تونس: سكان الجبال في مواجهة الحرائق وخسارة الأرزاق

30 يوليو 2021
مصالح الدفاع المدني جاهزة للتدخّل دائماً (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

يواجه سكان مناطق حرجية في تونس خطر الحرائق التي تطاول الغابات، بعدما امتدّت ألسنة النار إلى أكثر من منطقة في محافظات الوسط والشمال الغربي، وسط ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة التي تخطّت 50 درجة مئوية.

وبينما أعلنت مصالح الدفاع المدني أنّها تمكّنت من إطفاء 148 حريقاً من مجموع 450 تدخلاً بهدف إنقاذ الأرواح والممتلكات من النيران، أطلق ناشطون دعوات لإغاثة سكان المناطق الغربية المهدّدة بالنيران ومساعدتهم في تجاوز محنتهم بسبب خسائر كبيرة في الغطاء الحرجي تؤثّر على أرزاقهم والمحيط الذي يعيشون فيه.

يقول الناشط حسام حمدي لـ"العربي الجديد" إنّ "سكان المناطق الحرجية يعيشون أساساً ممّا يوفره الغطاء الطبيعي المحيط بهم"، لافتاً إلى أنّ "الحرائق المتواترة سنوياً صارت تشكّل تهديداً حقيقياً لمصادر رزقهم المستدامة، لا سيّما أنّ تجديد الغطاء النباتي وعودة دورة الحياة قد يحتاجان إلى أعوام من الوقت". يضيف حمدي أنّ "العائلات المتضررة من الحرائق في الجبال، هي بمعظمها فقيرة وتعتمد أساساً على تربية الماشية أو الدواجن أو النحل، وهي مشاريع صغرى تتضرّر من الحرائق، خصوصاً أنّ الأولوية في مثل هذه الحالات هي لإنقاذ الأرواح".

ويشدّد حمدي على "ضرورة عدم توقّف دعم المؤسسات الرسمية الخاص بإنقاذ الأرواح، وتوسيعه ليشمل إنقاذ مواطن الرزق في مرحلة لاحقة"، مشيراً إلى أنّ "العائلات التي فقدت مساكنها تقيم حالياً في مدارس وضعتها السلطات المحلية في تصرّفهم". ويتابع حمدي أنّ "حملات تضامنية تُنسَّق من أجل تخفيف وطأة الحرائق على المتضرّرين من خلال توفير مساعدات عينية وأخرى مالية سوف تصل إلى محتاجيها في الأسبوع المقبل".

وكان حريق في عمادة فجّ حسين التابعة لمعتمدية غار الدماء في ولاية جندوبة (شمال غرب) قد أدّى إلى احتراق منزلَين بالكامل وأربعة منازل أخرى جزئياً، فضلاً عن احتراق نحو 1500 هكتار من الأراضي. وقد تمّ إجلاء 48 شخصاً من منازلهم، وفق ما أفاد به المدير الجهوي للحماية المدنية بجندوبة العميد عادل العبيدي الذي شرح أنّ هذا الحريق نجم عن امتداد رقعة النيران من جبل تكرونة من ولاية الكاف (شمال غرب) بسبب الرياح منذ يوم الثلاثاء الماضي. يُذكر أنّ الغابات في أقصى الشمال التونسي تعرّضت لاعتداءات كثيرة، الأمر الذي استدعى استنفار الجمعيات البيئية، قبل أن تُطلق حملة التشجير الكبرى لتعويض خسائر الأعوام الماضية.

تجدر الإشارة إلى أنّ الغطاء الحرجي في مرتفعات تونس ليس ضحية الحرائق المتواترة فقط، بل يطاوله التخريب البشري. ويأتي ذلك بهدف سرقة الخشب من قبل مافيات الفحم. وقد استغلّ مخرّبون، في إبريل/ نيسان 2020، الحجر الصحي الشامل في البلاد على خلفية أزمة كورونا لقطع 400 شجرة زان معمّرة في منطقة عين سلام بمعتمدية عين دراهم في محافظة جندوبة. فأعلنت جمعيات بيئية حينها، تشكيل ائتلاف يضمّ محامين من أجل مقاضاة من تثبت إدانتهم بقطع أشجار الزان أو استهداف الغابات، ورأت أنّ هؤلاء يعبثون بالتوازن البيئي ويبيدون الغابات التي تمثّل أشجار الزان أحد أبرز معالمها.

المساهمون