تونس: 1021 ضحية للهجرة السرية في البحر الأبيض المتوسط

12 اغسطس 2021
جثث مهاجرين سريين على الساحل التونسي (حسام الزواري/ فرانس برس)
+ الخط -

حذّر منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، اليوم الخميس، من تحوّل موجات الهجرة السرية إلى العنوان الأوّل للأزمة الاجتماعية في تونس في السنوات المقبلة، على الرغم من كل إجراءات المراقبة والمنع. وكشف التقرير الشهري للمنتدى حول الهجرة أنّ عدد المهاجرين التونسيين الواصلين إلى السواحل الإيطالية منذ بداية عام 2021، بلغ 6869 مهاجراً من جملة 28 ألفاً و870 مهاجراً، أي ما نسبته 24 في المائة من جملة الواصلين إلى إيطاليا.

ورجّح المنتدى أن تتواصل وتيرة تدفّقات المهاجرين في قوارب الرحلات غير النظامية، مسجّلاً تجاوز عدد ضحايا هذه الرحلات 1021 ضحية في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية عام 2021 وحتى نهاية يوليو/ تموز الماضي، من بينهم 371 ضحية طفت جثثهم على السواحل التونسية، بحسب بيانات متقاطعة لمصالح أمنية ومنظمات تهتمّ بشؤون المهاجرين.

وفسّر المنتدى تصاعد عدد الضحايا الذي وصفه بـ"المرعب"، بغياب أيّ تحرّك رسمي لإنقاذ الأرواح إلى جانب تزايد الرحلات المنطلقة من  الشواطئ اللیبیة والتي تنتهي حطاماً أو جثثاً طافية على السواحل التونسية. وتبيّن الأرقام المسجلة حول الهجرة السرية لشهر يوليو/ تموز الماضي تقارباً مع الأرقام المسجّلة في الفترة نفسها من عام 2020، إذ وصل 3907 مهاجرين إلى السواحل الإيطالية في خلال يوليو 2022، من بينهم 428 قاصراً غير مصحوبين، في مقابل وصول 4145 مهاجراً في يوليو 2020.

ويؤكد المتحدث الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر أنّ "تونس سوف تواصل تحمّل جزء كبير من العبء الإنساني للهجرة غير النظامية، في ظلّ لامبالاة دول الاتحاد الأوروبي ورفضها المساهمة في الإنقاذ وتضييقها على عمل المنظمات الإنسانية التي تحاول مساعدة هذا الصنف من المهاجرين". ويشير بن عمر بحديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "المنتدى حذّر في كلّ تقاريره السابقة من عواقب الاحتقان الاجتماعي ومن تضخّم الملف الاجتماعي، من دون أن تملك الحكومات أيّ حلول لهذه الأزمة المستمرة".

ويرى بن عمر أنّ "السلطة السياسية ساهمت بنسب متفاوتة في خلال العقد الأخير، في تعميق العوامل الدافعة إلى الهجرة من فقر وإقصاء وتهميش وتكريس للإفلات من العقاب، ما يزيد من فرار آلاف من ضحايا هذه السياسات نحو البحر في رحلات هجرة قد تنتهي بهم جثثاً ملقاة على السواحل".

في سياق متصل، لقيت عائلة مهاجرة من أفريقيا جنوب الصحراء، تتكوّن من امرأتَين وأربعة أطفال، حتفها بسبب العطش في صحراء توزر في جنوب تونس. وبحسب جهات مطلعة، فقد عثرت دورية أمنية في صحراء معتمدية حزوة الحدودية في ولاية توزر، مساء أمس الأربعاء، على ستّ جثث تعود إلى أفراد عائلة من أصول أفريقية هلكوا من جرّاء ارتفاع الحرارة والعطش والتعب الشديد. يُذكر أنّهم توغّلوا مسافة كيلومترَين في التراب التونسي، في محاولة منهم لدخول تونس بطريقة سرية. وقد نُقلت الجثث إلى غرفة الموتى في مدينة نفطة في ولاية توزر، في انتظار استكمال التحقيقات ومنح الإذن بدفنها.

وفي هذا الإطار، يوضح بن عمر لـ"العربي الجديد" أنّ "المعطيات التي نملكها تشير إلى أنّ "أفراد هذه العائلة قطعوا آلاف الكيلومترات مروراً بالصحراء الجزائرية ثمّ التونسية، وحلمهم الهجرة وربّما الوصول لاحقاً إلى الأراضي الإيطالية"، مشيراً إلى أنّ "لا معطيات متوفّرة حالياً عن هويّة هؤلاء المهاجرين ومن أيّ بلد أفريقي قدموا".

ويلفت بن عمر إلى أنّ "طريقة الهجرة نفسها تتكرر منذ أعوام عدّة، فالمهاجرون يسلكون الصحراء ويحاولون التوغّل إمّا في داخل التراب التونسي أو الجزائري، على الرغم من المراقبة الأمنية المكثفة على الحدود الجزائرية التونسية وتعرّضهم إلى عمليات توقيف واحتجاز في مراكز إيواء (خاصة بالمهاجرين السريين). لذلك هم يمرون عبر مسالك الصحراء". يضيف بن عمر أنّه "في ظل الصعوبة التي تمثّلها الصحراء واشتداد درجات الحرارة وربّما عدم معرفة الطريق، توفّي أفراد هذه العائلة عطشاً"، مشدداً على أنّ "هذه المأساة هي نتاج سياسات الهجرة الفاشلة". ويؤكد أنّ "مآسي إنسانية عديدة تحصل في الصحراء، ونجهل بعضها ربّما".

تجدر الإشارة إلى أنّ تونس تشهد موجة حرّ شديدة سجّلت درجات حرارة قياسية في مناطق مختلفة في البلاد، منها الجنوب التونسي حيث وصلت إلى 48.5 درجة مئوية، في الأيام الأخيرة، بحسب المعهد الوطني للرصد الجوي. وفي هذا الإطار، نصحت وزارة الصحة المواطنين بتجنّب الخروج في الأوقات التي تبلغ فيها درجات الحرارة ذروتها، داعية إيّاهم إلى شرب السوائل بانتظام.

 
المساهمون