جريمة تهزّ إسطنبول التركية وخوف على السمعة والسياحة

31 يوليو 2023
تحرص الشرطة التركية على ضبط الأمن (هاكان آكغون/ Getty)
+ الخط -

انقشعت الغيوم السوداء عن سماء منطقة إسينيورت الواقعة في الشطر الأوروبي من مدينة إسطنبول، بعد يومين من التوتر والحضور الأمني الكثيف، إثر جريمة وصفت بالمروعة راح ضحيتها شابان، في وقت جُرِح ثالث. وأعلنت مديرية الأمن العام في إسطنبول انتهاء حملة أمنية موسعة نفذتها ليل أول من أمس في إسينيورت، شارك فيها أكثر من ألفي عنصر شرطة، بالإضافة إلى طائرة هليكوبتر و6 طائرات درون.
وبحسب المديرية، هدفت الحملة إلى حفظ الأمن والنظام العام في المنطقة، بعد الجريمة والتوعد بالقتل والثأر، من جراء خلاف مادي تطوّر إلى كتابة والد الضحيتين منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى الانتقام من ابنيه وهما داخل محل لبيع المنتجات الغذائية والمشروبات الكحولية.
وأسفرت الحملة التي وصفت بالأكبر من نوعها بعد التحري عن نحو 29 ألف شخص، عن اعتقال 86 متهماً، من بينهم 10 محكومين، وضبط 16 قطعة سلاح، و213 غراماً من المخدرات، فضلاً عن التحري عن أكثر من 4 آلاف مركبة، وتغريم 354 سائق مركبة، بسبب مخالفات، والحجز على 10 سيارات مخالفة.
وتقول مديرة مكتب شركة تجارية بساحة إسينيورت تدعى يارا، إن التوتر والكثافة الأمنية خلال اليومين الماضيين كانا الأشد منذ سنوات، نظراً لما يمكن أن يلي الجريمة التي وصفتها بالوحشية. وتشير إلى أن المشكلة بدأت بخلاف مالي على ديون تطوّر إلى نشر تهديدات على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يأتي ابنا الرجل المديون مالياً إلى محل أولاد المدين متسائلين عن سبب النشر، وطالبين لقاء الأب أو الحديث إليه.
وتضيف لـ "العربي الجديد" أن صاحب المحل وبعدما شعر بأن هناك تهجماً على محله وعليه، حاول إخافة المهاجمين بإطلاق النار من مسدسه، ليضربه المهاجمون بزجاجات على رأسه، قبل أن يشهر أحدهم مسدساً حربياً فيقتل اثنين في وقت لا تزال حال الثالث خطرة. وتلفت إلى أن هجوماً مسلحاً على المحل ذاته حصل قبل نحو شهرين، من دون أن يسفر عن وقوع إصابات، وجرت تسوية الخلاف وقتها. لكن الهجوم الأخير أسفر عن مقتل باتوهان بايندير (20 عاماً) ويونس إمري إرزن (24 عاماً) وإصابة يوسف إرزن (21 عاماً).

وبعد إلقاء القبض على أحد المهاجمين المدعو مراد أوزر، أظهر تصوير مسجل منتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، دخول أربعة شبان إلى محل لبيع المنتجات الغذائية والكحوليات كان داخله ثلاثة شبان. طلب مراد أوزر من صاحب المحل الاتصال بوالده الذي كتب ضد عائلة الأول على وسائل التواصل، فرد صاحب المحل: لماذا أتيتم هكذا؟ ولماذا تتوعدون؟ بعدها قال القاتل الذي كان يرتدي قميصاً أبيض إنّ أباك شارك شيئاً على وسائل التواصل، فرد صاحب المحل: أخبرني ماذا شارك وكتب، ليأتيه الرد: ألا تعرف؟ ثم تطور السجال إلى اشتباك وأجلس صاحب المحل على الكرسي، فأشهر الواقف وراء الخزنة مسدساً وأطلق النار على أقدام المهاجمين الذين ضربوه بقناني مشروبات كحولية على رأسه، قبل أن يتدخل القاتل فيطلق طلقات عدة من مسافة صفر على الشاب، ثم يلتفت ليعيد الكرة بطلقات أخرى على صديق صاحب المحل، فيردي اثنين ويصيب ثالثاً. 
ولاقت الجريمة ردود فعل تركية واسعة أدت إلى تدخل مديرية أمن إسطنبول، التي عمدت إلى اعتقال معظم المجرمين ومتعاطي المخدرات في المنطقة بحسب وصف الأهالي. والذين قالوا إن معظم المتورطين فروا، لأن الحملة الأمنية الكبيرة تأخرت نحو 26 ساعة.
ويرى الباحث التركي باكير أتاجان أن الجريمة "مخطط لها من حزب معارض" بهدف خلق البلبلة، وبعث رسالة رد على الحكومة التي قالت إنها نظفت إسطنبول من الجماعات المرتبطة بإرهابيي الخارج، معتبراً أن الخلاف المالي الذي حُكي عنه لا يستحق الهجوم والتحضير المسبق وحمل السلاح الذي انتهى بقتل ابن رجل الأعمال الذي جرى توعده مسبقاً في حال توسّع عمله في إسينيورت.

وحول أثر الجريمة على سمعة إسطنبول والسياحة، يقول مدير معهد إسطنبول للفكر أتاجان، إن التأثير محدود لأن إسينيورت بعيدة عن المركز وتجمع السياح، وتضم لاجئين ومقيمين عرباً. رأينا الحملة الأمنية الكبيرة قبل أن يجري استغلال المعارضة للحادثة، والتمدد إلى مناطق أخرى، والإيحاء بأن الحزب المعارض مسيطر على المنطقة والسيطرة الأمنية عليها محدودة.
وكثيراً ما تشهد مدينة إسطنبول حوادث قتل واعتداء. وشهد العام الماضي 324 حادثة قتل، فيما اعتقلت السلطات 793 شخصاً على صلة بهذه الحوادث. وفي عام 2021، وقعت 294 حادثة قتل في المدينة التي توصف بعاصمة تركيا الاقتصادية والسياحية.

المساهمون