تتواصل فرح معيطي منذ أكثر من 4 أشهر مع طبيبة بيطرية تراقب صحة قططها الأربع لتوفير جرعات التطعيم اللازمة لحمايتها من مخاطر الأمراض. وتخبر "العربي الجديد" أن مساعيها لتلقيح قططها باءت بالفشل رغم الجهود التي بذلتها بسبب اختفاء التطعيم الخاص بالحيوانات الأليفة من الصيدليات، ما دفعها إلى حبس حيواناتها داخل البيت ومنعها من الخروج خوفاً من انتقال عدوى إليها من قطط الحي. وتشير إلى أن الطبيبة البيطرية أبلغتها أن أزمة دواء الحيوانات مستمرة، ما يحرم هذه الكائنات من العلاج لإنقاذ حياتها من أمراض خطرة قد تصيبها وتدفع أصحابها إلى طلب الموت الرحيم لها كي تجنبها الآلام. ولا تخفي فرح خوفها على قططها التي تشاركها تفاصيل حياتها اليومية من الأمراض، ومن حرمانها يوماً من الحياة بسبب نقص الدواء، أو عدم تحصينها من الأمراض باستخدام اللقاحات اللازمة.
وفيما تطاول أزمة نقص الأدوية في تونس الحيوانات بعد اختفاء أصناف من الأدوية الخاصة بها واللقاحات البيطرية من الصيدليات، ما يعرضها إلى مخاطر الأمراض، يشكو مربوها من استمرار الأزمة منذ أكثر من ستة أشهر، وتوسع قائمة الأدوية المفقودة التي تشمل المضادات الحيوية والفيتامينات واللقاحات بمختلف أنواعها، من شهر إلى آخر.
وكانت السوق التونسية دخلت في دوامة نقص الدواء نتيجة الصعوبات المالية التي تواجهها الصيدلية المركزية، المورّد الحصري للدواء في البلاد، ما جعل التونسيين وحيواناتهم يواجهون مشاكل فقدان نحو 500 صنف من العقاقير، أو قلة توزيعها.
يقول رئيس نقابة مربي المواشي وهيب الكعبي لـ"العربي الجديد" إن "مربي الأغنام والأبقار في بحث دائم عن الأدوية والأمصال اللازمة لقطعانهم في ظل النقص الكبير الذي يشمل أساساً المضادات الحيوية ومضادات الأكسدة، ولقاحات اللسان الأزرق، وأصناف فيتامينات". ويؤكد أن "أزمة الأدوية البيطرية مستمرة منذ أكثر من ستة أشهر، ما يؤثر سلباً على سلامة المواشي ومردود إنتاج الألبان واللحوم، ويتسبب في وفيات كبيرة في صفوفها". يضيف أن "نقص الدواء في السوق يمنع المربين من مواكبة مواسم التلقيح التي تستهدف أمراضاً خطرة تصيب الماشية، مثل اللسان الأزرق. والمشكلة مردها إلى الصعوبات التي تعاني منها الصيدلية المركزية التي لم تطلب الكميات اللازمة للأدوية المخصصة للحيوانات في التوقيت الصحيح، علماً أن سلامة المواشي تهدد أيضاً صحة التونسيين الذين قد تنتقل أمراض تصيب المواشي إليهم عبر منتجات الألبان واللحوم التي تباع في بعض الأسواق بطريقة غير مراقبة. ونحن نحذر من خطورة تواصل أزمة فقدان الدواء البيطري على منظومات الإنتاج".
وتواجه الصيدلية المركزية التي تتولى حصراً مهمة استيراد الدواء في تونس، صعوبات مالية ومشاكل في تسديد مستحقات الشركات العالمية التي باتت أكثر تشدداً في طلب ضمانات الدفع نقداً مقابل مواصلة تزويد تونس طلبات الدواء. وتعاني الصيدلية المركزية من مشكلة الافتقار إلى السيولة منذ أكثر من 5 سنوات، ما أثرّ على قدرتها على تلبية متطلبات مزوّديها الأجانب، وجعل بعضهم يخفّضون الكميات المخصصة لها، ويضعون شروطاً مشددة على عمليات الشراء والنقل.
ومن أجل إنقاذ الحيوانات من تداعيات أزمة الأدوية البيطرية، يبحث الأطباء عن بدائل للعقاقير غير المتوفرة في السوق لمعالجة الحيوانات الأليفة بأخرى مخصصة للإنسان، وهو ما يؤكده مدير المجمع التونسي للتقنيات البيطرية محمد نجيب بو سلامة الذي يطالب بتغيير القانون الذي ينظم عمل الصيدلية البيطرية باعتباره "يعود إلى عام 1978، وبات لا يتماشى مع الصعوبات التي تواجهها السوق". ويفترض بأي دواء مخصص للاستعمال البيطري في السوق، حصوله على ترخيص مسبق من وزارة الصحة، وتأشيرة تسويق تسلم بطلب من المنتج أو المستورد. وتمنح التأشيرة أو ترفض بقرار من وزارة الصحة بناء على الرأي المطابق لهيئة مؤهلة لهذا الغرض تحدد بموجب أمر، وذلك بعد قيامها بالتثبت من توفر كل الشروط المتعلقة بمواصفات الجودة للمادة المعنية. وفي حال سحب ترخيص الاستعمال، تصبح تأشيرة التسويق عديمة المفعول، علماً أن منح تأشيرة التسويق لا يلغي مسؤولية الحق العام تجاه مفاعيلها.