تحصد حوادث السير حوالي ألف وفاة سنوياً في تونس، أي ما معدّله أربعة قتلى يومياً وأكثر من سبعة آلاف جريح، بحسب المرصد الوطني للسلامة المرورية.
ولا يستثني الموت على الطرقات أيّ مدينة أو جهة. وتحتل العاصمة تونس الصدارة في عدد حوادث السير بنسبة 20 في المائة بسبب الكثافة السكانية وارتفاع عدد العربات وعدم احترام إشارات المرور.
وتنتشر بصفة شبه يومية على مواقع التواصل الاجتماعي صور عدة لحوادث سير في العديد من الطرقات، سواء داخل المدن أو في المناطق النائية. وقد يؤدي الحادث الواحد إلى سقوط ما بين خمسة وسبعة قتلى. وتسببت بعض تلك الحوادث في مقتل عائلة بأكملها، خصوصاً مع حلول فصل الصيف.
وخلال الشهر الماضي، أدى حادث سير إلى وفاة سبعة أشخاص في منطقة الحامة بقابس، فيما توفي أربعة آخرون من العائلة نفسها في حادث آخر في ولاية بنزرت (شمال البلاد). ونشرت مصالح الحماية المدنية الشهر الماضي أرقاماً تفيد بوفاة 17 شخصاً في يوم واحد من جراء حوادث سير في جهات مختلفة.
وباتت سيارات النقل العمومي بين المدن تسجل حوادث بصفة أسبوعية تتسبب في وفاة البعض وجرح عشرات المسافرين، من جراء السرعة المفرطة.
ونشر المرصد الوطني للسلامة المرورية إحصائيات تفيد بتسجيل 2398 حادث سير منذ بداية العام وحتى الأسبوع الأول من شهر يونيو/ حزيران الماضي، بمعدّل 350 حادثاً شهرياً. وخلّفت تلك الحوادث 452 قتيلاً و3555 جريحاً. واحتلت السرعة المرتبة الأولى في أسباب تلك الحوادث، وتصدّرت العاصمة ترتيب المناطق التي شهدت أعلى نسبة من الحوادث ومعظم الضحايا من فئة الشباب.
كذلك حدد المرصد أبرز النقاط السوداء التي تكررت فيها حوادث السير لتحديد الأسباب. وأكد تسجيل أكثر من سبعة آلاف حادث في بعض السنوات خصوصاً عام 2017، فيما تمّ تسجيل قرابة 5 آلاف حادث سير عام 2020 بسبب الحجر الصحي وتراجع عدد السياح. وأشار إلى أنّه عادة ما تسجل أشهر الصيف النسبة الأعلى من تلك الحوادث بسبب التهور وسرعة القيادة، خصوصاً ليلاً.
وبحسب جمعية السلامة المرورية، فإنّ حوادث الطرقات سببها سلوكيات سلبية عدة، أبرزها التهور وعدم احترام إشارات المرور داخل المدن والقرى، والسرعة الفائقة، وخصوصاً في الطرقات السيارة، بالإضافة إلى رداءة العديد من الطرقات لا سيما في المناطق الداخلية والقرى، التي تسببت في 23.46 في المائة من إجمالي أسباب حوادث الطرقات عام 2019.
مؤخراً، أشار وزير الصحة علي المرابط إلى أنّ الإحصائيات المُتعلقة بخسائر حوادث المرور في تونس مخيفة جداً، بعدما بات المرصد الوطني للسلامة المرورية يُسجل وفاة أربعة أشخاص يومياً خلال السنوات الأخيرة، مضيفاً أنّ غالبية ضحايا هذه الحوادث من الشباب. كما أكد أنّ "استمرار هذا الوضع على حاله يعدّ خسارة كبرى لتونس"، داعياً إلى أهمية وضع استراتيجية شاملة ومشتركة للحد من حوادث المرور تشمل تغيير العقليات وتكريس ثقافة مرورية مبنية على السلوك الحضاري الواعي والالتزام بقوانين المرور.
وتنظم العديد من الجمعيات الخاصة بالسلامة المرورية حملات توعوية، لا سيما خلال فترة العطلة الصيفية التي تشهد فيها الطرقات عشرات الحوادث يومياً. ويقول رئيس جمعية تونس للسلامة المروية بلال الونيفي لـ "العربي الجديد" إنّه يتم تسجيل أكثر من ستة آلاف حادث سير سنوياً تُخلّف أكثر من ألف وفاة وحوالي 10 آلاف جريح، خصوصاً من الشباب. وتعتبر السرعة السبب الأول في تلك الحوادث يليها عدم احترام إشارات المرور، وعدم التقيّد بوضع حزام الأمان واستخدام الهاتف الجوال خلال القيادة.
يضيف: "على الرغم من الحملات التوعوية، إلا أنّ السلطات باتت تسجل خلال السنوات الأخيرة أرقاماً مفزعة تتعلق حوادث السير، التي وإن نجا منها العديد من الموت إلّا أنّها خلفت لهم إصابات بليغة وإعاقات مستمرة".
من جهته، يقول المسؤول الإعلامي في المرصد الوطني لسلامة المرور مراد الجويني لـ "العربي الجديد" إنّ المرصد يقوم بحملة توعوية كل عام بدءاً من شهر يونيو/ حزيران تحت شعار "عطلة آمنة"، وذلك من خلال التوعية على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى نشر لافتات على الطرقات السيارة تستمر حتى شهر سبتمبر/ أيلول، خصوصاً أنّ فترة الصيف تسجل توافد آلاف السياح، بالإضافة إلى تمتع الموظفين بالإجازات الصيفية لتشهد غالبية الطرقات اكتظاظاً كبيراً. ومع ذلك، تسجل أعلى نسبة من حوادث الطرقات خلال العطلة الصيفية بمعدّل 2000 حادث تخلّف أكثر من 300 قتيل ونحو ثلاثة آلاف جريح خلال فترة الصيف فقط".
ويؤكد أنّها "إحصائيات رسمية تسجل وفق معطيات المرصد وأجهزة الحماية المدنية خلال الأربع سنوات الأخيرة والمتعلّقة بالفترة الصيفية، وسببها الأساسي السرعة الفائقة".
وتعد حوادث السير خامس سبب وفاة في تونس بحسب الإحصائيات الرسمية. كما تُخلّف خسائر اقتصادية كبيرة، خصوصاً في قطاع التأمين.