب الأطفال، والمواد الغذائية".
وبالتزامن مع النزوح القسري لبعض أهالي مخيم جنين ومخيمي نور شمس وطولكرم إلى القرى المحيطة، تمكن القائمون على الحملة من الوصول إليهم وتقديم يد العون لهم.
وتؤكد شبيطة أن "الأداء الرسمي الفلسطيني لم يكن بالمستوى المطلوب، وهناك تقصير واضح في سد الثغرات الناتجة عن هذا العدوان، ما دفعنا لمحاولة سدها، رغم العقبات الكبيرة التي تواجهنا، لذلك خاطبنا الحكومة الفلسطينية بضرورة التحرك الفوري وتخصيص الموارد اللازمة لإغاثة سكان محافظات الشمال ومخيمات اللاجئين فيها، وتقديم الدعم الطبي والإغاثي اللازم وتوفير الحماية لهم، كما طالبناها بتعزيز التنسيق مع المؤسسات الدولية والأهلية لضمان وصول المساعدات الإنسانية بأسرع وقت ممكن، وفق معايير توزيع وتعويض عادلة وشفافة ونزيهة ومعلنة تحفظ حق وكرامة كل المتضررين".
مخيم جنين.. جحيم الاحتلال
المتطوعة في جمعية مدرسة الأمهات في مدينة نابلس نائلة الشولي استطاعت الوصول إلى مخيم جنين والحي الشرقي من المدينة، حيث صدمت من هول ما رأته. تقول لـ"العربي الجديد": "بالفعل جنين عبارة عن نسخة مصغرة من غزة جراء جحيم الاحتلال الذي تعيشه. ما كنت أراه عبر شاشات التلفزيون عن الدمار الذي لحق بالقطاع، عاينته بأم عيني في الحي الشرقي الذي سوته الجرافات الإسرائيلية بالأرض".
وتلفت الشولي إلى أن هناك عددا كبيراً جدا من العائلات التي ما تزال محاصرة في جنين وطولكرم، ولم يستطع أحد الوصول إليها، في حين هناك أعداد أخرى من العائلات التي خرجت من المنطقتين وباتت ليالي عدة في العراء أو في المساجد والمدارس، مؤكدة أن "هناك غيابا واضحا لخطط احتواء السكان الذين أجبرهم الاحتلال على مغادرة منازلهم".
من جهته، يؤكد المدير التنفيذي لمركز بيسان للبحوث والإنماء أُبي العابودي، في تصريحات صحافية، أن هناك غيابا للرؤية الواضحة لدى الحكومة لكيفية مواجهة إجراءات الاحتلال، واصفا العمل من خلال خطط الطوارئ بأنه "لا يزال ارتجاليًا"، وتغيب عنه الخطط الواقعية والعلمية.
ويشدد العابودي على أن حالة الطوارئ كانت ارتجالية في أزمة فيروس كورونا، ويتكرر السيناريو مرةً أخرى بعدوان الاحتلال على مخيمات ومحافظات شمال الضفة الغربية، وارتكاب جرائم الحرب بغزة، مشيرًا إلى أن تلك الخطط تعتمد في كثير من الأحيان على الاجتهاد الشخصي، أكثر من المقاربة المتكاملة.