قوبل القرار الصادر عن المحكمة الإدارية الفلسطينية، الليلة الماضية، بشأن إيقاف إضراب حراك المعلمين الفلسطينيين باستياء وانتقاد قانوني، معتبرين أن القرار غير قانوني وينتهك إجراءات التقاضي، وأنه جاء لتمرير سياسات السلطة التنفيذية.
وقال رئيس مرصد حقوق الإنسان في نقابة المحامين الفلسطينيي، محمد الهريني لـ"العربي الجديد": "إن القرار صدر بمعزل عن حضور المعلمين، وهو مخالف للقانون والأصول الإجرائية والأصول المتبعة، دون إتاحة الفرصة لحراك المعلمين للدفاع عن أنفسهم".
من جهته، قال المدير التنفيذي للهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون "استقلال" ماجد العاروري لـ"العربي الجديد": "إن قرار المحكمة شكل انحداراً خطيراً بمستوى التقاضي بغياب الضمانات الممكنة، حيث غاب أحد أطراف القضية، عدا عن النقاش بشأن القرار أنه ضمن اختصاص المحكمة أم لا؟"، فيما شدد العاروري على أن القضاء أثبت أنه يتصرف وفق إرادة السلطة التنفيذية وأصبح أداة لتمرير سياسات تلك السلطة.
وأصدر مرصد حقوق الإنسان في نقابة المحامين الفلسطينيين بياناً، اليوم، أكد فيه أن قرار المحكمة بشأن إضراب المعلمين، والطريقة التي صدر فيها، يفتقر إلى مقومات الحكم الأساسية وهي الخصومة ودون أن يُتاح للمعلمين حق الدفاع عن أنفسهم، وجاء في غفلة عنهم، ودون سماع دفاعهم، وفي غياب ضمانات المحاكمة العادلة، وهو ما يجعل الحكم وليد إجراءات باطلة لم تراع أصول التقاضي وبديهياته المتصلة بحق الدفاع اللصيق عن حقوق الإنسان.
وأكد المرصد أن قرار المحكمة الإدارية يفتقد لمقومات الدفاع ومبدأ المواجهة بين الخصوم، ما يجعل منه انتهاكاً خطيراً لحقوق الانسان، ومساساً غير مشروع بحق الإضراب باعتباره حقاً طبيعياً و دستورياً راسخاً في القانون الأساسي.
وحذر المرصد من الاستمرار بالتماهي في عمل المحكمة لخدمة السلطة التنفيذية، ومن استخدام القضاء للاعتداء على منظومة حقوق الإنسان بدل حماية الحقوق والحريات العامة، وقد بات ذلك نهجاً في أداء القضاء والإدارة القضائية.
وشدد المرصد على أن قرار وقف إضراب المعلمين جاء خلافاً للقواعد القانونية الناظمة لإجراءات التقاضي بشأن الحق في الإضراب الواردة في القرار بقانون رقم (11) لسنة 2017 ولا سيما المادة (6) منه وحق تبادل اللوائح قبل إصدار الحكم بما يؤكد انتهاك القانون الأساسي الفلسطيني المعدل (الدستور)، والاتفاقيات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي كفلت الحق الطبيعي والأساسي للمعلمين وغيرهم في الإضراب.
ورأى المرصد أن هذا القرار ليس جديداً في سجل حافل للقضاء الإداري بانتهاك الحق في الإضراب في زمن انهيار القضاء وسيادة القانون وفصل السلطات ومرتكزات الحكم الصالح واستشراء الفساد، فيما أكد المرصد أن الشعب الفلسطيني هو مصدر السلطات وصاحب السيادة ولا صوت يعلو فوق صوت الشعب.
بدورها، رأت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم)، أن قرار المحكمة الإدارية قد صدر تدقيقاً (في جلسة غير علنية) بمخالفة للحق في المحاكمة العادلة التي يكفلها القانون الأساسي المعدل والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين.
وقالت الهيئة: "إن المحاكمة غير العلنية تنتهك دائماً الحق في المحاكمة العادلة، وإن عدم تبليغ المدعى عليهم لائحة الدعوى ودعوتهم لسماع ردهم ونقاش دفاعهم، ينتهك أيضاً الحق الأساسي في الدفاع عن النفس. وإن وجود قانون يسمح بذلك، لا يضفي المشروعية على الإجراءات المخالفة للدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان".
وتابعت: "إننا في الهيئة المستقلة ومع عدم تسليمنا بدستورية ما جاء في القرار بقانون رقم (11) لسنة 2017 بشأن تنظيم ممارسة الحق في الإضراب في الوظيفة العمومية، إلا أننا نؤكد بأن المادة (6) من القرار بقانون المذكور، قد نظمت إجراءات النظر والبت في طلب وقف الإضراب المقدم من الحكومة أو أي جهة متضررة في حال مخالفة القانون، باشتراطها أن يتم البت في الطلب بعد دعوة الفريقين، وهو ما يعني -ومع الاحترام- أن قرار المحكمة الإدارية المذكور يخالف القانون ويتنكر لحق الدفاع ولضمانات المحاكمة العادلة".
ودعت الهيئة إلى حل أزمة الإضراب الحالية عن طريق الحوار، مطالبة الحكومة بعدم اللجوء أو اتخاذ إجراءات أحادية قد تزيد من تعقيد الأزمة.
يشار إلى أن المعلمين يخوضون إضرابًا واحتجاجات منذ أكثر من شهر للمطالبة بتنفيذ اتفاقية مبرمة منذ العام الماضي، تقضي بجملة من المطالب، منها تنفيذ علاوة طبيعة العمل ودمقرطة اتحاد المعلمين.