جباية ضرائب مقابل "لا خدمات" في القامشلي السورية

22 مايو 2023
تطاول أزمة الخدمات كل المرافق في القامشلي (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

رفعت بلدية القامشلي، في الأول من مايو/ أيار، رسوم خدمات النظافة ومياه الشرب، من 2000 ليرة سورية (23 سنتاً) إلى 10000 ليرة (1.16 دولار)، رغم شكاوى السكان من تكرر انقطاع المياه، من قلة النظافة وانتشار الأوساخ في الساحات العامة والحدائق والشوارع التي تشهد أيضاً نبش حاويات القمامة. والسكان مجبرون على دفع رسوم النظافة والمياه لبلدية النظام السوري التي تتجاهل بدورها مطالبهم بتوفير الخدمات
في حي حلكو بالقامشلي التي تقع شمال شرقي محافظة الحسكة قرب الحدود مع تركيا، يقول فواز العيسى لـ"العربي الجديد": "دفع الرسوم والضرائب قضية طبيعية في كل دول العالم، لكن السلطات تفعل ذلك مقابل تقديم خدمات للمواطنين تشمل البنى التحتية أو المرافق الترفيهية، من خلال تأمين المياه والكهرباء والاتصالات وشق الطرقات وبناء المدارس والمراكز الصحية والترفيهية والملاعب الرياضية والملاهي المخصصة لألعاب الأطفال".
يضيف: "تتراجع نوعية الخدمات التي نحصل عليها في القامشلي، وإذا تعطّل شيء أو تعرّض لتخريب لا يمكن إصلاحه أو استبداله بجديد، وكل الطرقات وعرة ومليئة بحفر وخنادق، ومنشآت الصرف الصحي في أسوأ حالة، والكهرباء تكاد تصبح حلماً للمواطنين، لذا مهما بلغت قيمة الرسوم تبقى مرتفعة لأنه يجرى تحصيلها من دون تقديم مقابل".
واعتقد سكان القامشلي في البداية أن المولدات الكهربائية حل مؤقت، لذا غضوا النظر عن كثير من السلبيات المرتبطة باستخدامها، وبينها أن غالبيتها قديمة وتتعرض لأعطال كثيرة في موسم الصيف، وأنها كانت تزودهم بالكهرباء نحو 8 ساعات يومياً فقط. ثم استغلّ أصحاب هذه المولدات الوضع، وتعمّدوا تأخير إصلاحها، ولم يعوّضوا المتضررين.
وتتعمّد حكومة النظام السوري تهميش القامشلي بعد انتفاضة أبناء المدينة الأكراد في عام 2004، ثم اندلاع الثورة ضد النظام في عام 2011، لكن السكّان أملوا أن يتحسّن مستوى الخدمات مع سيطرة الإدارة الذاتية على المدينة، لكن شيئاً لم يتغير، وزادت الخدمات سوءاً رغم المطالب والشكاوى الدائمة. وهم يعتقدون بأن الإدارة الذاتية تملك القدرة على إطلاق مشاريع خدماتية تساهم في نهوض المدينة ومدن أخرى تخضع لسيطرتها، بالاعتماد على الموارد المتوفرة لها، ودعم التحالف الدولي، لكن هذه الإدارة تهمل الخدمات في مناطق سيطرتها.

وتقول نورا موسى، وهي أم لـ6 أولاد تعيش في حي السياحي بالقامشلي، لـ"العربي الجديد": "يسهل تحصيل الضرائب والرسوم، واعتدنا كل يوم على تلقي خبر يتعلق بضريبة جديدة أو رفع سعر مادة معينة، لكننا لم نشهد منذ عقد بناء مشروع خدماتي أو غير خدماتي واحد، أو افتتاح مدرسة جديدة، أو مؤسسة أو مستشفى يقدم خدمات للناس، أو تأهيل شارع".
وتحتج موسى على فرض ضرائب مرتفعة مقارنة بدخل الفرد في المدينة، وأيضا بالخدمات السيئة التي يحصل عليها المواطنون، "فالمياه والكهرباء غير متوفرتين، والصرف الصحي يغمر الشوارع خلال فصل الشتاء، ومشكلة القمامة بلا حل".
ويقول عضو المكتب التنفيذي في بلدية القامشلي التابعة للإدارة الذاتية، أمين جدوع، لـ"العربي الجديد": "بالنسبة إلى النظافة تتولى آليات تخرج في الصباح الباكر وتعمل 12 ساعة هذه المهمة التي تتواصل في الليل أيضاً. ووزعنا حاويات قمامة على كل مناطق القامشلي. ونطالب الشعب بالتعاون معنا للحفاظ على بيئة نظيفة ذات مظهر حضاري. نملك 40 آلية و15 سيارة و20 جراراً تغطي كل مناطق القامشلي، وتتولى تنظيف الأسواق يومياً، مثل سوق حطين، ونوظف 50 شخصاً في تنظيف الشوارع، لذا نتحمل تكاليف كبيرة تشمل أجور العمال وتجهيز وتشغيل وصيانة الآليات".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وفيما يتقاضى من يجبون ضرائب البلدية رسوم نقل القمامة وبدل استهلاك مياه الشرب معاً بالقيمة نفسها من كل المنازل، يعتبر عثمان العلي الذي يسكن في القامشلي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الإدارة الذاتية تعمل لتحصيل ضرائب فقط، حتى إنها تمنن المواطن بتنفس الهواء، في حين يعيشون وسط حفر الشوارع والتلوّث والضجيج الذي تصدره المولدات، والفوضى المرورية وغياب الأرصفة. وإذا وفرت البلدية خدمات فتحصل باستخدام أدوات قديمة تعود إلى ما قبل الثورة، ولا يتم إصلاحها إلا لاستخدامها في حالات طارئة، أما النظام فيمتنع عن تزويد المنطقة بالكهرباء التي يتكفل بها المواطن من خلال حلول فردية ومكلفة".
وتضم مدينة القامشلي 21 حيّاً يعود تأسيسها إلى فترة الانتداب الفرنسي عام 1925، ويعيش فيها خليط من العرب والأكراد والسريان والأرمن الذين يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم.

المساهمون