تونس: 31 ألف طفل من فاقدي السند ينتظرون إيواءهم في دور رعاية

23 مارس 2023
أطفال في إحدى قرى الأطفال "إس أو إس" بتونس (إس أو إس)
+ الخط -

ينتظر نحو 31 ألف طفل تونسي من فاقدي السند والمعرّضين للخطر دورهم للالتحاق بقرى الأطفال "إس أو إس" فيما تُلقي الأزمة المالية بظلالها على مؤسسات رعاية هؤلاء الصغار الذين يواجهون مصيراً مجهولاً في صورة عجز الدولة عن التكفّل بهؤلاء المهمَلين.

وقد دقّت الجمعية التونسية لقرى الأطفال "إس أو إس" ناقوس الخطر أخيراً، داعية المجتمع المدني إلى مساعدتها في توفير اعتمادات عاجلة لا تقلّ عن ستّة ملايين دينار تونسي (نحو مليون و900 ألف دولار أميركي) لمعاضدة جهودها في إنقاذ الطفولة المهدّدة.

وتُشرف "إس أو إس" في تونس على أربع دور رعاية لأطفال من فاقدي السند، يقيم فيها 276 طفلاً بصورة دائمة، في حين تُسدي الجمعية خدمات تعهّد وإعاشة لـ 1960 طفلاً في داخل أسرهم، وفقاً لبيانات رسمية لوزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ.

وأفاد رئيس الجمعية محمد مقديش بأنّ قرى الأطفال "إس أو إس" في حاجة إلى دعم مادي عاجل حتى تتمكّن من الاستمرار في خدمة الأطفال فاقدي السند. أضاف مقديش في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات) أنّ "هذه الموارد ضرورية حتى تكون الجمعية قادرة على تنفيذ مشاريعها، بخاصة مشروع إعادة بناء قرية سليانة المهدّدة بالسقوط"، مبيّناً أنّ "الجمعية تؤدّي مهمة إنسانية وتحاول إيواء والتكفل بأكثر عدد ممكن من الأطفال بميزانية قُدّرت بـ13 مليون دينار (نحو أربعة ملايين و150 ألف دولار) بالنسبة إلى سنة 2023".

وتُعَدّ مؤسسة "إس أو إس" واحدة من بين أهم دور رعاية الأطفال فاقدي السند في تونس، ويعود نشاطها إلى نحو 40 عاماً في البلاد، علماً أنّها كانت قد أُسّست في النمسا في عام 1949 قبل أن تنتشر في كلّ أنحاء العالم. ومحلياً، تواجه منذ سنوات وضعاً مالياً صعباً يؤثّر على نوعية الخدمات المقدّمة لفائدة الأطفال وقدرتها على توسيع طاقة الإيواء.

في هذا السياق، يقول رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل معز الشريف لـ"العربي الجديد" إنّ "قرع إس أو أس ناقوس الخطر يعكس وضع الطفولة المهدّدة في تونس". يضيف الشريف أنّ "عدد الأطفال المحتاجين إلى إيواء في مؤسسات الرعاية يفوق بكثير عدد المسجّلين على لوائح الانتظار المصرّح بها من قبل جمعية قرى إس أو إس في تونس".

ويتابع الشريف أنّ "شبكة أمان للطفولة التي تُعنى بشؤون الأطفال الرضّع وحتى ثلاثة أعوام، تواجه بدورها وضعاً مالياً صعباً"، مشيراً إلى أنّ "نقص التعهّد بالرضّع ينعكس سلباً على صحتهم وينتج أمراضاً وصعوبات تعلّم وصعوبات اندماج في مرحلة لاحقة".

ويوضح الشريف أنّ "طفلاً واحداً من بين كلّ أربعة في تونس يعاني من الفقر بحسب الأرقام الرسمية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ومعهد الإحصاء الحكومي، الأمر الذي يضع 25 في المائة من أطفال تونس في وضع هشاشة يعرّضهم لمختلف أنواع الاستغلال".

ويصنّف الشريف أطفال تونس بـ"الفئة الصامتة" المغيّبة عن استراتيجيات الدولة، ويرى أنّ "السلطات الرسمية تخلّت عن دورها في رعاية فاقدي السند، وذلك في مخالفة واضحة لنصّ الدستور الذي يحمّل الدولة مسؤولية رعاية من لا سند لهم".

ويطالب الشريف "المؤسسات الاقتصادية بتحمّل مسؤولياتها في إطار المسؤولية الاجتماعية، وتخصيص تبرّعات لفائدة دور رعاية الأطفال فاقدي السند بهدف تحسين ظروف التكفّل بهم وتوسيع طاقة استيعابها". ويبيّن أنّ "المنح التي تقدّمها الدولة لفائدة الجمعيات الراعية للأطفال فاقدي السند لا تتعدّى نسبتها 30 في المائة من الاحتياجات السنوية".

تجدر الإشارة إلى أنّه في فبراير/ شباط الماضي، وقّعت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ مع الجمعية التونسية لقرى الأطفال "إس أو إس" اتفاقية سوف يُصار بمقتضاها توفير اعتمادات بقيمة 7.5 ملايين دينار (نحو مليونَين و400 ألف دولار) لفائدة الجمعية من أجل تحسين ظروف إعاشة الأطفال وتحسين مردودهم الدراسي. كذلك فرضت الوزارة متابعة دورية للوضع الدراسي للأطفال من فاقدي السند بناءً على تقرير يُعَدّ كلّ ثلاثة أشهر حول النتائج الدراسية للأطفال المقيمين في دور الرعاية، خصوصاً أنّ نسب النجاح في المرحلة الإعدادية والثانوية متواضعة جداً بين أطفال قرى "إس أو إس".

المساهمون