تونس: عودة مدرسية بلا ضمانات التلقيح الشامل

30 اغسطس 2021
إلى المدرسة رغم المخاطر (ياسين قايدي/ فرانس برس)
+ الخط -

لم يبقَ إلا أيام قليلة على عودة التلاميذ الى المدارس في تونس، والتي تحدد موعدها في 15 سبتمبر/ أيلول، وهو التاريخ الاعتيادي سنوياً. لكن أصوات الداعين إلى تأجيل العودة بسبب استمرار تفشي فيروس كورونا وعدم تنفيذ عملية تطعيم شاملة للكوادر التربوية والتلاميذ، لا تزال عالية. والحقيقة أن قرار وزارة التربية بإطلاق العام الدراسي في موعده الاعتيادي لم يترافق مع مجموعة إجراءات يفترض أن تتبعها وزارة التربية في شأن الوقاية من الوباء، وحسم قرار اعتماد نظام الحصص كما الحال في العام الدراسي الماضي، أو تطبيق جدول دراسة منتظم، في وقت لا يمكن التكهن بتغيير القرارات بحسب وضع الوباء خلال العام الدراسي.
لم تخفِ نقابات التعليم والتربية خشيتها من إقرار العودة المدرسية قبل استكمال تلقيح أفراد الكوادر التربوية، وعدم بدء عملية تلقيح التلاميذ، خصوصاً أن متوسط عدد الوفيات في أوساط المدارس جراء عدوى فيروس كورونا بلغ، بحسب بيان أصدرته وزارة الصحة، 55 حتى 4 مايو/ أيار الماضي، أي قبل شهر واحد من نهاية الموسم الدراسي الأخير. أما عدد الإصابات بفيروس كورونا في صفوف التلاميذ خلال الموسم الدراسي الماضي فناهز 4366، كما سجلت 4760 إصابة في أوساط المدرسين، و968 إصابة بين المشرفين الإداريين والتربويين والمرشدين، و342 إصابة بين العاملين.
وهكذا بلغ مجموع الإصابات في الوسط المدرسي خلال الفترة الممتدة بين 15 سبتمبر/ أيلول 2020 و4 مايو/ أيار الماضي 10,436، مع تسجيل 10,220 حالة شفاء.
وكان التدريس توقف مرات خلال العام الدراسي الماضي نتيجة تفشي فيروس كورونا، قبل أن تدعو الجامعة العامة للتعليم الثانوي، والجامعة العامة للقيّمين والقيّمين العامين، والجامعة العامة لأساتذة السلك المشترك، والملحقين والمرشدين التطبيقيين للتربية، والنقابة العامة لمتفقدي التعليم الثانوي، والنقابة العامة لمستشاري الإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي، في مايو/ أيار، إلى ضرورة توفير شروط السلامة والوقاية بحلول موعد العام الدراسي الجديد، والاتفاق فوراً على تطبيق برنامج واضح ودقيق وعملي يسمح بتلقيح جميع الأساتذة والمعلمين، تنفيذاً لأولويات خضعت لنقاشات سابقة مع وزارة التربية. 

لكن ذلك لم يضمن إنجاز عملية تلقيح شاملة للكوادر التربوية من أساتذة ومعلمين، ولا إطلاق عملية تطعيم التلاميذ، علماً أن برنامج التلقيح في البلاد لا يشمل اليوم الفئات العمرية بين 18 و40 سنة، تمهيداً للانتقال إلى الأصغر سناً. 
والشهر الماضي، حذّرت نقابة التعليم الثانوي من عدم تمتع الكوادر التربوية بالمناعة التي توفرها اللقاحات، ولوّحت بمقاطعة العودة المدرسية في حال عدم إنجاز تلقيح شامل للكوادر التربوية والتلاميذ معاً، من أجل ضمان عودة مدرسية آمنة، وسير الدروس في شكل عادي. 

سيناريو التوقف الدراسي مرفوض
يشير كاتب عام نقابة التعليم الثانوي لسعد اليعقوبي لـ"العربي الجديد" إلى أن النقابة لا تريد العودة إلى سيناريو توقف الدروس مرات، كما حدث العام الماضي، والذي أثر على التلاميذ ولم يسمح بإكمال المنهج الدراسي، بالتزامن مع ارتفاع الإصابات في صفوف الأساتذة والمعلمين وكل الكوادر التربوية. 

متطوع من الكشاف يعقم غرفة صف (ياسين قايدي/ فرانس برس)
متطوع من الكشاف يعقم غرفة صف (ياسين قايدي/ فرانس برس)

يضيف: "تعتبر المدارس والمعاهد بين أكثر الأماكن التي تشهد تجمعات يومية، ووجود نحو 40 تلميذاً في غرفة واحدة قد يتسبب في عودة انتشار الوباء، لكنني أعتقد بأن اللقاحات المتوافرة اليوم والتي قدمتها دول عدة تعزز قدرة وزارة التربية على ضبط جداول التلقيح الكامل للكوادر التربوية والتلاميذ قبل العودة المدرسية". 
من جهته، يبلغ حمادي برقاوي، رئيس شبكة التربية والتكوين والبحث العلمي، "العربي الجديد" أن "إقرار العودة المدرسية في موعدها يجب أن يترافق مع قرارات تتعلّق بالإجراءات الوقائية من أجل ضمان سلامة الكوادر التربوية والتلاميذ، وكيفية ضبط إجراءات التباعد الجسدي داخل الفصل الواحد، ونظام الحصص الذي يجب أن يُعتمد لتفادي اكتظاظ الأقسام، خصوصاً أن التلاميذ لم يتلقوا جميعهم اللقاح الضروري في وضع وبائي خطر وانتشار كبير للعدوى". يضيف: "لا شك في أن اعتماد التدريس عبر أفواج يومية ساهم في تخفيف حدّة انتشار الوباء داخل المدارس والمعاهد، لكنه أدى أيضاً إلى عدم إكمال المنهج الدراسي". 

انطلاق حملة تطعيم لتلاميذ 
في 24 أغسطس/ آب الجاري، أعلنت وزارة الصحة بدء تسجيل الفئة العمرية من 15 إلى 17 سنة لعملية تطعيم تبدأ في 29 الجاري، شرط موافقة أولياء أمورهم. ودعت وزارة الصحة الأشخاص المنتمين لهذه الفئة العمرية والراغبين في التلقيح إلى التسجيل على التطبيق، واستخدام ولي الأمر الرمز الخاص الممنوح له في التطبيق لدخول التطبيق، وتأكيد موافقته الصريحة في الخانة المحددة لهذا الغرض، وسماحه للمعني بالتلقيح. 
وكانت زارة التربية أكدت أنه لم يعد يمكن اعتماد نظام الأفواج خلال العام الدراسي 2020-2021 الذي لم يقدم إلا نصف المنهج التربوي المحدد. وستعقد جلسات عمل عدة تجمع ممثلين عن وزارة التربية والنقابات التعليمية لمواصلة النظر في الاستعدادات المتعلقة بروزنامة العودة المدرسية، وتعميم التلقيح، وطرح تصورات لطريقة تدارك النقص الحاصل في البرامج الدراسية خلال العام الماضي.

المساهمون